أبو ظبي ـ وكالات
عن دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، وضمن سلسلة الدراسات المسرحية التي تتبنى الدائرة إصدارها، صدر أخيراً كتاب «أسئلة الرمل.. بُينة الدراما والتأويل والوعي في نصوص اسماعيل عبدالله المسرحية»، للباحث والكاتب المسرحي العراقي أحمد الماجد. يبين المؤلف في مقدمة الكتاب الأسلوب الذي اتبعه: «حاولت من خلال هذا الكتاب، ألاّ يكون مجرد تأريخ أو توصيف أو تجميع لنصوص كاتب مسرحي فحسب، بل عملت جاهداً على أن يكون مرجعاً لأهل المسرح، وفق طروحات تناولتُ من خلالها دراسة تحليلية وتفكيكية للمنهج الذي يتبعه الكاتب اسماعيل عبدالله في سبر نصوصه المسرحية، إذ إننا بصدد الدخول إلى عالم إنساني بحت اختاره اسماعيل ليكون عالمه الذي تبناه في مجمل خطابه المسرحي، والذي أراه مجدداً في بنية الدراما والجمال والوعي في النص المسرحي الإماراتي». وفي تمهيد الكتاب الذي يقع في ?300 صفحة، يسرد الماجد سيرة ذاتية وتاريخية عن الكاتب اسماعيل عبدالله، من اجل تعريف القارئ بشخصية اسماعيل الحياتية والمسرحية، متطرقاً إلى جوانب كثيرة من حياته منذ النشأة في مدينة خورفكان بإمارة الشارقة وحتى يومنا هذا. ويطرح المؤلف نظرة عامة عن النص المسرحي الإماراتي والنص المسرحي العالمي، من أجل معرفة الكاتب اسماعيل عبدالله مكانة الكاتب بين أقرانه أو من سبقه أو من جاء بعده، بعدها يتناول المؤلف المتون الحكائية لنصوص اسماعيل عبدالله المسرحية. يبدأ الماجد الفصل الأول، الذي جاء تحت عنوان «المادة الخام والحكاية الدرامية عند اسماعيل عبدالله» بإبراز كبرى المشكلات التي تواجه الكاتب المسرحي، وهي مسألة استكشاف المادة الخام أو الحكاية الدرامية أو الفكرة التي يستطيع أن يشكل منها عقدته ويطور شخصياته ويكتب حواره، فالقدرة على استكشافها تستلزم ان تكون لدى الكاتب المسرحي ذخيرة من المعرفة بالناس وبسلوكهم، وملاحظة قوية لكل ما حوله، ثم خيال حي وتفكير قوي، وعمله الأهم أن يزاوج بين تجارب شخصياته المسرحية وتجارب جمهوره، وأن يربط بين هذه وتلك برابطة السمات الشاملة العامة التي يخضع لها كلا الطرفين. هذا بالضبط ما يقوم به الكاتب إسماعيل عبدالله حين يبدأ في الشروع في كتابة نص مسرحي، أو ربما تكون المادة الحكائية إحدى الصفات التي امتاز بها حينما دقق كثيراً وأمعن في الحكايات التي عمل على تحويلها إلى مادة مسرحية تعيش أول ما تعيش فوق الخشبة. وفي الفصل الثاني الذي جاء تحت عنوان «الاشتغال على الوحدات الثلاث»، يعالج الماجد قضية بناء الوحدات الثلاث (المكان، الزمان، الموضوع) عند اسماعيل عبدالله، التي تعتمد أول ما تعتمد على المضمون الذي يحمله النص، وما يريد إيصاله إلى المتلقي، وهي تتغير وفقاً لتلك المعطيات، بوصفها ركناً من أركان النص المسرحي، والوعاء الذي يحوي الشخصيات، ويدير الصراع وشكل الحوار واللغة وجميع عناصر العرض المسرحي، ولأنها من تحدد ماهية النص وشكله ومستوياته وتعدده، وكذلك هي الجزء الذي يثير سؤالاً لا في ذهن ومواقف الأبطال فحسب، بل في كيفية رؤية النص الذي يؤسس لمنظوره التأويلي في ضوء المعطيات ذاتها. وجاء الفصل الثالث مخصصاً للشخصية، تحت عنوان «بناء الشخصية في نصوص اسماعيل عبدالله المسرحية»، إذ أعطى المؤلف مساحة كبيرة من كتابه في هذا الفصل، مؤكداً أن الشخصية في نصوص اسماعيل عبدالله لها مكانتها الخاصة ومقامها الرفيع، بل إنها تجلس على عرش النص. ويؤكد الفصل الرابع الذي أتى بعنوان «لغة اسماعيل عبدالله المسرحية»، الخصوصية التي يمتاز بها اسماعيل عبدالله في سبر اللغة الشاعرية والشعرية، إذ يجمع عبدالله لغات متنوعة عدة، ويسبرها في قالب واحد، لتتشكل منها لغته المسرحية الخاصة، فهو يضع الشعرية والشاعرية والفرجة التي تستدعي الأشكال الشعبية، وكذلك الصمت وتأويلاته، الذي يؤدي إلى رسم لغة شعبية محلية لها خصوصيتها، ولها ميزاتها التي صنعت لهذا الكاتب مساراً مختلفاً يمتاز به عن بقية أقرانه من كتّاب المسرح. كذلك يذهب المؤلف في هذا الفصل إلى الأساليب البلاغية في لغة اسماعيل عبدالله، مشيراً الى ان البلاغة جاءت قبل اللغة لأنها تتصل بالكلام، وأول تحديد جذري لها أنها تنطلق من بنية عميقة في جوهر الفكر الذي يؤمن به اسماعيل عبدالله، قد لا تفصح موضوعاته وعناوين قصصه ومسرحياته وقصائده عنها بقدر ما تحمل الأساليب البلاغية بعداً لا مرئياً عميقاً آتياً إلى كلماته وصوره من اهتماماته الفكرية القديمة، فهي بمثابة توجهات الكاتب وأرضيته التي يستند إليها، وتتصل عملياً بطريقة تنظيم أفكاره والرؤية الجمالية التي ستظهر لاحقاً في نتاجه. وفي الفصل الخامس يعرج الماجد على «معمار النص المسرحي عند اسماعيل عبدالله». وفي الخاتمة يؤكد الماجد أن اسماعيل عبدالله مرّ بمرحلتين: الأولى وهي مرحلة البدايات وارتدت ثوب الواقعية، والثانية وهي مرحلة النضج الكتابي، وأخذت طابع الرمزية، عدا عن بعض النصوص القليلة التي اتخذت أشكالاً أخرى.