الرواية

تنطوي رواية (نصف قمر) للكاتبة الاردنية عهود السرحان الصادرة حديثا عن دار زهران للنشر بعمان على جملة من الهموم والطموحات الانسانية التي تنبش بالواقع في اتكاء على ماض من قيم وبساطة واصالة الاسلاف.

تطفو صفحات الرواية على صفحات مكتسبة آتية من موروث ثري من الرؤى والقصص والحكايات التي تفيض باخيال رحب برع قلم الكاتبة توظيفه في نص من التداعيات المغموسة بدواخل ووجدانيات مفعمة بالرومانسية العذبة رغم كل العذابات والاحلام المجهضة.

تنزع الرواية الى الانفلات من فطرة الخوف والانعتاق من تلك الثوابت التي تواجه مصائر فتاة رقيقة المشاعر في بيئة ذكورية منذورة للصعاب.

ترسم الكاتبة بفطنة صورا لشوارع عمان تتأمل فيها ازدحام المركبات في ليلة عيد كانها نمل في ساحة مليئة بالعسل مثلما تضيف بلمسات بصرية اغوار فتاة باسلوبية الراوي حيث التشويق في السرد وسلاسة الانتقال بين الشخصيات وايضا القدرة على الاحاطة بتلك التفاصيل المتفرع عنها احاسيس دفينة تقود في بعض المواقف والمحطات الى ما هو اشبه بالسراب بحكم انكسارات الروح والصد والغيرة والقسوة في العلاقات وهناك الملاذ الآمن حضن الأم القادر على اعادة الطاقة والحيوية واستعادة الذكريات.

تستهل الكاتبة عهود السرحان الرواية باشارة تكاد تلخص فيها صفحات الرواية التي زادت عن الثلاثمائة، الى انها تكتب نصها الروائي من وحي: "سطور وهمية، ملقية اعقاب قلم قديم، ونافثة غبار المستقبل، وهذا يعني قسرا اني تغيرت"، لافتة "لا املك جاذبية زهرة النرجس لاكون نرجسية المنشأ انا ابسط من ذلك بكثير .. زهرة اقحوانية. . فلم اكن يوما نجمة لاحلم ان اصير القمر .. فالألم دفعة قوية الى هاوية تبدأ بسلم الصعود الى القمر".

توزع النص الروائي على عدد من العناوين الفرعية هي : أنا، تفاحة ادم، جنون،ميلاد،اليأس،رسائل لم تصل،ضياء نصف القمر،في رحم الحلم تنجب الحقيقة، رجاء، أمل،فادي، الحزن،ربيع في منتصف الخريف، ملاك المصير، في عمق بئر، وعين الحقيقة، وعلى الغلاف الاخيرة للرواية يطالع القاريء جزءا من مناخات الرواية العذبة : "ان تظن الحياة انتهت على اعتاب شخص .. وان الطريق الطويل للبحث ها قد انتهى .. وان الفشل الذريع ليس سوى فشلك .. وان الهاوية التي سقطت مكانك الابدي .. النظر الى الاعلى راجيا الله الخلاص .. فقط الخلاص مم انت فيه دون التطلع للمستقبل .. وان كان الطريق الطويل لم يبدأ بعد .. لم يبدأ ما كنت تظنه قد انتهى.." .