صنعاء – صوت الإمارات
لم يعجب الأمر جماعة الحوثيين، فأوعزت لرسامين مبتدئين طمس معالم اللوحات التي رسمها نبيل وفريقه، واستبدالها بلوحات تمجد الجماعة. هكذا يلخص الفنان اليمني مراد سبيع (28 عاما)
الذي شبك يديه خلف ظهره، ووقف بزيّه التقليدي اليمني (الجنبية والثوب) يحدق في لوحة زيتية، ونظراته تعكس الألوان الأخاذة في اللوحة، ثم أشار بيديه وهو يحدث صديقه عن لوحة أخرى رسمت باللون السماوي وفيها حمامة بيضاء تحلق، وكتب على جانبها "على هذه الأرض ما يستحق الحياة".
على بعد أمتار تجمع عدد من الشبان لرسم لوحة أخرى، يقودهم، من الموهوبين والمحترفين، لتنفيذ حملة "الرسم المفتوح على جدران الشارع"، وخلال الأيام الثلاثة الماضية رسموا عددا من اللوحات في شارع الرباط وسط العاصمة صنعاء.
أضفت تلك الصور جمالا على المدينة التي عانت من فصول الحرب منذ مطلع العام المنصرم، ولم تكن تلك الحملة التي أطلقها "سبيع" هي الأولى، فقد سبق أن نفذ جداريات متنوعة، وباتت جدران الشوارع فضاء حرا للتعبير عن آرائهم وأفكارهم.
وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية دشن سبيع حملات رسم عدة، مثل حملة "لوّن جدارَ شارعك"، و"الجدران تتذكر وجوههم"، و"12 ساعة"، وكانت تلك الحملات الفنية تهدف إلى محو الكراهية، وتذكر المخفيين قسريا، بالإضافة إلى أفكار تنشد الدولة المدنية.
وتشكل لوحات سبيع وفريقه أحد مظاهر معارضة العنف والحرب في اليمن، وينشد الفريق من خلال تلك الحملة أن يعم السلام في ربوع البلاد، وأن تشكل لوحاتهم دعوة جديدة لوقف العنف المندلع فيها منذ اجتياح الحوثيين العاصمة صنعاء أواخر 2014.
يشارك في الحملة العشرات من الشبان والشابات، بينهم أطفال، نسجوا بمخيلاتهم الصغيرة على الأسوار الصامتة لوحات حية تنبض بالجمال وتتحدث بشخصية جديدة لم يألفها المجتمع اليمني من قبل.
ولم يقتصر الفعل الجمالي على الشبان الذين أطلقوا الحملة الثلاثاء الماضي، بل شارك فيها جنود ورجال أمن، وعلى أحد الجدران شرع جندي في خلط الألوان البيضاء والحمراء، بينما يتدلى سلاحه "الكلاشينكوف" من كتفه، ووقف زملاؤه منبهرين باللوحة.
ويذكر الجرافيتي (فنان الرسم على الجدران)، تمام الشيباني، وهو أحد المشاركين في الحملة لـ"الأناضول"، إن فكرة الحملة جاءت مواصلة لتجسيد يوم الـ15 من مارس، يوما مفتوحا للرسم، الحملة بلوحاتها الفنية البسيطة التي شارك فيها عدد لا بأس به من المدنيين، تدعو وتعبر عن الحياة والأمن والسلام، وتنبذ العنصرية والتطرف والمناطقية التي بدأت تستشري بين أطياف المدنيين".