عياش يحياوي

أحيا مثقفون وكتاب أمسية متنوعة، في مجلس مدير عام الهيئة الاستشارية في مجلس التعاون لدول الخليج العربية،نجيب الشامسي، بمنطقة الظيت في مدينة رأس الخيمة، في إطار سلسلة الأمسيات الثقافية والأدبية، التي يستضيفها الشامسي في منزله . قدمها وأدارها د . هيثم الخواجة، المسؤول الثقافي في فرع اتحاد كتاب وأدباء الإمارات برأس الخيمة .
وتناول عياش يحياوي، الباحث في التراث الإماراتي في كتابه الجديد (الناقة في الشعر النبطي بالإمارات، مقامات الأمومة ومسرات الجمال)، الصادر مؤخرا، مشيرا إلى أن الكتاب تناول موضوعا جديدا في الإمارات، يسلط الضوء على محاور تتصل ب"الناقة" في الشعر النبطي والفكر الإماراتي، في حياة البدو تحديدا وأبناء المجتمع الإماراتي إجمالا .
ولفت يحياوي إلى أن الكتاب الجديد يبحث في موقع "الناقة" في المعتقدات القديمة لأبناء الإمارات، ما قبل الإسلام، حين كانت تحتل موقعا مركزيا في تلك المعتقدات، وترتبط ارتباطا وثيقا بحياة الناس، ما جعلهم يدفنونها بالقرب من موتاهم، اعتقادا منهم أنهم سيبعثون يوم القيامة مع رواحلهم، ويسيرون بين الخلق حينها على ظهورها، وهو ما يفسر اكتشاف قبور الإبل في عدد من مناطق الدولة، منها مدفن الإبل القديم في موقع المليحة الأثري بالشارقة . 

وأشار يحياوي إلى وجوه من الشبه بين الشاعر النبطي في الإمارات والشاعر العربي القديم إبان الجاهلية، في وصف الناقة تحديدا، في ظل دقة الطرفين في وصف خلقها وجسدها وصور جمالها، كوصف عنقها بـ"الهلال"، ووصف ساقيها الأماميتين بالرماح، مؤكداً أن أبناء الإمارات هم أبناء صحراء، وهو ما عبروا عنه في شعرهم الشعبي، ف"الناقة والصحراء" مرتبطتان ببعضهما بصورة وثيقة، وهما من ركائز التراث الوطني والشعبي الإماراتي .

وأوضح يحياوي أن الناقة، الحاضرة في يوميات وحياة البدوي العربي، ارتبطت في الشعر الجاهلي بأسئلة وجودية، وهو ما غاب عن الشعر النبطي الإماراتي، في ضوء الثقافة الإسلامية، التي أجابت عن الأسئلة الوجودية المركزية، لتتبقى من تراث الشعر الجاهلي في الشعر الشعبي والنبطي الإماراتي أوصاف الناقة، لافتا إلى أن الصفات والمقاييس المعتمدة لجمال الناقة لدى لجان التحكيم في مسابقات الهجن في الدولة والمنطقة حاليا تكاد تكون متطابقة مع سمات جمالها وقوتها لدى الشعراء البدو والشعراء العرب القدامى . ولفت يحياوي إلى التحول الكبير، الذي عرفه أبناء الإمارات في حياتهم، بداية من خمسينات القرن الماضي، بظهور السيارات، ليحدث ما وصفه بشعور الإبل، لاسيما الناقة، بحالة مزاجية ونفسية عكسها شعراء الإمارات آنذاك في قصائدهم، أشبه بـ"انزعاج" مجازي، بعد ان افتقدت وجود البدوي معها، وبسبب تحول أنظار البدو وبقية شرائح المجتمع من الناقة والإبل عامة إلى "السيارات" الحديثة الطارئة في حياة الناس وقتها، مشيراً إلى أن بعض شعراء الإمارات في تلك الحقبة، كصالح بن عزيز المنصوري، تحدثوا على لسان "الناقة" في عدد من قصائدهم، التي تناولت موضوع مشاعر الإبل تجاه تراجع دورها وانصراف الاهتمام عنها إلى السيارات، أوردوا فيها أحاديث على لسان الناقة، على شكل حوار مع صاحبها أو الشاعر، يحمل عتاب سفينة الصحراء إليه، جراء تركها مع عمال غريبين عنها وعن الإمارات، لا تفهم لغتهم ولا يفهمونها، بينما هي عربية مثله وبنت هذه الأرض .
وقرأ الشاعر حسين لوتاه مجموعة من قصائده، باللهجة الإماراتية المحكية، تناولت موضوعات الوطن والمرأة والحب وقضايا إنسانية، نالت إعجاب الحضور وتفاعلهم، مطالبين الشاعر بقراءة المزيد من نتاجه الشعري، الذي اتسم بإحساس بالغ وصور ثرية ومعبرة، لملامستها معاناة الإنسان المعاصر وآماله وعواطفه .

الشاعر يوسف الديك قرأ بعض قصائد ديوانه الجديد، الصادر مؤخرا بعنوان (مزلاج الأنوثة)، منها قصائد بعنوان "بلا سبب"، و"قالت الطرقات"، و"لو باعني الهندي حلما"، و"حقيقة"، وغلب عليها البعدان الوجداني والإنساني، وتميزت بالتكثيف والاختزال، وحملت في طياتها مواضيع المرأة والوطن والمشاعر الإنسانية .
واختتم الأمسية د . تيسير الخطيب، الباحث الموسيقي، الذي تطرق في مداخلته إلى الموسيقى وارتباطها بالشعر والإيقاع، لافتا إلى وجود إيقاعات غير مكتشفة في الكون والحياة اليومية حتى الآن، كصوت أمواج البحر، مؤكدا أن الموسيقى مرتبطة بصورة وثيقة بحياتنا اليومية .