بيروت-أ ش أ
أقيمت ندوة لتكريم أحمد فؤاد نجم ضمن فعاليات معرض بيروت العربي الدولي للكتاب، نظمها النادي الثقافي العربي ، شارك فيها ناشر صحيفة السفير طلال سلمان، وكريم مروة، وعضو النادي سامي مشاقة، وقدمها الروائي والصحفي أحمد علي الزين الذي استهلها بعرض حلقة من برنامجه، الذي يعرض على قناة العربية "روافد"، والتي كان قد استضاف خلالها الشاعر الراحل.
وتخلل الندوة تحية فنية لأحمد فؤاد نجم، اشتملت على باقة من أغاني الراحل.
واعتبر مشاقة أن الديوان الشعري الأول لنجم الصادر في العام 1972 تحت عنوان "يعيش أهل بلدي" وجّه نقدا صارما لأبرز الرموز الثقافية والسياسية والفنية، وقد أحدث الديوان فور صدوره دوياً هائلاً في الأوساط الثقافية والشعبية والرسمية ومن هنا كان هذا الديوان الكتاب الأكثر مبيعا في معرض بيروت العربي الدولي للكتاب للعامين 1972 و1973.
وقد أعيد طبع هذا الديوان خمس مرّات متوالية في بيروت.
وبرأي مشاقة فإن المرحلة الأهم في المسيرة الشعرية لنجم والتي دعمت قامته الشعرية، ومنحته فائضا من القوة والنجاح والانتشار، هي تلك الرحلة الشيّقة والممتعة التي جمعته بالشيخ إمام، الملحّن الضرير والمغني الشعبي.
فقد شكّل هذا اللقاء ثنائيا شعريا غنائيا بحيث أصبح حديث المنتديات الثقافية على ساحة الوطن العربي.
وقال طلال سلمان "لقد أسعدني حظي بأن عرفت هذين المبدعين أحمد فؤاد نجم والشيخ إمام في وقت مبكر نسبيا، أواخر الستينات... كذلك مكنتني رحلاتي المتكررة إلى القاهرة بداية السبعينات أن أعرف عن قرب هذا الثنائي المبدع الذي كان يتوغل في جراحنا بالشعر، معززاً بالألحان التي تستثيرنا، فنرد عليها بالتصفيق وإطلاق آهات التحسر، متخوفين من أن نذهب مع أحلامنا بالثورة إلى أبعد مما يتيحه الواقع".
وأضاف : على أن الفاجومي لم يكن يملك متعة اليأس، فهو يعيش بأمله في التغيير، فإذا صمت مات... كان صعلوكا بغير ادعاء بل انه لو خرج من الصعلكة لمات".
واعتبر سلمان أن "نجم لا يحتاج إلى شهادة من أحد بأنه واحد من كبار شعراء جيلنا.
لقد اقتحم بالعامية المصرية معززة -بنقاء الصورة وزخم التعبير- الوجدان العربي في مختلف الأقطار المهددة الآن بالتمزق، في أتون الحرب الشعبية. هو شاعر فحل، كما يقال في المديح، وهو صعلوك، كما يقال في المديح أيضاً"، مشيرا إلى أنه "ابن البلد الأصلي، مرهف الإحساس في قلب الفقر، مبدع بعزة الأصالة فيه.
وتابع قائلا : لقد تجاوز مصريته إلى العروبة، فغنى الثورة والثوار، غنى فلسطين ولبنان والجزائر بل إفريقيا عامة.
وهو قد استخدم الكاريكاتور والصورة البسيطة باللهجات المصرية المحكية، صعيدية وبحراوية وقاهرية، فكانت أفصح في التعبير عن الحب كما عن الغضب، في الدعوة إلى الثورة عبر انسنة الوطن لا تجريده .
واعتبر مروة بداية أن غياب نجم لا يمكن أن يغيّبه من ذاكرة الأجيال القديمة والجديدة. فهو شاعر الثورة وشاعر الشعب في آن.. وإذ نتذكره اليوم فإننا نتذكر معه بالضرورة الشيخ إمام شريكه ورفيق دربه، فقد تحوّلا معاً إلى ظاهرة من نوع فريد، وهي ظاهرة جمعت في شكل رائع بين ظاهرة الشاعر الشعبي النقدي المعبّر في شعره عن معاناة شعبه وعن أحلامه، وظاهرة الملحن والمغني الذي كان صوته يهدر بإسم الشعب المصري ويعبّر عن ضميره.
وتناول مروة حياة نجم منذ طفولته ومعاناته الفائقة الشدة منذ طفولته مع الفقر والقهر ولم يكن أمامه سوى الصبر ليخرّج منها ثائراً على المجتمع وعلى كل السلطات، وحوّلته ثورته إلى شاعر كبير، شاعر يعبّر عن مشاعر شعبه وعن معاناته، ولم يلبث أن صار في سيرته الشعرية مكملاً لجيل سابق عليه من شعراء مصر باللهجة الشعبية بيرم التونسي وفؤاد حداد اللبناني الأصل وصلاح جاهين.
واعتبر مروة أن نجم رأى الأجهزة الأمنية تناقض ما كان يسمعه في خطب الرئيس جمال عبد الناصر، وكان هو بالذات ورفيق دربه الشيخ إمام من بين الذين دفعوا ثمن ذلك التناقض، فكانا يدخلان إلى السجن ليعودا إليه من جديد في أعقاب قصيدة هنا وأغنية هناك.
وأشار مروة إلى أن نجم لم يهادن في شعره جميع السلطات في مصر، برغم بعض التقلبات التي قادته إلى مساومات سياسية هنا وهناك وهنالك في العالم العربي، وهي قضية سبقه إلى مثلها بعض الشعراء العرب الكبار.