الشارقة - صوت الإمارات
تحت عنوان "العلاج بالشعر"، استضاف بيت الشعر في الشارقة، مساء أمس الأول، ندوة قدمها الدكتور غانم السامرائي، استهلتها أمسية شعرية شارك فيها عبدالرزاق الدرباس، وشيخة المطيري، وأدارها الزميل محمد أبو عرب .
وتنوعت قراءات الشاعرين، بتنوع تجاربهما، إذ انحازت المطيري إلى الرثاء، بقصائد محملة بالصور ومشغولة بلغة صافية، تتلمس فيها حقيقة المشاعر الإنسانية بحس عالٍ، إذ قرأت في قصيدتها التي حملت عنوان "عن بعض الحي":
شاي وحكايات
ووجوه ترحل ثم تعود
ماذا قالت أقدام الأطفال
لهذا الشارع
قدماي المسرعتان
أنهكها صوت خطاك
هل كنت هناك؟ .
وألقى الدرباس عدداً من القصائد التي تنتمي للشعر العمودي، يتوقف فيها عند الشأن الإنساني العربي، معيداً تقديم الأحداث الجارية من حروب ونزاعات، شعرياً، ولم تخل قصائده من الحس الوجداني واستنهاض المشاعر بالاشتغال على مفهوم الخريف، والورد، والغياب، والحب، وغيرها، فقرأ في قصيدة بعنوان: "كفن الياسمين":
ما اسم الذي قد جرى بيننا
أحب ترى؟ أم عذاب الضنى
أدفقة شوق غذاها الحنين
أم الحسرات ووهج العنا
نسميه بوح النفوس الشجي
ونزف جراح الهوى حولنا
وقدم الدكتور غانم السامرائي قراءة نقدية في سونيتات الشاعرة الإنجليزية إليزابيث باريت براوننغ، كنموذج لواحدة من التجارب الشعرية العالمية التي أسهم الشعر في شفائها، فسرد حكايتها مع الشعر وتكون ثقافتها بقوله: "كانت الشاعرة من أبرز شعراء العصر الفيكتوري، ولدت لعائلة متشددة كانت تمنع اختلاط فتياتها بالرجل، وتقدم لهن التعليم في البيوت، فتعلمت الشاعرة في سن مبكرة بعض اللغات وراحت تقرأ وهي ابنة الثامنة من عمرها قصائد أهم الشعراء الغربيين، ونصوصهم، إضافة إلى الكتب التاريخية،والفلسفية، وغيرها من الكتب التي جعلت منها مثقفة وشاعرة فذة في سن بكر" .
وتابع: "ظلت الشاعرة تكتب قصائدها وتمارس حياتها بانتظام وسعادة، إلى أن تعرضت لحادثة سقطت فيها عن ظهر الفرس، وأصيب عمودها الفقري، أجبرها ذلك على المكوث في غرفتها لسنوات، كانت فيها تعيش باكتئاب شديد يخففه عنها أخوها الذي ظل يلازمها، إلا أنها ذات يوم اختلفت معه خلافاً حاداً، فتركها وغادر إلى البحر، وغرق ومات في تلك الحادثة، فشعرت بالحزن والأسى الشديد الذي جعل منها غارقة في الكآبة لسنوات وفقدت صحتها تماماً" .
ويضيف: "في تلك الفترة كان أصدقاء العائلة يأتون إلى قصر والدها للاطمئنان عليها والجلوس معها، وفي أحد الأيام جاء الشاعر روبرت براوننغ، لكن لم يحالفه الحظ للقائها، ليسفر هذا عن رسائل ظلت تتبادل بينهما إلى أن وقع براوننغ بحبها، فكتبا أجمل السونيتات الغزلية الشهيرة في تلك الفترة موضحاً أن السوناتة تتكون من أربعة عشر بيتاً شعرياً وتكتب في الأصل حين يكون الحب من طرف واحد ويعيش الآخر عذاب هذه العلاقة .
ويوضح "أنه في تلك الفترة بدأت إليزابيث تتعافى من مرضها وبدأت تخرج من الاكتئاب، إلى أن قررت مع براوننغ الهجرة إلى إيطاليا حيث الشمس، وهناك تزوجا، وعادت للشاعرة صحتها كاملة" .
ويؤكد السامرائي عبر تجربة الشاعرة إليزابيث كيف أسهم الشعر في استشفاء الشاعرة، مشيراً إلى أن نموذج هذه الشاعرة ينطبق على الكثير من التجارب الشعرية عبر تاريخ الإبداع .