أبوظبي – صوت الإمارات
أصدرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، التابعة للأمم المتحدة، في أبريل 2016 أحدث تقاريرها الذي حمل عنوان "حالة المناخ العالمي"، والتي استعرضت خلاله الأخطار الناتجة عن التغير المناخي والظواهر المناخية التي شهدها العالم عام 2015، من ارتفاع حاد في درجات الحرارة، وصلت إلى مستويات قياسية، في ظل هطول معدل غير مسبوق للأمطار، وموجات جفاف شديدة، ونشاط للأعاصير المدارية، وتواصل ارتفاع محموم لدرجات الحرارة خلال العام الجاري.
إن تطوير وتعزيز أمن الطاقة من ناحية، والتعامل مع التغير المناخي من ناحية أخرى، قد يظهران منذ الوهلة الأولى على أنهما هدفان متناقضان، في حين أنهما في حقيقة الأمر يصبان في اتجاه واحد، فالدول تواجه تحديات توفير إمدادات طاقة موثوقة يسهل الحصول عليها، وفي الوقت ذاته تحاول الحد من الانبعاثات الكربونية.
واستكمالاً للجهود المبذولة، توصل مؤتمر باريس للمناخ في ديسمبر 2015 إلى اتفاق تاريخي لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري التي تهدد كوكب الأرض، وقد شكل المؤتمر منصة مهمة لجميع أعضاء اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ لمناقشة كيفية تطبيق بنود اتفاقية باريس. وللمرة الأولى منذ أكثر من 20 عاماً من بدء مفاوضات الأمم المتحدة، توصل ممثلو الدول الـ195 المشاركة في المؤتمر إلى اتفاق ملزم لمكافحة ظاهرة التغير المناخي، والعمل على إيجاد حلول للحد من الاحتباس الحراري، بما لا تتعدى درجتين مئويتين.
وانطلاقاً من كونها عضواً في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، بادرت دول مجلس التعاون الخليجي بتنفيذ عدد من المبادرات الخضراء، في إطار جهودها لتحقيق المواءمة والانسجام مع الاتجاهات الدولية في الاقتصاد الأخضر.
وفي أبريل 2016، شهدت مدينة نيويورك الأميركية مراسم توقيع اتفاقية المناخ التي تم التوصل إليها في "مؤتمر باريس 2015". ووقعت 171 دولة الاتفاق التاريخي الذي يحدد هدفاً طموحاً، يهدف إلى الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري.
وفي سياق الجهود العالمية، استضافت مدينة دبي خلال العامين السابقين، فعاليات القمة العالمية للاقتصاد الأخضر، وذلك ضمن مسيرتها الرائدة نحو تحقيق طموحاتها الرامية لتعزيز مكانة دبي عاصمة عالمية للاقتصاد الأخضر، إضافة إلى توفير منصة مثالية تجمع كبار الخبراء في مجال الاقتصاد الأخضر، لمناقشة تعزيز إبرام الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتطوير مبادرات خضراء لتحقيق مستقبل مستدام.
وتنطلق "القمة العالمية للاقتصاد الأخضر 2016" تحت شعار رئيس جديد "دفع مسيرة الاقتصاد الأخضر العالمي" يومي الخامس والسادس من أكتوبر المقبل، وتهدف من خلاله إلى تفعيل توصيات ومخرجات "إعلان دبي"، التي أعلن عنه في الدورات السابقة، ومساعدة دول المنطقة على تحقيق الأهداف المشتركة مع اتفاقية الأمم المتحدة للمناخ 2015، ومؤتمر مراكش، وأهداف التنمية المستدامة 2030 للأمم المتحدة.
وتعمل دبي بشكل دؤوب وحثيث على دفع عجلة الاقتصاد الأخضر، من خلال إطلاق سلسلة مبادرات تم الإعلان عنها على مدار العام الماضي، ففي 28 نوفمبر من عام 2015، أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "استراتيجية دبي للطاقة النظيفة 2050"، التي تهدف إلى توفير 7% من طاقة دبي من مصادر الطاقة النظيفة بحلول عام 2020، وزيادتها إلى 25% بحلول عام 2030، و75% بحلول عام 2050.
وتتكون الاستراتيجية من خمسة مسارات رئيسة، هي: البنية التحتية، والبنية التشريعية، والتمويل، وبناء القدرات والكفاءات، وتوظيف مزيج الطاقة الصديق للبيئة.
نفخر بالإنجازات التي حققتها دولة الإمارات في هذا المجال، إذ تمكنا من تحقيق نجاحات متميزة، خصوصاً في مجال استخدامات الطاقة الشمسية، وتم تسجيل رقم عالمي جديد في مجال كلفة الطاقة الشمسية الكهروضوئية، بعد حصولنا على أدنى سعر عالمي بلغ 2.99 سنت/دولار لكل كيلوواط في الساعة بنظام المنتج المستقل للمرحلة الثالثة، وبقدرة 800 ميغاواط من "مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية"، التي سيتم تشغليها في عام 2020.
وتكمن أهمية المجمع في كونه الأول من نوعه في المنطقة من جهة، ومن جهة أخرى في قدرته الإنتاجية، إذ إنه باكورة مشروعات واعدة لاستخدام الطاقات المتجددة في توليد الطاقة الكهربائية في إمارة دبي.
ويشكل عام 2016 محطة محورية في مسيرة دبي نحو التنمية المستدامة، وتعزيز إسهاماتها في تطوير مقومات الاقتصاد الأخضر، ومع الإعلان عن "استراتيجية دبي للطاقة النظيفة 2050"، ستحظى المبادرات المتعلقة ببرامج ترشيد استهلاك المياه والطاقة بمزيد من الزخم، وستلعب دوراً مهماً في تسليط الضوء على قدرات دول المنطقة لتعزيز إسهاماتها في مجال الاقتصاد الأخضر على مستوى العالم.