يسعى نادي باريس سان جيرمان لكرة اليد إلى تخطي عقبة فريق دانكارك في نصف نهائي الكأس في محاولة منه لضم لقب البطولة إلى خزائنه بعد التتويج بلقبه الأول على مستوى الدوري قبل أربع مراحل عن نهاية الموسم، الذي كان تاريخياً عن جدارة. كان الحدث تاريخياً على جميع الأصعدة ببساطة لأنّه اقترن بباكورة الألقاب الباريسية على مستوى الدوري ما كسر به احتكار مونبيلييه للقب الذي تُوّج به في 8 مناسبات خلال عشر السنوات الأخيرة، وما دعّم الابتهاج به تلك الطريقة التي حُصد بها هذا الإنجاز الذي يبطن داخله عملاً جبّاراً، بالإمكان إدراك قيمته عند استحضار معلومة أنّ الـ"بي.أس.جي" كان صاعداً حديثاً إلى الأضواء قبل موسم، وها هو اليوم يُتوّج ملكاً على عرش اليد الفرنسية التي تصنّف بطولتها من بين الأقوى عالمياً. تحدّثنا عن تاريخية الإنجاز باعتباره افتتاحاً لسجلّ الباريسيين في أرشيف الدوري، غير أنّه لا بدّ من الوقوف عند ممهّدات هذا الإنجاز ومن وقف وراءه في محطات جوهرية نختصرها وفق الآتي: - انضمام النادي الذي تأسس سنة 1941 تحت اسم "نادي باريس لكرة اليد" أو "باري هاندبول"، إلى باريس سان جيرمان ليصبح تحت تصرّف الملّاك الجدد للنادي الباريسي وهو ما كان له الأثر الأكبر في تحوّل النادي من حقبة التهميش إلى البروز في ظرفية قياسية. - ضخّ مبلغ 9.2 مليون يورو في خزينة الفريق مما أحدث ثورة في صفوفه بعد جلب نخبة من ألمع النجوم العالمية نذكر من أهمها الدنماركي ميكال هانسن أفضل لاعب في العالم حالياً وفي آخر مونديال بإسبانيا بداية هذا العام، إضافة إلى صخرة الدفاع المرعبة ديدييه دينار والجناح الطائر لوك أبالو ومنسّق الألعاب الكرواتي ماركو كوبليار والمتألق صامويل هونروبيا. - العمل الكبير الذي قام به الإطار الفني والطبي والإداري للفريق بقيادة مدربه الأول فيليب غاردن، وليس أدلّ على هذا العمل المميّز من تسجيل الفريق لـ21 حالة فوز من جملة 22 مرحلة لُعبت حتى الآن، وهي إحصائية مرعبة وجديدة على اليد الفرنسية. يبدو أنّ شهية السواعد الباريسية لا تزال قائمة وبقوّة تجاه حصد كافة الألقاب الممكنة محلّياً، إذ بعد حيازته لقب الدوري لأول مرة في تاريخه وقبل أربع مراحل من نهاية الموسم عقب فوزه على نادي سيسون رين في 27 نيسان/أبريل الماضي، يتأهّب زملاء الحارس جوزي مانويل سييرا لمواصلة المسير في سبيل إحراز الثنائية، باعتبار بلوغه محطة نصف نهائي الكأس حتى الآن التي سيلتقي فيها بخصمه العنيد دانكارك. وعطفاً على الإمكانات البشرية والمادية الموجودة يبقى سان جيرمان مرشّحاً فوق الكلّ لحيازة أول ثنائي له في مسيره، ليرسّخ هذا الموسم اسمه بأحرف من ذهب، بعد أن كان في ماضٍ غير بعيد يجاهد لأجل الوصول إلى دوري الدرجة الأولى. لن يكون صعباً على متابعي "المستديرة الصغيرة" فهم الاستراتيجية الكبرى التي تمّ على إثرها إحداث هذه الانتفاضة في تاريخ النادي، فالمحلية هي مجرّد محطة انطلاق للعملقة الأوروبية، وهو المشروع الأكبر الذي سعى إلى إرسائه ملّاك النادي أسوة بما عزموا على تنفيذه في فريق كرة اليد. ولئن بقي الإشعاع الأوروبي حلماً مشروعاً لنادٍ حدود طموحاته السماء فإنّ تحقيقه يبقى أمراً فيه من الصعوبة والتعقيد الشيء الكثير لعدّة عوامل أبرزها وجود عدّة فرق على ساحة اليد الأوروبية كالأندية الألمانية (كييل، هامبورغ، راين نيكار لوفن، فلنسبورغ...) والإسبانية (برشلونة، سيوداد ريال، أتليتيكو مدريد...) والعديد من الأندية الأخرى المنتشرة في أوروبا التي تحمل تاريخاً تليداً في عالم اللعبة الشعبية الثانية على مستوى العالم، غير أنّ كلّ ذلك قد يتكفّل الجهد والعمل المتواصل والتضحيات الجسام باختصاره، ونرى اليد الباريسية تشعّ قارياً في وقت وجيز كما فعلتها محلّياً.