كوالالمبور ـ علي الحوسني
تتجه أنظار محبي الكرة الآسيوية إلى فندق "ماندرين أورينتال" في العاصمة الماليزية كوالالمبور التي تشهد صباح الخميس أسخن انتخابات في تاريخ الإتحاد الآسيوي لكرة القدم والتي يتنافس عليها ثلاثة مرشحين حتى الآن هم، رئيس الاتحاد الإماراتي ونائب رئيس الإتحاد الآسيوي، يوسف السركال، ورئيس الاتحاد البحريني، الشيخ سلمان بن ابراهيم آل خليفة، إضافة إلى عضو المكتب التنفيذي للاتحاد الآسيوي، التايلاندي واروي مادكوي، وذلك بعد انسحاب رئيس لجنة التسويق في الاتحاد الآسيوي، المرشح السعودي حافظ المدلج. وقبل ساعات قليلة من موعد جراء الانتخابات التي ستجري في تمام الساعة العاشرة صباحًا "بتوقيت كوالالمبور"- الخامسة فجرًا "بتوقيت مكة المكرمة" فإن أوساط الكرة الآسيوية تترقب بشغف كبير ما ستسفر عنه نتيجة انتخابات رئاسة الاتحاد الكروي في أكبر قارات العالم، والتي يبدو التكهن بنتيجتها ضربًا من الخيال في ظل طبيعة العملية الانتخابية التي تقوم بدرجة أساسية على حسابات المصالح والأجندات المسبقة أكثر من اعتمادها على كفاءة وبرامج المرشحين، وفي ظل الغموض الذي يكتنف مواقف غالبية الاتحادات الوطنية في القارة الصفراء بشأن الانتخابات الحالية. وعلى الرغم من الصعوبة الشديدة في التنبؤ بهوية الرئيس القادم للاتحاد الآسيوي الذي سيقود دفة الكرة في القارة الصفراء لمدة 18 شهرًا "حتى موعد الانتخابات المقبلة مطلع العام 2015، لكننا سنحاول تسليط الأضواء على الخارطة الانتخابية وحظوظ المرشحين الثلاثة. وقبل الدخول في تفاصيل "الخارطة الانتخابية" لابد من استعراض "الخارطة " الجغرافية للقارة الصفراء التي تشير إلى وجود 47 دولة عضو في الاتحاد الآسيوي تنقسم إلى أربع مناطق جغرافية هي : - منطقة غرب آسيا وتضم 13 دولة هي السعودية ، البحرين،الإمارات، قطر، عمان، الكويت، اليمن، الأردن ،فلسطين ، لبنان ، سورية، العراق، وإيران. - منطقة شرق آسيا وتضم 10 دول هي اليابان ، الصين، كوريا الجنوبية، كوريا الشمالية،الصين تايبيه،هونج كونج،جوام،مكاو،منجوليا، وجزر ماريانا الشرقية. - منطقة وسط آسيا وتضم 12 دولة هي: باكستان، افغانستان، الهند، بنجلاديش، جزر المالديف، نيبال، سريلانكا، اوزبكستان، طاجيكستان،تركمنستان، قيرغيزستان، بوتان. - منطقة جنوب شرق آسيا " الآسيان" وتضم 12 دولة هي : تايلاند، أستراليا، الفلبين، أندونيسيا ،سنغافورة، كمبوديا ، لاوس، مينامار، تيمور الشرقية، فيتنام ، ماليزيا، بروناي "والأخيرة سيتم التصويت على مشاركتها في الانتخابات بعد قرار المكتب التنفيذي بحرمانها نظرا لعدم مشاركتها في بطولات المراحل السنية في القارة". ويتفق كثيرون على أن المرشح الإماراتي يوسف السركال، ونظيره البحريني الشيخ سلمان بن ابراهيم آل خليفة هما الأوفر حظًا في المنافسة على أرفع منصب في الاتحاد القاري، حتى وإن حاول البعض التحذير من القوة "الكامنة" التي يمتلكها التايلاندي ماكودي، الذي شكّل دخوله حلبة الانتخابات مفاجأة غير محسوبة توازي مفاجأة خروج الصيني جي لونج الرئيس المؤقت للإتحاد الآسيوي من الانتخابات، وإعلان السعودي حافظ المدلج ترشح نفسه "كمرشح توافقي" في خطوة عرفت فشلًا ذريعًا، قبل إعلان انسحابه. ولعل أفضلية الشيخ سلمان بن إبراهيم والسركال في امتلاكهما الحظوظ الأكبر للفوز برئاسة الإتحاد الآسيوي تكمن في عدة عوامل أبرزها قوة حملتيهما الانتخابية والدعم الكبير الذي يتمتعان به من مراكز القوى الرئيسية في القارة الآسيوية ،وعلى اعتبار أن التايلندي ماكودي لا يملك أكثر من 12 صوتًا " في أحسن الأحوال" هي مجموع أصوات إتحادات دول "الآسيان". ثمة بعض الحقائق والمحطات التي لا يمكن إغفالها عند تحليل المشهد الانتخابي، ويأتي في مقدمتها وجود حالة من الإجماع على أن الانتخابات لن تحسم في الجولة الأولى نظرًا للتوقعات السائدة بتبعثر الأصوات بين المرشحين الثلاثة، الشيخ سلمان والسركال وماكودي، والأخير يعتبر الأقرب للخروج من الجولة الأولى وإخلاء الساحة للمعركة الحاسمة بين الشيخ سلمان والسركال في جولة ثانية منتظرة. كما أن نتيجة انتخابات المقعد الآسيوي في اللجنة التنفيذية للإتحاد الدولي "فيفا" العام 2009 والتي فاز فيها القطري محمد بن همام رئيس الاتحاد الآسيوي السابق على منافسه الوحيد الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة بفارق صوتين فقط تعتبر منطلقًا رئيسيًا لتحليل حظوظ المرشحين في استحقاق الثاني من آيار/ مايو،علمًا بأن تلك النتيجة وإن اعتبرها البعض بأنها عززت قبضة بن همام على مقاليد الكرة الآسيوية، فإنها شكلت للكثيرين مفاجآة غير متوقعة بالنظر إلى الفارق الضئيل من الأصوات بين رجل آسيا القوي "في ذلك الوقت" والشيخ سلمان بن إبراهيم الذي نجح في حصد عدد كبير من الأصوات أعلن من خلالها عن حضوره القوي على مسرح الكرة الآسيوية. وإذا ما أردنا التحدث بلغة الأرقام فإن التوقعات تشير إلى أن الشيخ سلمان بن إبراهيم والسركال سينالان الحصة الأكبر من "كعكة" الأصوات في الجولة الأولى قد تصل إلى ما يقارب "16-17 صوتًا" لكل منهما مقابل 12 صوتًا أو أقل للمرشح التايلندي ماكودي اثر ما تردد عن وجود اختراق لإجماع اتحادات "الآسيان" عليه، لتتجه بعدها الأنظار إلى الجولة الثانية التي ستلعب فيها أصوات دول "الآسيان" عامل الترجيح الأبرز لكفة الشيخ سلمان أو السركال من أجل حسم معركة الرئاسة . وعند التعمق أكثر في تفاصيل الأصوات فإننا نجد أن السركال يعتمد بدرجة كبيرة على أصوات غرب آسيا البالغة (13 صوتًا) ، حيث تشير التوقعات إلى أن مرشح الامارات سينال ما لا يقل عن (8) أصوات من منطقة الغرب ، خلافًا للشيخ سلمان الذي دارت بوصلته نحو الشرق ،حيث ينتظر أن يحصل على نحو (8 أصوات ) من أصل (10) لاسيما، وأنه نال (7 ) أصوات من الشرق في إنتخابات مقعد "الفيفا" العام 2009 بحسب معلومات شبه مؤكدة. أما بالنسبة لأصوات منطقة وسط آسيا التي تبلغ (12 صوتًا) فإنها مرشحة للتوزع مناصفة بين السركال والشيخ سلمان مع أفضلية محدودة للأخير والذي نجح في حصد (7 ) أصوات في منطقة الوسط خلال الانتخابات الماضية. وتبقى أصوات منطقة الآسيان (12 صوتًا) معلقة حتى الجولة الثانية من الانتخابات كونها لن تكون كافية لإيصال التايلاندي ماكودي لبلوغ الجولة الثانية، الأمر الذي يشير إلى أن الصراع سيكون شرسًا بين المرشحين البحريني والإماراتي للفوز بأصوات دول (الآسيان) التي ستشكل العامل الحاسم في ترجيح كفة طرف على الآخر. وإذا كان مناصري السركال يجدون فيه مقدرة عالية في الاستحواذ على كرسي الرئاسة بالنظر إلى علاقاته الواسعة في القارة الآسيوية، والمساندة الكبيرة من دولة محورية مثل قطر التي تمتلك مفاتيح اللعبة الانتخابية بإتقان، فأن معسكر الشيخ سلمان بن إبراهيم يتمتع بثقة عالية، استنادا إلى عوامل متعددة على شاكلة خبرة الشيخ سلمان الكبيرة في مجال الانتخابات، وما يحظى به من دعم واضح من الشيخ أحمد الفهد رئيس المجلس الأولمبي الآسيوي. وبكل الأحوال فإن الساعات القليلة القادمة التي تسبق السباق الانتخابي قد تحمل بين ثناياها بعض المفاجآت غير المتوقعة ، لكنها ستكون حافلة بالتحركات المحمومة للظفر بأصوات أعضاء الجمعية العمومية للإتحاد الآسيوي التي ستقول كلمة الفصل وستميط اللثام عن هوية الرجل الذي سيتولى قيادة الاتحاد القاري خلال الـ 18 شهرًا المقبلة.