يبدو أن الدوري التونسي في طريقه لأزمة تصاعدية بعدما اتّهم النادي الإفريقي مساء الأحد مسؤولاً في النادي البنزرتي بدفع رشوة مالية بقيمة 10 آلاف دينار (5 آلاف يورو) لقائد فريق شبيبة القيروان محمود الدريدي مقابل التلاعب في نتيجة المباراة التي جمعت الفريقين في الأسبوع الأخير من المرحلة الأولى للدوري المحلّي وفاز فيها البنتزرتي 2-0. ونشر سليم الرياحي، رئيس النادي الإفريقي، مساء الأحد على صفحته في موقع "فيسبوك" للتواصل الاجتماعي خمسة تسجيلات صوتية قال إنها لمكالمات هاتفية بين أمير الجزيري، نائب رئيس النادي البنزرتي، ومروان الطرودي مهاجم البنزرتي من جهة، ولاعب وسط شبيبة القيروان وقائده الدريدي من جهة أخرى، تمّ خلالها الاتّفاق (بحسب الرياحي) على التلاعب في نتيجة المباراة التي أقيمت الأحد قبل الماضي بملعب القيروان (جنوب العاصمة). وكتب سليم الرياحي على صفحته "نجد أنفسنا وبكلّ مرارة مجبرين على فضح أجواء الفساد والإفساد التي تعيشها رياضتنا، هذه عينة بسيطة من ملف الدعوى الذي سنتقدّم به الإثنين إلى القضاء التونسي، وهو عبارة عن تسجيلات هاتفية مزوّدة أيضاً بوثائق وأدلة دامغة أخرى تثبت التلاعب الحاصل في مباراة النادي البنزرتي وشبيبة القيروان نضعها في أيدي القضاء الكفيل وحده بالإدانة". وأضاف: "أقول بوضوح في ملف مثل ملف الفساد في الرياضة، تونس كلها تتحدّث منذ عشرات السنين عن البيع والشراء، ولكن لا أحد تمتّع بالجرأة على فضح هذه الممارسات عملياً، ولو تحمّل في بلادنا أيّ شخص مسؤوليته الوطنية في فضح ذلك لما تواصلت مثل هذه الممارسات. كان لا بد لي أن اتّخذ هذا القرار الصعب لأننا مسؤولون أمام الله و أمام ضمائرنا في عدم السكوت بعد اليوم، قانون الصمت تجاه الفساد انتهى، وها أنا أتحمّل مسؤوليتي كاملة في ذلك والله ولي التوفيق". وتعادل البنزرتي أمس الأحد في ملعبه بمدينة بنزرت (شمال شرق تونس) مع الأهلي المصري حامل اللقب دون أهداف في ذهاب الدور ثُمن النهائي من مسابقة دوري أبطال أفريقيا، وذلك بعد أن عاد الفريق التونسي عن قراره السابق بتعليق مشاركاته المحلّية والدولية بسبب قرار الرابطة المحترفة بمنح بطاقة التأهّل إلى مرحلة التتويج في الدوري المحلّي للنادي الإفريقي على حسابه. واعتقد البنزرتي أنه حسم إحدى بطاقتي المجموعة الأولى إلى مرحلة التتويج مع الترجي، بطل المواسم الأربعة الأخيرة، بعد فوزه على شبيبة القيروان. وتعادل الترجي والبنزرتي والنادي الإفريقي بعدد النقاط بعد الأسبوع الرابع عشر الأخير من المرحلة الأولى للدوري، ولكلّ من الثلاثي 29 نقطة. واعتبر كلّ من البنزرتي والإفريقي إنه تأهّل مع الترجي إلى مرحلة التتويج التي يبلغها متصدّر وثاني المجموعتين، وذلك وسط الغموض القانوني قبل أن تقرّر الرابطة المحترفة لكرة القدم الإثنين الماضي تأهّل الترجي والإفريقي ما تسبّب في إثارة حفيظة جمهور البنزرتي، الذي نزل إلى الشارع ودخل في مواجهات مع الشرطة. واعتمدت الرابطة مبدأ المواجهات المباشرة في تحديد هوية الفريقين المتأهّلين، وبما أن الترجي يتمتع بأفضلية في مواجهاته المباشرة مع منافسيه فكان تأهّله دون مشاكل، لكن المواجهة المباشرة بين النادي الإفريقي والبنزرتي جاءت متعادلة على جميع الأصعدة بعدما انتهت المباراتان بينهما بالتعادل بلا أهداف خلال المرحلتين الأولى والثامنة، ليقع احتساب فارق الأهداف المقبولة والمدفوعة خلال مرحلة الذهاب الذي رجّح كفّة الفريق العاصمي. وسلّط القرار، الذي اتّخذه النادي البنزرتي بتعليق مشاركاته قبل العودة عنه بسبب توجّه الاتّحاد المحلّي على الأرجح إلى رفع عدد الفرق المتأهّلة إلى مرحلة التتويج لثلاثة عن كلّ من المجموعتين، الضوء مجدّداً على تأثير الأموال والسياسة على الرياضة التونسية وخصوصاً كرة القدم. واستند البنزرتي في طلبه الحصول على البطاقة الثانية على أفضلية عدد الأهداف المسجّلة في المواجهات بين ثلاثي الصدارة في المجموعة الأولى (خسر أمام الترجي 0-1 وفاز 1-0 فيما تعادل مع الأفريقي 0-0 ذهاباً وإياباً، بينما فاز الأخير على الترجي 2-1 ثم خسر إياباً 1-3 أي يتخلّف بفارق هدف عن منافسيه). وتسلّط هذه الأزمات الضوء على الدور الذي تلعبه السياسة والأموال في الكرة التونسية والجدل حول ضرورة تصويب مسار اللعبة في هذا البلد، بحسب ما طالب المتحدّث باسم النادي البنزرتي الذي يعتبر صاحب إمكانيات مادية أضعف من فريقي العاصمة تونس الترجي والإفريقي اللذين يتمتّعان أيضاً بشعبية أكبر.