برازليا ـ وكالات
يخشى البرازيليون من أن يفقد ملعبهم الشهير" ماراكانا" سحره وطابعه المميز بعدالإصلاحات الكثيرة التي تمت في هذه المعلمة التاريخية، كما يعارض الكثير من محبي هذا الملعب والمدافعين عنه تفويته للقطاع الخاص.قلما تجد شخصا في البرازيل لا يعرف ملعب ماراكانا الشهير في ريو دي جانيرو وحدث نهائي كأس العالم 1950 الذي احتضنه هذا الملعب وفازت به الأوروغواي على البرازيل بهدفين لواحد، أمام أعين أكثر من 200.000 متفرج، وهو رقم قياسي لم يسجل في أي ملعب آخر. ملعب ماراكانا شهد مجموعة من الأحداث التاريخية، ففيه سجل الأسطورة بيلي هدفه 100. وفيه ألقى البابا يوحنا بولس الثاني خطابه أمام مئات الآلاف من المسيحيين، كما تم فيه تنظيم عدد لا يحصى من الحفلات الموسيقية الضخمة أمام حضور جماهيري فائق.لكن الكثير من "كاريوكاس" وهو لقب سكان ريو دي جانيرو، يرون الآن بأن ملعبهم المفضل في خطر. فمنذ الخميس الماضي ( 11 أبريل/ نيسان 2013) تم الإعلان عن تقديم الملعب للمزايدة من أجل تفويته للقطاع الخاص. وتتنافس شركتان على هذه الصفقة، إحداها في ملك الملياردير البرازيلي، إريك باتيستا، والأخرى هي عبارة عن شركة مؤلفة من رؤوس أموال برازيلية وهولندية وفرنسية. والى حد الآن لم يتم تحديد تاريخ الإعلان عن الفائز بهذه الصفقة.قرار تفويت الملعب للقطاع الخاص خلف احتجاجات كبيرة في ريو دي جانيرو، خاصة من خلفية الأموال الكثيرة التي أنفقتها الحكومة في عمليات إصلاح الملعب وإعادة بنائه. ويرى منتقدو الخصخصة بأن الشركة التي ستحصل على حق استغلال الملعب ستجني أموالا طائلة على حساب دافعي الضرائب البرازيلين، خصوصا بالنظر إلى أن ما ستدفعه الشركة الفائزة من مقابل لولاية ريو دي جانيرو خلال 35 عاما المقبلة لن يتعدى 160 مليون يورو. وكانت البرازيل قد شهدت في وقت سابق أيضا احتجاجات واسعة ضد خصخصة وإعادة بناء ملعب ماريكانا.إنها الآن المرة الثالثة في غضون 14 عاما تتم فيها عمليات تحديث ملعب ماراكانا. ففي عام 1999 تم تجهيز الملعب بجناح خاص بالضيوف المرموقين، إضافة إلى تزويد الأماكن غير المجهزة في الملعب بمقاعد بلاستيكية. وفي عام 2005 تم خفض مساحة الملعب لحساب النفق الذي يؤدي الآن سريعا إلى غرف الملابس. وتزامناً مع تنظيم البرازيل لنهائيات كأس العالم 2014، تم الآن إدخال تحديثات جديدة على الملعب بشكل يستجيب للشروط المطلوبة من الفيفا. ومن المتوقع أن تنتهي الأشغال بالملعب نهاية أبريل الجاري، بعد أن تم تأخيرها في السابق ثلاث مرات. يقول رئيس اتحاد المهندسين في ريو دي جانيرو أغوستينيو غيرايرو بأن الملعب في حالة جيدة والاتحاد الدولي لكرة القدم " فيفا" قام بدعم إعادة بناء هذه المعلمة الرياضية. لكنه يخشى من أن يفقد هذا الملعب سحره ويتحول فقط إلى ملعب رائع بمواصفات أوروبية، دون اللمسة البرازيلية التي كانت تميزه حتى الآن. التحديثات التي أدخلت على ملعب ماراكانا أدت إلى التخلي عن المكان الذي كان مخصصا للجماهير الفقيرة والتي لم تكن قادرة على دفع السعر المرتفع للتذاكر، حيث كانت هناك إمكانية متابعة المقابلات من خلف منطقة على مستوى أرضية الملعب مقابل سعر أقل للتذكرة. وكان بإمكان المشردين أيضا التفرج على المباراة من هذا المكان مقابل ثمن رمزي. وعن ذلك يقول غوستافو ميل من معهد التخطيط العمراني بجامعة ريو دي جانيرو:" بالرغم من التقسيم الطبقي، فإن وجود مثل هذه الأماكن في الملعب كان يمنح لجميع طبقات الشعب إمكانية متابعة المباراة". وتوجد هناك تخمينات الآن بإعادة إنشاء أماكن رخيصة للتفرج في الملعب بعد انتهاء بطولة العالم. وبعد أعمال إعادة البناء أصبحت الطاقة الاستيعابية للملعب لا تتعدى 79 ألف متفرج، بعد أن كان يتسع في السابق لـ 200 ألف متفرج بين جالس وواقف. وبينما يتقلص عدد المقاعد في الملعب يرتفع مستوى التكاليف. فقد بلغت تكاليف إعادة البناء الأخيرة أكثر من 360 مليون يورو بدلا من 230 مليون، كما كان مقررا. أما الأموال الإجمالية التي أنفقت على أعمال إعادة البناء ثلاث مرات فقد تجاوزت 580 مليون يورو، أغلبها من الأموال العمومية.