نيويورك - مادلين سعادة
كشفت دراسة حديثة لأدلة من الأراضي الاستوائية المنخفضة في أميركا الوسطى، أنّ حضارة المايا القديمة كان لها الأثر الأكبر على البيئة، مشيرة إلى أنّ هناك أنشطة تعود إلى ألفي عام لم تسهم فقط في تشكيل المحيط الثقافي وإنما ما زالت تؤثر على الظروف الحالية.
وبيّن الباحثون المشاركون في الدراسة أنّ سلكوك المالاويين يمكن أن يفهم على أنه صورة مصغرة ومبكرة للأنثروبوسين وهي الفترة التي بدأ فيها النشاط البشري يؤثر على الظروف البيئية بشكل كبير.
وأوضح أستاذ الجغرافيا والبيئة في جامعة تكساس، تيم بيتش، "تتحدث معظم المصادر الشعبية عن الأنثروبوسين والتأثيرات البشرية على المناخ منذ الثورة الصناعية ولكننا نبحث بشكل أعمق في التاريخ اليوم ليمكننا معرفة من أين بدأ التأثير البشري على البيئة، وعلى الرغم من أنه لا يوجد شك أن التسارع الحضري الحاصل في القرن العشرين كبير إلا أن تأثير الإنسان على البيئة كان قد بدأ منذ وقت بعيد جدًا".
ولفت الباحثون إلى أن البنية التحتية الحضرية والريفية للمايا غيرت النظام البيئي للغابات الاستوائية من خلال تحليل تأثير حضارة المايا على المناخ والغطاء النباتي والهيدرولوجيا والغلاف الصخري "الصخور والتربة" من قبل 3 آلاف إلى ألف سنة.
وحدد الباحثون ست علامات تشير إلى بداية التغير البيئي واسع النطاق، وتشمل العلامات صخور طين الملايا والتربة الفريدة ونسب نظائر الكربون والتخصيبات الكيماوية وبقايا الأبنية والتغيرات التي لحقت بالمناظر الطبيعية وعلامات تغير المناخ. هذه العلامات تعطينا نظرة ثاقبة لماذا وكيف تفاعلت حضارة المايا مع محيطها فضلا عن نطاق نشاطهم.
وأبرزت الدراسة أن الأنشطة الزراعية للملايا غيرت خصائص التربة الرطبة فقد زادت نسبة نظائر الكربون بسبب زراعة الذرة، و أشار الباحثون إلى أن نسبة الفسفور زادت من ثلاث إلى أربع مرات في التربة أثناء حقبة الملايا.
ووجد أن أكثر التأثيرات وضوحا للعيان تتمثل في بقايا الأبنية وما لحق بالمناظر الطبيعية، ويعتقد الباحثون أن هذه الأدلة تكشف كيف استخدمت الملايا إدارة الماء في التكيف مع تغير المناخ.
وأضاف الباحثون أن التغيرات كانت إيجابية وسلبية. حيث بيّن بيتش "تاريخيًا، من السهل على الناس الحديث عن التغيرات البيئية التي حصلت في الماضي كتغير المناخ الناتج عن إزالة الغابات مثلا، لكننا يجب أن نتعلم الكثير من الملايا حول كيفية ابتداعهم لأنظمة واسعة لزراعة المزيد من المحاصيل ومكافحة ارتفاع منسوب المياه".
وفي حين توضح بعض الدراسات أن إزالة الغابات ساهمت في ارتفاع درجة الحرارة وجفاف المناخ الإقليمي منذ حوالي 1700 إلى 1100 عام، لا يزال تأثير أنشطة الملايا على الغابات قائما مثل المدرجات التي بنيت لحماية الأرضية الرطبة من الانزلاق.
وتابع حديثه بالقول "هذا العمل يتحدث عن تاريخ عميق ومعقد للتفاعلات البشرية مع الطبيعة".