ليوبليانا ـ عادل سلامه
يعد كهف أوستوجنا في سلوفينيا واحد من أطول شبكات الكهوف المترامية في أوروبا وواحدة من المواقع السياحية الأكثر غرابة في العالم، حيث يأتي مئات الآلاف من الزوار إلى هنا كل عام للنظر في عجائبها، مثل الهوابط والصواعد الكهفية الثقيلة، والستائر من الصخور الملونة والجسور التي تم حفرها من الحجر الجيري المحلي من قبل نهر بيفكا على مدى ملايين السنين، وبالنظر إلى هذه العظمة، فإنه ليس من المستغرب أن عددًا قليلًا من السياح ينتبه إلى وجود اثنين من الأكواخ الصلبة المكسوة بمادة البوليثين الأسود التي تم نصبها في أخدود في جزء غامض من متاهة بطول 24 كم، ولكن الأكواخ هي الأخرى تحتوي على عجائب، في عمق المياه، وجد العلماء أنواع من أغرب المخلوقات في العالم، سلمندر مائي أعمى يسمى ”Proteus anguinus"، أو "أولم،" كما هو معروف محليًا، وهذا الاكتشاف يمكن أن يكون له آثار عميقة على مستقبل هذه المخلوقات الرائعة.
وأوضح عالم الأحياء الذي يعمل في كهف بوستوينا، بريموز غنيزدا، أنّه "لدينا الآن 21 طفلًا من تلك الأنواع من سلمندر “Proteus anguinus” تعيش في مياهنا، للمرة الأولى شهدنا فقس اليرقات البروتيني - وبعد عام واحد، أصبحوا جميعا أصحاء، وهذا يعطينا الأمل في أن نتمكن من إنقاذ سلمندر “Proteus anguinus” للمستقبل"، وتقضي تلك الأنواع من المخلوقات حياتها في الظلام الدامس في كهف بوستجنا، ويمكن أنها تنمو حتى تصل إلى طول القدم، مما يجعلها أكبر الحيوانات في العالم تعيش في كهف ويمكن أن تعيش إلى قرن، على الرغم من أنها عادة تلد مرة واحدة فقط كل 6 أو 7 سنوات، يمكن للمخلوقات الكشف عن المجالات الكهروضوئية للكائنات الحية الأخرى – مما يساعدها على مطاردة فريستها في الظلام, ولعل فرائسها الرئيسية هي روبيان الكهف، وتذكر التجارب أنها تستخدم المجال المغناطيسي للأرض لتوجيه نفسها، وبالإضافة إلى ذلك، فإنها تمتلك جلد حساس للضوء: إذا ما أشعلت كشاف ضوء على ذيل أحداها، فسوف تسبح بعيدًا عنك.
هذه المجموعة غير العادية من الصفات حققت لتلك المخلوقات شهرة كبيرة بين محبي الحيوانات، مثل ديفيد أتنبوروغ الذي أدرجها في قائمة الحيوانات المهددة بالانقراض وانه يود إنقاذها من الانقراض، على حد وصفه: "أنها أحد الكائنات المتخصصة النهائية في العالم الطبيعي، فقد تكيفت مع العيش في الظلام الدامس من خلال فقدان البصر، ويمكنها البقاء على قيد الحياة لمدة تصل إلى 10 سنوات دون تناول طعام، يقول أتينبورو: "يعيش الأولم حياته في ممر بطيء والذي يبدو هو سره لعيش حياة طويلة"، وبالنظر إلى بيوتهم النائية، الدفينة وسط الظلام، فمن المتوقع أن تكون تلك المخلوقات جديدة نسبيًا في عالم العلم ولكن وجودها كان معروفًا منذ قرون، وذلك لأن موئلها - الأحواض الأرضية والأنهار من النتوءات الكارستية العظمى من سلوفينيا والشمال الأدرياتيكي الشمالي - أحيانًا تغمرها الفيضانات أثناء العواصف المطيرة، وعندما يحدث ذلك تندفع تلك المخلوقات إلى العراء، في العصور الوسطى، كان ظهور هذه المخلوقات البيضاء والعمياء في خضم العواصف الشديدة يسبب بعض التحذير، كان السكان المحليون يعتقدون أن تلك المخلوقات تفقس الوحش الأسطوري، وعلى الأرجح التنين، حتى أصبحت معروفة باسم التنين الطفل – وظل الاسم عالق، وليس فقط على الأكواب ومغناطيس الثلاجة لبيعه في المحلات التجارية السياحية، في الواقع، بسبب جلدها الأبيض الصاخب وساقيها الصغيرة، يبدو أولم وكأنها نسخة مصغرة من غولوم " الشخصية الخيالية بفيلم “The Lord Of The Ring” أكثر من الطفل سموغ الطفل "شخصية التنين الخيالية".