بغداد ـ نجلاء الطائي
التقت "صوت الإمارات" في حديث خاص مع عميد كلية الآداب، الأستاذ المساعد الدكتور حسين داخل البهادلي، وبدأ بالحديث عن تأسيس كلية الآداب في الجامعة العراقية، قائلًا، "تأسست
الكلية في العام 1989، وكانت هي نواة الجامعة، ومنذ ذلك الوقت بدأت بالتوسع، وبدأت الكلية بقسمين، هما علوم القرآن، واللغة العربية، وحاليًا هي 5 أقسام؛ علوم القرآن، واللغة العربية، واللغة الإنكليزية، والتاريخ، والجغرافية، وتلبيةً لمتطلبات المرحلة الجديدة"، مشيرًا إلى أنه "نظرًا إلى حاجة المجتمع والتطورات الحاصلة، هناك استعداد لفتح قسمين الأول؛ للترجمة، والآخر، قسم علم النفس، والذي من المؤمل أن يقبل الطلبة الجدد في العام الدراسي المقبل وعليه، وكذلك قسم اللغة الفرنسية". وإلى تفاصيل الحوار:
- هل هناك توسع أفقي في الكلية؟ وهل يرافقه توسع عمودي في مجال الدراسات العليا وبالتخصصات الأخرى؟
"إن الجامعة العراقية تعد سباقة في مجال الدراسات العليا، لكن توقفت في العام 2011، ولكن أعيد فتحها في هذا العام 2012-2013 وبشكل مقنن للدراسات العليا، إذ تم قبول الطلبة الجدد في الدراسات العليا في قسم اللغة العربية بتخصصيين، هما، اللغة والأدب، وفي قسم، علوم القرآن، والإرادة موجودة في فتح الدراسات العليا، في قسم التاريخ لهذه السنة بحقليه؛ التاريخ الإسلامي، والتاريخ الحديث والمعاصر، لتوفر مرتكزات هذا الجانب من حيث الأساتذة والمرتبات العلمية التي يحملونها، علمًا بأن كلية الآداب يوجد فيها قامات علمية وثقافية متخصصة في حقول التأليف والبحث والتدريس، تمكنوا من جعل الكلية صرحًا علميًّا وثقافيًّا، إذ أصبحت الكلية، محط وجذب لطلبة الدراسات العليا، والدليل على ذلك كثرة المتقدمين للدراسة فيها".
- تعد البيئة التعليمية مهمة جدًّا للطالب وفق المستجدات التربوية الحديثة، هل من الممكن أن تحدثنا عن توفير المختبرات مثلًا؟ وما هي الخطوات التي توصلتم إلهيا في هذا الشأن؟
ستشهد السنة الدراسية الحالية نقلة نوعية في التقنية الإلكترونية، وتحديدًا في قسم اللغة الإنكليزية، والمتمثلة في "السبورات" الذكية Data show، وأجهزة "اللاب توب"، التي تم تزويد الأساتذة بها، والأقراص "الليزرية" التي تحتوي على أصوات من أجل استخدامها داخل القاعات الدراسية، وهذه التقنية باشر باستعمالها قسم اللغة الإنكليزية من خلال مختبر الصوت الموجود لديهم، كي يتعلم الطلبة كيفية نطق الأصوات ومخارج الحروف، وهذا ما سيشهده الطالب بوضوح، ويمكن تمريره أيضًا على قسم اللغة العربية، ففيه أيضًا مختبر للصوت كون النطق لدينا في اللغة العربية دائمًا فيه مشكلة، والتي تكمن في صعوبة النطق الصحيح لمخارج الكلمات والحروف، ولكن في الأيام المقبلة وبوجود المدرسين الأكفاء في هذا المجال سنتخطى هذه المشكلة، فضلًا عن وجود مختبر إليكتروني في قسم التاريخ القديم كي يطّلع الطالب على تاريخ العراق الحضاري الزاهر والمفعم بالإنجازات.
كذلك هناك توسع في مجال مراكز الحاسبة والإنترنت، ونحن بذلك وإن لم تكن لدينا البنايات أو القاعات أو الورش الكافية، ولكن هناك تطور في هذا المجال، وهناك منحة مُقدَّمة من كورية الجنوبية لإنشاء مختبر في هذا المجال، ومع ذلك فلدينا مختبر ولدينا أساتذة أكفاء في مجال الحاسبات، والآن بدأنا بالإيعاز لجميع الأساتذة بتدريس الطلاب وفق البرامج العالمية الجديدة، وبالإمكان أن يتطور إلى أن يصبح متحفًا بمقتنيات العراق القديم، وعند التجول في أروقة الكلية، والخاصة بقسم التاريخ، سنرى كثير من الصور التي تبرز حضارة العراق الراقية، تلك الحضارة التي تمتد جذورها إلى أكثر من 3000 سنة قبل الميلاد، والتي تعتبر العصر الشبيه بالكتابي، فهذه الحضارة سبقت الحضارة الفرعونية بحوالي 500 سنة من الزمان، لأن حضارة العراق ضاربة في أعماق التاريخ، والمتمثل في "الزقورات" والمعابد والجسور في العصر العباسي، وكثرة الحمامات التي تعكس الجانب الحضاري لأهل بغداد.
ولو نظرنا إلى تخطيطات بغداد في كتب التاريخ لوجدناها مدينة متطورة تضاهي أرقى مدن العالم، وهذا يعكس مهارة الفنان العراقي في ذلك الوقت، فهو ذو فن معماري متطور ورفيع، وعلى الباحث أن يستوعب تلك الخطط التي بنيت عليها مدينة بغداد، وباقي مدن العراق، مثل: الكوفة، والبصرة، وسامراء، إنما أسست على أفضل التخطيطات المعمارية في ذلك الوقت، فلا غرابة من أن المبدع العراقي أعطى للبيئة وللجانب المعماري والجمالي الكثير، وهنالك في بغداد صرح القصر العباسي، وحتى جامعتنا، ولكن لابد للحداثة أن تكون موجودة إلى جانب القديم، كي يميز الطالب ما بين الإرث القديم، والحقب التاريخية التي مرت بتاريخ العراق، وطالبنا أصبح يعي هذا التاريخ العريق، وأن العراق قدم للعالم الكتابة، وأول مدرسة، وأول معلم، وهذا الثالوث لم يتوفر في أية بقعة من بقاع العالم، والعراق قدم قانون "حمورابي"، وقوانين مملكة "إشنونة"، وقانون "عشتار"، واستخدم قانون حمورابي في الإعلام كوسيلة لنشر قوانينه، من خلال عشرات المسلات، وكل مسلة كانت توضع في منطقة حتى يقرأ الناس القوانين، والتي تحتوي على 282 مادة قانونية، والتي أبدع العقل العراقي فيها حيث نظم الحياة، ومن ضمنها حقوق الإنسان، والتي كانت القوانين كافلة بهذا الجانب.
- ماذا حدث بخصوص المناهج الدراسية، وضرورة مواكبتها للنمو التكنولوجي المتسارع في عالمنا المعاصر حتى تناسب طالب اليوم؟
نحن مرتبطون بلجنة عمداء كليات الآداب، ولهذه اللجنة فلسفة في وضع المناهج الدراسية، والتي تحدد الأقسام الموجودة، أو المناظرة، ومفردات المناهج تكون شاملة، والتي وضعت من قبل أساتذة كبار ولكن في طريقة التدريس، وفي كل لقاءاتي مع أساتذة الكلية أطلب منهم إثراء المحاضرة، فهو يعكس الجانب الثقافي والعلمي، وأن لا يلتزم الأستاذ فقط في المقرر الدراسي.
وأحبذ الكتاب المساعد بأن يطلب الأستاذ من الطالب أن يذهب إلى المكتبة، وأن يدرس المفردة الموجودة في هذا الكتاب أو ذاك، حتى يكون الطالب له معرفة وغنى في المعلومات، ولكن حاليًا الموجود أن الأستاذ يكتفي فقط بالمنهج، وهذه تعد مشكلة، لذلك أنا أوعزت إلى الأساتذة في الكلية، بأن يكتبوا محاضراتهم بأنفسهم، كونها تكون مستوعبة للمادة وشاملة، ومكتوبة بلغة يفهمها الطالب، وتحتوي على مصادر عديدة فيها، الجدة والأصالة، وربما يضم المقرر الدراسي دراسات حديثة معاصرة جدًّا قرأها الأستاذ وصدرت بعد إكمال المقرر، فلابد أن يضمها إلى محاضرته، وهذا بدوره يحسب للأستاذ، ويعد عاملًا مهمًا للتواصل ما بين الطالب والأستاذ.
ونحن بدورنا كمجلس كلية أعددنا لهذا العام خطة لتشجيع الطلبة على البحث العلمي، أو يختار له مشروع من خلال إجراء مسابقة لبحوث الطلبة للمراحل الثلاثة، على أن يستوفي شروط المنهج الدراسي المقرر له، ويُعزز بالمصادر والمعطيات والدراسات الحديثة، ولكل قسم من أقسام الكلية، وليس فقط للمرحلة الرابعة، كونه ملزم بإعداد بحث التخرج، ويحسب كدرس فيه درجة، والبحث الفائز ينال شكرًا ماديًّا ومعنويًّا، وهذا بدوره يحفز الطالب الذي يروم إكمال دراسته العليا، وأنا بدوري وكوني أدرس مادة المنهج التاريخية، وهذه المادة لابد لمن يتصدى لتدريسها أن يُعلِّم الطلبة الكتابة العملية، وكيفية التعامل مع المصادر أو المراجع واستعماله للهوامش في تعريف المعلومة في حالة غموضها أو تحليلها، وبالتالي كيفية وصوله إلى أن يستنتج أو يستنبط، لأن الكلام النظري كثير، وكذا الحال بالنسبة لطلبة الدراسات العليا، طلبت من الأساتذة أن يكون لكل طالب موضوعًا أساسيًّا في كل فصل، وتعطى له درجة على الرغم من أن العمل جاري به في الجامعة، ولكن أن يكون البحث المقدم من قبل طالب الدراسات العليا أكثر تركيزًا يسهب فيه وحاويًا على مفردات الموضوع الذي يتناوله هذا في السنة التحضيرية حتى عندما يتقدم للكتابة لا يجد صعوبة في ذلك، لأنني من خلال إشرافي لكثير من طلبة الماجستير والدكتوراه، ولاسيما في حقب التاريخ الإسلامي، ناقشت رئيسًا ومناقشًا لعدد كبير من لجان المناقشة، وجدت هناك مشاكل كثيرة جدًّا للطالب في هذا المجال، فنحن نريد تبديد تلك المشاكل، وبدورنا ندعو الطالب إلى أن يسعى بنفسه وتكون له الرغبة للتعلم، كي يتجاوز ويذلل جميع المشاكل، التي تعترضه أثناء كتابته للبحث.
- بالنسبة للمكتبة الورقية، فلكم جهود سخية في هذا المجال بتوفير المصادر والمراجع بما تحويه من كتبٍ ومؤلفات عدة.
يوجد لدينا قامات كبار، وكفاءات عالية من الأساتذة، الذين قضوا شطرًا كبيرًا من حياتهم في البحث والتدريس والتأليف، ولا غرابة في ذلك لكونها مؤلفات مستوعبة لكثير من مفردات الدراسة سواء في الدراسات الأولية أو العليا، فضلًا عن إتباعها المنهج العلمي في الإعداد، هذا يحسب للأساتذة أولًا، ولكليتهم ثانيًا، فهم صروح علمية، أما بالنسبة للمكتبة فهي في شكلها الحالي صغير، ولا تلبي الطموح، ولا تستوعب جميع الكتب الموجودة لدينا، ونحن حاليًا نسعى من أجل توسيعها والعمل جاري بهذا الخصوص من أجل بناء قاعة للمراجع، لاسيما بالاستعارة الداخلية كي تكون في متناول الدارسين وطلاب الدراسات العليا، وبمثابة استعارة داخلية، مما يسهل الأمر عليهم، من خلال تزويدها بالحاسبات والاعتماد على الجانب التقني والإلكتروني من خلال استخدام الأقراص المدمجة، وهناك أكثر من 800 رسالة إليكترونية، وفي النية زيادتها إلى 7000 رسالة، ولدينا هذا البنك الهائل من الرسائل على الأقراص المدمجة، وسيتم تزويد طالب الدراسات العليا بهذه الأقراص، وهذا المشروع سيكتمل قبل نهاية العام الدراسي الحالي، لأن همنا الوحيد الجانب العلمي، كون المكتبة هي الأساس في تلبية احتياجات الباحث، وهناك عشرات العناوين تم إضافتها إلى مكتبتنا والتي تبلغ أكثر من 500 عنوان وفي مختلف الأقسام الموجودة في الكلية، منها، اللغة الإنكليزية، وعلوم القرآن، واللغة العربية، والتاريخ، والجغرافية، بناءً على حاجة الكلية لذلك.
- لكم دور فاعل في جانب الانفتاح على المجتمع، هلا حدثتمونا عن هذا الموضوع؟
كانت هناك نية في الانفتاح على مؤسسات المجتمع المدني أو المؤسسات البحثية أو المصادر التي تعنى بالفكر والثقافة، ولنا أيضًا تعاون جيد مع بيت الحكمة، وكان باكورة هذا التعاون، اشتراك قسم التاريخ في الكلية بعقد ندوة بشأن السياسي العراقي المخضرم محمد مهدي كبة، والتي حضرها لفيف واسع ليس على مستوى الكلية فحسب، بل لكل المهتمين بهذا المجال، فضلًا عن تناول مُؤرِّخ عراقي راحل فذ في التاريخ القديم، وهو الدكتور فوزي رشيد، هذا ضمن الخطة المعدة لهذا الجانب، فضلًا عن أن هناك تعاونًا مع وزارة الثقافة، في قسم العلاقات الثقافية، من خلال تنظيم ندوة لمناسبة يوم الضاد، وهناك تعاون وثيق مع دار المأمون للثقافة والنشر، وقسم اللغة الإنكليزية، في الكلية، ستثمر عن إقامة ندوة أو مشاركة في أنشطة الدار.
ما هي خططكم لهذا العام من حيث إقامة المؤتمرات لاسيما وأنتم تميزتم بهذا المجال من حيث تناولكم للموضوعات المطروحة في الساحة؟ وهل هناك نية لإقامة مؤتمر دولي؟
لا يخفى على الجميع أن الكلية لها إسهامًا فاعلًا في هذا المجال عبر مؤتمراتها، وأن مؤتمر الإسهام الحضاري، الذي من المؤمل عقده مطلع العام المقبل، هو من اقتراح كلية الآداب في الأساس، والآن مجلس الكلية، وتجسيدًا وتواصلًا في هذا المجال سيقيم مؤتمره في آذار/مارس للعام 2014، والذي يخصص للعلوم الإنسانية والتنمية الشاملة المعاصرة، وتشترك فيه جميع أقسام الكلية، وفي النية توجيه الدعوات إلى عدد من الباحثين العرب، لنخرجه بهيئته العربية، وهذا المؤتمر سيساهم إسهامة فاعلة في تقريب الكلية إلى المجتمع، وكي تحقق قفزات نوعية في التصنيف العالمي، وإن الخطط البحثية المعدة من قبل الأساتذة تتضمن بحث أو بحثين لكل أستاذ، ولديه مشروع ترجمة، وتعالج واقع ما، ولا ليس البحوث المعدة للترقية العلمية فقط، وإنما بحوث تعالج موضوعات لها مساس بحياة المجتمع، وبهذا خرجنا عن المألوف، ووضعنا حلولًا للمسائل التي لم توضع لها حلول حتى في اللغة، وإعطاء الحقائق النسبية فيه، وهي بحد ذاتها معالجة.
يُشكِّل الإرشاد التربوي في المؤسسات التعليمية أهمية كبيرة؟ هل فعّل دوره من قبلكم بهذا الاتجاه؟
هناك فَرق بين كليات التربية ، حيث توجد فيها أقسام للعلوم التربوية والنفسية، فضلًا عن وجود أقسام خاصة للإرشاد وفي بعض الكليات تدمج قسم الإرشاد مع قسم العلوم التربوية والنفسية، في الحقيقة إن كلية الآداب تفتقر إلى قسمي الإرشاد، وعلم النفس، وبما إن الجامعة تشهد توسعًا ملموسًا في أقسامها، سيكون قسم علم النفس إحدى الأقسام فيها، والواقع أن دراسة العلوم التربوية والنفسية مفيدة كونه يهيئ الطالب أن يكون مدرسًا في المستقبل، أما بالنسبة لمخرجات الآداب فهي مفتوحة في المجتمع، لذلك لا توجد آلية معينة في ذلك، لكن مع هذا فإن توجيهات الوزارة ومجلس الجامعة الاعتناء بوحدات الإرشاد التربوي، وحاليًا نحن بصدد خطوات محددة ولدينا أساتذة كبار وجيدين في هذا الجانب.
كلمة أخيرة بخصوص دور الإعلام في الجامعة..
يُعد الإعلام المرآة التي تعكس النشاطات المختلفة، وحاليًا العالم كله يعطي دورًا كبيرًا للإعلام، فلولا الإعلام لم نر تلك الأحداث المتسارعة في عالمنا الحالي، ولم نر القفزات الكبيرة التي يشهدها العالم من ناحية التطور، وأصبح كل شيء، ولا نعني بأن الإعلام ليس موجوداً في تاريخنا القديم، فوجد منذ مسلة حمورابي، إذ كان الخلفاء وكثير من الأمراء والحكام، أعطوا للجانب الإعلامي دورًا موازيًا للدور التعبوي أو العسكري، وأصبح الإعلام عنصرًا أساسيًّا في المجتمع، كونه يعكس جميع النشاطات السياسية والاقتصادية والعلمية والثقافية، وعبر وسائله التقنية المتعددة.