باريس - صوت الامارات
بعد نحو عام ونصف من النقاشات والتجاذبات، أقر مجلس الدولة الفرنسي زيادة رسوم تسجيل الطلاب الأجانب في الجامعات الفرنسية. فما أسباب هذا القرار؟ ومن هم المتضررون منه؟ وكيف جاءت ردود الأفعال عليه؟أقر مجلس الدولة الفرنسي في الأول من تموز\يوليو الجاري، قرار زيادة رسوم تسجيل الطلاب الأجانب في الجامعات الفرنسية، ليصبح إجبارياً في كافة الجامعات والمعاهد التابعة لوزارة التعليم العالي والبحث والإبداع (MESRI) بداية من العام الدراسي القادم 2020/2021.
عام ونصف من النقاشات والتجاذبات
وكانت قد قررت الحكومة الفرنسية، في تشرين الثاني/نوفمبر 2018، رفع رسوم تسجيل الطلاب الأجانب من خارج الاتحاد الأوروبي في جامعاتها بنسبة 1500%، وذلك بهدف تحسين ظروف استقبالهم وزيادة عدد المنح المقدمة لهم، ورفع عدد الطلاب الأجانب في البلاد من 300 ألف إلى 500 ألف طالب في أقل من 10 سنوات.
ولم تطبق هذا القرار في العام الدراسي 2019/2020 سوى سبع جامعات من أصل 75 جامعة حكومية في البلاد، ما شكّل صفعة للحكومة الفرنسية.
وأثار هذا القرار في حينه ردود أفعال غاضبة من قبل الاتحادات الطلابية والنقابات والحقوقيين، الذين رأوا أنه يتعارض وقيم ومبادئ الجمهورية الفرنسية، وطالبوا بعدم تغيير الرسوم الجامعية، والتي كانت كالتالي:
- 170 يورو لمدة عام في مرحلة الإجازة.
- 243 يورو لمدة عام في مرحلة الماجستير.
- 601 يورو لمدة عام واحد من التدريب الهندسي في مؤسسة تحت إشراف وزارة التعليم العالي.
- 380 يورو لمدة عام واحد في مرحلة الدكتوراة.
وفي تشرين الأول/أكتوبر من عام 2019، حققت هذه الاتحادات ما وصف في حينه بـ"الانتصار الأول"، بعد أن أصدر المجلس الدستوري الفرنسي قراراً أكد فيه وبشكل قاطع أن التعليم في مؤسسات التعليم العالي الفرنسية "مجاني"، وأشار التقرير إلى إمكانية فرض "رسوم جامعية مخفضة".
وعلى الرغم من إيجابية هذا القرار للحراك المطلبي الذي كان قائماً في فرنسا، إلا أن النقابات وصفته بـ"الضبابي"، خاصة فيما يتعلق بإعطاء السلطات الحق في فرض "الرسوم الجامعية المخفضة"، حيث اعتبرت بأن القرار يعطي الحكومة والسلطات حرية تصنيف الطلاب وفرض رسوم تسجيل مغايرة تماماً لما كان عليه الحال مسبقاً.
والآن، بعد نحو عام ونصف من التجاذبات والنقاشات، تم إقرار زيادة الرسوم، لتصبح إجبارية في كافة الجامعات والمعاهد الحكومية ابتداء من العام الدراسي القادم 2020/2021.
من هم المتضررون من هذا القرار؟
ووفقاً لموقع كامبوس دو فرانس الحكومي، والمسؤول عن تسجيل الطلاب الأجانب في الجامعات الفرنسية، فإن هذا القرار مطبّق على الطلاب الأجانب الذين سجلوا للمرة الأولى في الجامعات الفرنسية في بداية عام 2019/2020، على أن تكون هذه الجامعة تابعة لوزارة التعليم العالي والبحث والإبداع، وألا يكون الطلاب حاملين لإقامة دائمة في فرنسا.
وبناء على هذا القرار، يصبح الرسم الجامعي للعام الدراسي الواحد في مرحلة الإجازة 2270 يورو، وفي مرحلة الماجيستير 3770.
أما طلاب الدكتوراة، ووفقاً لكامبوس دو فرانس، فلن يتم تطبيق هذا القانون عليهم.
ويستثنى من هذا القرار كل من:
- الطلاب المقيمون في إقليم كيبيك.
- الطلاب الأجانب الذين يحملون بطاقة إقامة طويلة الأجل في فرنسا، والطلاب الذين يقيمون في فرنسا منذ أكثر من عامين ويعلنون عن أماكن إقامتهم ويدفعون الضرائب المترتبة عليها.
- الطلاب المستفيدون من وضع اللاجئ أو الحماية الفرعية، وأطفالهم.
- الطلاب المسجلون في عام 2018/2019 في مؤسسات التعليم العالي بغض النظر عن المرحلة.
- الطلاب المسجلون في تخصص "الفرنسية كلغة أجنبية" (FLE) في أحد المراكز في فرنسا، على أن يكونوا مسجلين قبل بداية العام الدراسي 2019/2020.
وتجدون على الرابط التالي قائمة بالجامعات والمعاهد التابعة لوزارة التعليم العالي والبحث والإبداع، المعنية بهذا القرار:
قائمة الجامعات والمعاهد
"الرسوم المفروضة تعادل تكاليف حياة طالب لستة أشهر كاملة"
وفي بيان رسمي، شجبت نقابة (UNEF) الطلابية قرار مجلس الدولة، واعتبرته "غير منطقي"، واصفة إياه بأنه يعزز "عدم المساواة والتفرقة" بين الطلاب الفرنسيين والأجانب بناء على "المال".وأشار البيان إلى أن المبلغ المفروض على الطالب الأجنبي، يكفيه للحياة لمدة ستة أشهر كاملة.
وطالبت النقابة في بيانها بإلغاء هذا القرار وعدم تطبيقه من قبل الجامعات، وزيادة وصول الطلاب الأجانب للمنح والمساعدات الاجتماعية.
من جانبه، شرح رودي عثمان، من اتحاد الطلاب المنفيين، مدى تأثير هذا القرار على الطلاب المهاجرين، سواء كانوا لاجئين أوطالبي اللجوء، أوالطلاب غير الحاملين لأي أوراق ثبوتية. وقال"سيعزز هذا القرار الجائر التمييز الإداري بين الطلاب المنفيين، وسيحد من وصول جزء كبير منهم إلى مؤسسات التعليم العالي".
وأشار عثمان إلى أن بعض الجامعات لا تقوم تلقائياً بإعفاء الطلاب اللاجئين من الزيادة في الرسوم، بل تجبرهم على دفعه، ومن ثم إرفاق طلب إعفاء مع طلب التسجيل حتى يتم النظر فيه من قبل رئاسة الجامعة، ما يؤدي إلى تأخير الإجراءات، ويضع الطلاب تحت رحمة النظام الجامعي.
ويرى عثمان أن هذا القرار يأتي ضمن السياسية العامة الفرنسية الرامية إلى "حصر التعليم بالطبقات الغنية" على حد تعبيره. وشرح "يهدف هذا القرار إلى تحويل المهاجرين إلى أيدي عاملة رخيصة في مجالات كالزراعة والفندقة وغيرها، وحرمانهم من الحصول على حياة أكاديمية جيدة تسمح لهم بالاندماج بشكل أفضل في المجتمع، والحصول على وضع اقتصادي أفضل".
وأكد عثمان أن اتحاد الطلاب المنفيين يتواصل مع اتحادات ونقابات طلابية أخرى، لتنظيم آلية مشتركة للرد على هذا القرار والوقوف في وجهه.