تناول الباراسيتامول خلال الحمل يؤدّي لإضطراب الطفل سلوكيًا

تشير البحوث الجديدة إلى أن الأمهات اللاتي يتناولن الباراسيتامول أثناء الحمل هم أكثر عرضة لإنجاب أطفال يعانون من مشاكل سلوكية، وقد وجد العلماء وجود علاقة بين الأمهات اللاتي يتناولن الدواء في الثلث الأول والثالث من الحمل وفرط النشاط والمشاكل العاطفية لدى أطفالهم عندما يبلغ عمرهم سبع سنوات.
 
الباراسيتامول هو المسكن الأكثر شعبية في العالم، ويعتبر الوحيد الآمن لاتخاذه أثناء الحمل. ولكن هناك مجموعة متزايدة من الأبحاث تشير إلى أنه يمكن أن يؤثر على نمو الطفل في الرحم، مع دراسات تربطه بالظروف المختلفة مثل الربو والعقم ومرض التوحد، وقيل أن النساء الحوامل ليست في حاجة للذعر، حيث ينبغي مواصلة اتخاذ أقل جرعة لازمة لأقصر وقت ممكن، ورؤية الطبيب إذا كانت لديهن أية مخاوف، في أحدث الأبحاث، التي قامت بها جامعة بريستول، وحلل العلماء سجلات 7796 أم ممن أنجبن بين عامي 1991 و 1992 في المملكة المتحدة، وقد سألوا الأمهات الحوامل في 18 أسبوعا و 32 أسبوعا من الحمل عما إذا كن قد اتخذن الباراسيتامول، وسألوهن وشركائهن مرة أخرى حول استخدام الباراسيتامول الخاص بهم عندما كان الطفل 61 شهرا من العمر. ثم تم اختبار الأطفال في عمر سبع سنوات لمعرفة ما إذا كان لديهم أي مشاكل عاطفية أو سلوكية.


 
وكان أكثر من نصف الأمهات اللاتي استخدمن المسكن في الأسبوع الـ18، مع 42 في المائة ممن استخدمنه في الأسبوع الـ32. بعد الولادة، كان 84 في المائة من الأمهات وشركائهن قد استخدموه، وحوالي 5 في المائة من الأطفال محل الدراسة عانوا من مشاكل سلوكية.
 
وأظهرت النتائج وجود علاقة بين استخدام العقار في الأسبوع الـ18 وبين زيادة خطر التعرض لمشاكل السلوك وأعراض فرط النشاط لدى الأطفال، في حين أن أخذ الباراسيتامول في الأسبوع الـ32 كان مرتبطا بأعراض نفسية وصعوبات شاملة، ولم يكن هناك ارتباط بين كمية الباراسيتامول المستخدمة من قبل الأمهات وشركائهن بعد الولادة وبين المشاكل السلوكية، التي قال الباحثون أن ظهور مشاكل الأطفال لا يمكن تفسيرها من خلال العوامل الاجتماعية الأخرى المرتبطة باستخدام الباراسيتامول.
 
ولم تشمل الدراسة معلومات حول سبب حاجة الأمهات للباراسيتامول، كم أخذوا أو إلى متى أخذوا الدواء، وأشار الباحثون إلى أن الباراسيتامول يمكن أن يؤثر على آلية الرحم التي تؤثر على نمو المخ، وقالت الكاتبة الدكتورة ايفي ستيرجياكولي أن مدى النتائج كان مستغربا، وأضافت: "لقد وجدنا أن استخدام الأمهات باراسيتامول قبل الولادة في الأسبوع الـ18 كان مرتبطا بارتفاع احتمالات أن نسلهن قد يواجه مشاكل في السلوك، وكذلك أعراض فرط النشاط. كما أن استخدام باراسيتامول في الأسبوع الـ32 كان مرتبطا باحتمالات أعلى من الأعراض نفسية، وفرط النشاط، وكذلك مجموعة من الصعوبات".


 
ووجدت الدراسة أن الارتباط بين أخذ الباراسيتامول والمشاكل السلوكية والعاطفية المتعددة كان الأقوى عندما تناولته الأمهات في الثلث الثالث من الحمل، وكتب المؤلفان: "بالنظر إلى أن نمو المخ ينشط بشكل عام خلال الربع الثالث، يمكن لهذا الاكتشاف أن يشير إلى أن هناك فترات تنموية عندما يكون المخ أكثر حساسية للتعرض للباراسيتامول"، وأضافا: "نظرا لانتشار استخدام (الباراسيتامول) بين النساء الحوامل، هذا يمكن أن يكون له آثار هامة على النصائح الصحية العامة. ومع ذلك، فإن خطر عدم علاج الحمى أو الألم أثناء الحمل يجب أن يوزن بعناية ضد أي ضرر محتمل للذرية".
 
وقال الدكتور تيم أوفرتون، من الكلية الملكية لأطباء التوليد وأمراض النساء: "من المهم التأكيد على أن أي من هذه النتائج لا يمكنها تحديد وجود صلة مباشرة بين استخدام الباراسيتامول وأي مشاكل سلوكية. فالباراسيتامول هو واحد من الأدوية الأكثر شيوعا التي تستخدم للحد من ارتفاع درجة الحرارة وتخفيف الألم. إنه آمن، ويستخدم بشكل روتيني خلال جميع مراحل الحمل"، وأكد: "لذا ينبغي على المرأة أن لا تندهش من نتائج هذه الدراسة، ونحن نوصي بأن تستمر النساء الحوامل في اتباع التوجيهات الحالية"، وأضاف أنه إذا كانت الجرعة الموصى بها من الباراسيتامول لم تسيطر على الألم أو الحمى، يجب على النساء طلب المشورة من القابلة أو طبيب التوليد.
 
وكشفت الجمعية الملكية لبريطانيا العظمى، والتي تمثل أكثر من وصفة طبية لمصنعي الدواء: "إن نتائج هذه الدراسة لا ينبغي أن تقلق الآباء والأمهات الحوامل" كما أوصى بالمزيد من الأبحاث اللازمة في هذا المجال. وقد سلط الضوء أيضا على المخاطر المحتملة لعلاج الحمى أو الألم أثناء فترة الحمل، وأضاف أستاذ أيوان هيوز من جامعة كامبريدج أن الباراسيتامول يعتبر آمنا في الحمل، كما أن هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث قبل اتخاذ أي قرارات من الصحة العامة.