دور البيض في الوقاية من خطر أمراض القلب

كشفت الأبحاث العلمية أن أفضل طريقة لبدء يومنا، هي تناول بيضة واحدة، لما لها من فوائد صحية، ولكن بحلول السبعينيات من القرن الماضي، ظهرت أبحاث متناقضة، حيث نصح الأطباء بإعطاء البيض للأطفال الذين يعانون من سوء التغذية، كما أضافوا أن البيض يحتوي على مستويات عالية من الكولسترول، والذي يرتبط بزيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب، لذا كانت الطريقة المثلى للحصول على فوائده هي تناول ثلاثة بيضات كحد أكثر في الأسبوع.

وعلى الرغم من تلك الأبحاث التي تشير إلى أضرار صحية على مدى العقود السابقة، فإن التاريخ الكلي للبيض إيجابي إلى حد كبير، ولطالما كان يُنظر إليه على أنه نوع من الأطعمة المغذية والرخيصة، وفي العديد من الثقافات والأديان، يعتبر البيض رمزًا للحياة والبعث من جديد.

وفي القرن الحالي، ومع تحسن فهمنا للتغذية السليمة، عاد البيض بقوة إلى قائمة الأطعمة الصحية، ولم يعد منبوذًا، ويمكن تناوله كوجبة فطور وغداء، وأصبح واحدا من أكثر العناصر التي يتم دمجها في كثير من الأطعمة المختلفة، وكشفت دراسة جديدة أن تناول بيضة واحدة يوميا قد يقلل من خطر السكتات الدماغية وأمراض القلب، كما لاحظ باحثون من مركز العلوم الصحية بجامعة بكين في الصين، عادات تناول البيض لعدد 416،213 مشارك، ووجدوا أن الأشخاص الذين يتناولوا البيض بشكل يومي في بداية الدراسة التي استمرت تسع سنوات أنهم أقل عرضة للإصابة بالأمراض مقارنة مع أولئك الذين لم يتناولوا أو نادرا ما تناولوا البيض، وكشفت النتائج أن البيض يقلّل فعلا من خطر الإصابة بأمراض القلب.

الجدير بالذكر انه لسنوات، كان ينبغي تجنب تناول البيض لأنه يحتوي على نسبة عالية من الكولسترول، حيث تحتوي كل بيضة كبيرة على حوالي 185 ملغ من الكولسترول، كما كانت جمعية القلب الأميركية توصي بحد أقصى 300 ملغ من الكولسترول في اليوم - لذا فإن تناول بيضتان يعد فوق الحد المسموح به. ولما كان الكولسترول مرتبطًا بمرض القلب، كان من المنطقي أن يكون تناول البيض أكثر من اللازم خطيرًا.

والجدير بالذكر أن الكولسترول هو مادة موجودة بشكل طبيعي في الجسم وينتجها الكبد. وهو يلعب دورًا حاسمًا في كيفية عمل خلايانا، وهو مطلوب لصنع فيتامين د والهرمونات ولكن يمكن أن تتراكم كمية كبيرة من الكولسترول في الدم على جدران الشرايين، مما يزيد من خطر حدوث النوبات القلبية والسكتات الدماغية، ولكن أوضح الباحثون أن الكولسترول الموجود في البيض له "تأثير ضئيل جدًا على الكولسترول في الدم فهو أكثر من الدهون المشبعة في البيض كما تقول اختصاصية التغذية فيونا هنتر، وهي حقيقة تدعمها وزارة الصحة البريطانية، وأشاروا الباحثون إلى أن البيضة المسلوقة تحتوي على حوالي 3.3 غرام من الدهون المشبعة لكل 100 غرام.

ووجدت دراسة سابقة أجراها باحثون في جامعة كونيتيكت أن أولئك الذين تناولوا ثلاث بيضات في اليوم لمدة شهر لم يسجلوا أي تغير في النسبة بين نوعي الكولسترول LDL و HDL، مما يعني عدم وجود اختلاف في خطر الإصابة بصحة القلب. كما كشفت أبحاث في عام 2012، أن الكولسترول LDL لم يرتفع لدى الأشخاص متوسطي العمر الذين تناولوا ثلاث بيضات في اليوم، على الرغم من أن تعزيز مستويات الكولسترول الجيدة، بينما الاكتشافات الأخيرة هي الأحدث في سلسلة من الأبحاث التي تشير إلى أن المخاطر الصحية للبيض قد تم تجاوزها في الماضي. وفي عام 2013، فيما أشارت أبحاث نُشرت في المجلة الطبية البريطانية أن تناول بيضة في اليوم، لن تؤثر سلبًا على صحة القلب.

وتوضح فيونا هنتر قائلة "عرف خبراء وأخصائيو التغذية دائمًا أن البيض غذاء مغذٍ جدًا، وذلك لأسباب عديدة فهو مصدر جيد للعديد من الفيتامينات والمعادن، مثل اليود وفيتامين د، الذي يصعب العثور عليه في الأطعمة الأخرى. إنه مصدر قويا للعناصر الغذائية والبروتينات"، كما وجد الباحثون في الدراسة بجامعة بكين، أن تناول بيضة واحدة في اليوم، قلل من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية بأكثر من الربع مقارنة مع أولئك الذين نادرًا ما يتناولون البيض، أما الأشخاص الذين يتناولون 5 بيضات في الأسبوع، فكانوا أقل عرضة بنسبة 12% للإصابة بأمراض القلب.

ودرس العلماء العادات الغذائية لأكثر من 400 ألف شخص يتمتعون بصحة جيدة في الصين وتتراوح أعمارهم بين 30 و 79 سنة، وفق ما ذكرت صحيفة "دايلي ميل" البريطانية، وفي بداية الدراسة، قال 13,1% من المشاركين إنهم يأكلون البيض كل يوم، في حين قال 9,1% إنهم نادرا ما يتناولون البيض، وعندما تمت متابعتهم بعد نحو 9 سنوات، وجد الباحثون أن هناك نحو 84 ألف حالة إصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وحوالي 10 آلاف وفاة، بالإضافة إلى 5 آلاف إصابة بأمراض الشرايين مثل النوبات القلبية.

وخلصت الدراسة إلى أن أولئك الذين تناولوا بيضة واحدة، انخفضت لديهم معدلات الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بشكل عام، وانخفض لديهم خطر الإصابة بسكتة دماغية بنسبة 26%، ومخاطر الوفاة الناجمة عن السكتة الدماغية بنسبة 28%، ومخاطر الوفاة الناجمة عن الأمراض القلبية الوعائية بنسبة 18%.