واشنطن ـ رولا عيسى
كشفت أبحاث أميركية حديثة، أن تناول اللبن قبل وجبة الإفطار يعزز من صحة القلب ويساعد على فقدان الوزن. ووجد فريق من الباحثين الأميركيين الأسبوع الماضي أن النساء اللواتي تناولن اللبن قبل الإفطار عالي الدهون والكربوهيدرات، انخفضت لديهن مستويات الالتهاب في الدم مقارنة بمن لم يتناوله. ويعتقد أن اللبن يعزز صحة بطانة الأمعاء ويمنع دخول السموم إلى مجرى الدم. كان هناك فائدة إضافية للمشاركين الذين يعانون من السمنة المفرطة ، والذين انخفض لديهم مستوى سكر الدم بشكل أسرع بعد ذلك.
وقال الباحثون من جامعة ويسكونسن-ماديسون الأميركية إن "تناول اللبن قبل تناول الوجبات الأساسية يعد استراتيجية مجدية لتحسين عملية التمثيل الغذائي ويساعد في تقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والأيض". وتلك الأبحاث هي الأحدث في سلسلة من الدراسات التي تبين كيف يمكن لوعاء صغير من اللبن الرائب أن يعزز من صحة الأمعاء بطرق مثيرة للدهشة كما أنه يساعد على الحفاظ على قوة العظام وتقليل خطر الإصابة بأمراض القلب بالاضافة إلى انه يساعد على فقدان الوزن ومنع الالتهابات. وربما الأكثر إثارة للدهشة هو أن كلما كان اللبن اكثر دهونا كلما كان الأفضل.
وقال الدكتور آدم كونليف ، وهو أستاذ في التغذية البشرية بجامعة لندن ساوث بانك، إن اللبن الرائب الطبيعي الأمثل للتمتع بصحة جيدة، وانه تناول واحد أو اثنين من وعاء 150 غرامًا يوميًا يساعد على خفض خطر الإصابة بالكثير من الأمراض وعلى الجميع تناوله مرة واحدة يوميًا على الأقل". ويوافق خبراء آخرون على أن "اللبن لديه ما يقدمه أكثر من مجرد التغذية ويجب على الجميع تناوله بشكل أو بآخر يوميًا" ، كما يضيف بيتر واورويل ، أستاذ الطب والجهاز الهضمي في مستشفى جامعة ساوث هيوستون ان اللبن لديه آثار مفيدة على بكتيريا الأمعاء وتظهر الأدلة الناشئة صحة بكتيريا الأمعاء التي تؤثر على مناعتنا، والمزاج ، ومستويات الإجهاد والتمثيل الغذائي.
وأضاف الدكتور واورويل: "إن تناول اللبن الطبيعي بانتظام سيعيد الحياة الطبيعية بشكل تدريجي لبكتريا الأمعاء المتعبة الذي يؤثر على صحتنا". وأشار الباحثون إلى أن اللبن مفيدا خاصة للنساء، حيث انهن معرضات لخطر الإصابة بهشاشة العظام خاصة بعد انقطاع الطمث، بالاضافة إلى الفتيات المراهقات والنساء الحوامل فجميعهن يحتاجن إلى اللبن بشكل أكثر انتظامًا لأنه غني بمصادر العناصر الغذائية التي يفتقرن إليها، كما تقول إيوليا أولاه ، أخصائية تغذية بريطانية في لندن.
ويحتوي اللبن على مستوى كبير من اليود ، وهو ضروري لإنتاج هرمونات الغدة الدرقية. وتفتقر المرأة إلى اليود حيث يميل البعض إلى تجنب الألبان ، ظنًا انه غير صحي ويزيد من دهون الجسم. ويقدم حوالي 150 غرامًا من اللبن العادي حوالي ثلث الكالسيوم اليومي من اليود وبناء العظام ، وما يقرب من 15٪ من البروتين اليومي ما يعادل البيضة المسلوقة.
ويوفر اللبن 30 في المائة من الفوسفور اليومي الذي نحتاجه للعظام والأسنان السليمة ونحو خمس الكمية الموصى بها من فيتامين ب 12 (لتحرير الطاقة من الطعام) والبوتاسيوم (لضغط الدم السليم). وقال ديتي هوبز ،طبيب التغذية البشرية بجامعة ريدينغ ، "إن اللبن من الاطعمة الهامة للجسم لأنه يتمتع بمنافع منتجات الألبان بشكل عام إلى جانب منافعه الخاصة". وما يميزه هو انه مخمرا ويحتوي على البكتيريا. حيث ان خمر الحليب والجبن عن طريق التسخين إلى 72 درجة مئوية ، يقتل الكثير من البكتيريا ، الجيدة والسيئة.
وعلى عكس اللبن الذي يصنع عن طريق تخمير الحليب مع اثنين من البكتيريا تسمى Streptoccus thermophilus و Lactobacillus bulgaricus ، والتي تنتج حامض يحفظ اللبن ويقتل البكتيريا الضارة مثل السالمونيلا. كما أن التخمر ينتج بكتيريا جيدة تسمى البروبيوتيك ، والتي تساهم في صحة الأمعاء ، والمواد الحيوية ، التي تغذي البكتيريا الجيدة وتساعدها على الازدهار ، كما يقول الدكتور كونليف. هذا المجتمع من البكتريا النافعة يؤثر على جميع أنظمتنا الجسدية كما ان البروتين الموجود في اللبن له تأثير وقائي على البكتيريا ، مما يساعده على المرور عبر المعدة إلى القولون.
ويشرح ألان ماكي ، أستاذ الكيمياء في جامعة ليدز: "هناك أدلة على أن اللبن سيحمينا من العدوى ، لأن بطانة القناة الهضمية ، المليئة بالبكتيريا المستمدة من اللبن اللبن ، تعمل كطبقة أولية للجهاز المناعي وتجعلها جاهزة لمحاربة العدوى". ومن المعروف أن الدهون المشبعة ضارة بأجسامنا، مما يساهم في خطر الإصابة بأمراض القلب، ولكن في حالة الدهون الموجودة في اللبن ، يبدو أن لها تأثير معاكس. فهناك أدلة على أن نوع الدهون المشبعة التي نحصل عليها في منتجات الألبان قد يكون مفيدًا للقلب، كما يقول ميف هانان ، اختصاصي التغذية البريطانية.
ويوافق الدكتور هوبز على أن "اللبن المرتفع في الدهون المشبعة يبدو الأكثر فائدة"، موضحا : "لا يبدو أن الدهون المشبعة لها تأثير ضار عندما نحصل عليها من اللبن. عندما ننظر إلى الناس الذين يستهلكون كميات كبيرة من منتجات الألبان (بصرف النظر عن الزبدة) ، نجدهم لا يواجهون مخاطر متزايدة من الاصابة بأمراض القلب على الرغم من ارتفاع مستويات الدهون المشبعة. ويرتبط استهلاك اللبن أيضًا بخفض مخاطر ارتفاع ضغط الدم والسكري. ووجدت دراسة العام الماضي من قبل كلية الطب بجامعة بوسطن أن النساء اللائي تناولن خمس حصص أو أكثر من اللبن في الأسبوع كان لديهن خطر أقل بنسبة 20 في المائة من الإصابة بارتفاع ضغط الدم مقارنة بالنساء الاخريات.
وفي الوقت نفسه وجد تحليل رئيسي في عام 2014 أن تناول كميات أكبر من اللبن كان مرتبطا بانخفاض خطر الإصابة بالنوع الثاني من داء السكري - حيث لم يبدو أن منتجات الألبان الأخرى لها هذا التأثير ، وفقا لما ذكرته دورية BioMed Central Medicine. ويحتوي اللبن أيضًا على مركبات تُدعى lactotripeptides ، وهي مواد شبيهة بالبروتين ، وهي منتج ثانوي عندما يتم تخمير اللبن.
يشير البحث الأخير إلى أن تلك المركبات لها تأثير على الآليات التي تتحكم في ضغط الدم ، كما يقول الدكتور هوبز انها تقلل من الإنزيم الذي يؤدي بدوره إلى توقف الشرايين التي تتقلص إلى حد كبير ، وهذا يساعد على تقليل الإصابة بضغط الدم المرتفع ويقلل من خطر حدوث مضاعفات من ارتفاع ضغط الدم ، مثل السكتة الدماغية".