لندن - كاتيا حداد
تمكنت الفنانة والنحاتة البريطانية باربرا هيبورث، من استعادة مكانتها التي تستحقها بالفعل، عن طريق افتتاح معرض "تيت" البريطاني للفنون، والواقع في شارع "ميل بانك" في العاصمة البريطانية لندن.وسيقدم المعرض أروع منحوتاتها الفنية القديمة، ويعترف باستحقاقها صدارة المرتبة الأولى في النحت.وتعتبر هيبورث من الفنانات والنحاتات القليلات اللائي تمكنّ من تحقيق شهرة عالمية عن طريق تقديم أعمال فنية تجسد الحداثة، كما استطاعت أن تحقق نجاحًا كبيرًا في حياتها، عن طريق احتفاء المحافل العالمية بها كفنانة إقليمية بارزة.
وبالرغم من أن أصابعها تتميز بأنها صغيرة وحساسة، إلا أنها تتسم بقوة تمكنت من تشكيل أعمال فنية مبهرة في غرفة صغيرة مضيئة مهواة، تتسم بوجود منحوتاتها الخشبية ذات المنحنيات.
وكتبت "هيبورث" عليها: يدي اليسرى هي اليد التي أفكر بها، يجب أن يكون المكان مريح وحساس، وتنتقل إيقاعات الفكر من أصابع هذه اليد إلى قبضتها ثم إلى حجر النحت".
ومن المستحيل أن يقف الزائر في ستوديو "تريوين"، الذي أصبح الآن متحف "باربرا هيبورث" في سانت إيفيس، في منطقة كورنوال، دون الشعور بقوة هذا التفكير، الذي يستدعي حضور امرأة عاشت وعملت وتوفيت في هذا المكان عن طريق استنشاق الدخان في حريق نشب العام 1975.
وكانت حينها تبلغ من العمر 72 عامًا، واحتفى بها العالم كسيدة الإمبراطورية البريطانية في النحت، وعلى الرغم من الإعجاب التي حظت به إلا أنها كانت وحيدة.
وقد وهبت حياتها لإيمانها بمعتقداتها حول كيف ينبغي أن يكون النحت، وسعت لتعزيز فنها مع رؤية أحادية في التفكير، ولاتزال أعمالها الفنية تملأ الاستوديو وحديقته، التي تتميز بجمالها الشرس الناضج، والهدوء المفعم بالقوة.
وتضم أعمالها الفنية مجموعة متميزة من المنحوتات بدءً من طفل مشاكس واقف ذراعيه مفتوحتين للحياة، وهي المنحوتة التي نحتتها بعد ولادة طفلها الأول، بول، وحتى منحوتتها الخشبية الممتدة من الخشب الصلب التي صممتها حزنًا على وفاة ابنها في حادث طيران العام 1953، كما يتم تصميم المتحف الداخلي بكرات وأقماع من الرخام السلس التي تقف إلى جانب بعضها البعض كعمل فني بسيط ومجرد، فضلاً عن السلاسل البرونزية المتموجة والمثقوبة.
وتتميز حديقة المتحف بأسطح رائعة يمكن الاستمتاع بجمالها في وقت مبكر من المساء، حيث تنعكس أشعة الشمس الهادئة على الأسطح الرخامية المصقولة والنحاسيات الخضراء، كما تداعب الشمس جدرانها الخارجية الملساء التي تشبه الزجاج، ويتسم تصميمها الداخلي الخشن بأنه من مادة زنجار.
كما أن هناك أشكالًا من المعادن الداكنة على شكل أطراف حادة تم طيها بعضها فوق بعض حتى تشبه الأجنحة.
ويتميز مبني الاستوديو بتصميمه على هيئة هيكل مربع ضخم يوفر إطار تسلق، وفتحات رؤية لمشاهدة برج الكنيسة الذي يلوح في الأفق.
ويعتبر المكان تكريم لحياة الفنانة فضلاً عن الأعمال المنحوتة، مثل الكتل الصغيرة من الرخام، وصفتها هيبورث قائلة: وكأنها قطيع من الأغنام" تقف خارج الاستوديو.
ويمكن رؤية هيبورث وهي تقف إلى جوار أعمالها في هذا الوقت في الحديقة، عبر سجل مصور يضم مجموعة من الصور التي تسرد سيرتها الذاتية الشهيرة كنحاتة بارزة، كما امتلئ بأروع الصور الشخصية وهي تحدق لأعلى على منحوتاتها الفنية الضخمة.
وكانت تهتم طوال مسيرتها المهنية برؤية الناس لها، حيث كانت تلتقط الصور التي تبرز أعمالها المنحوتة وفقًا لقواعد أظهرتها على أفضل ما يكون، وكتبت العام 1962: أقوم بنحت أعمالي وفقًا لقواعد النحت المثالية، وصممت غالبيتها خارج الاستوديو لترتبط بالمناظر الطبيعية.
ومع ذلك لم يوفيها التقييم العام الذي حظيت به في ذلك الوقت، حقها كفنانة دولية بارزة، وبدأ نجمها يبزغ كفنانة إقليمية ومحلية، وتمكنت من تحديد ونقل صورة منطقة "سانت إيفيس" والأرض البرية المحيطة والبحر بقوة.