القاهرة- صوت الإمارات
بشغف كبير خاضت سحر سليم، أستاذة الأشعة التشخيصية بكلية الطب جامعة القاهرة، رحلة البحث عن أسباب مقتل الملك سقنن رع تاعا الثاني الملقب بـ "الفرعون الشجاع" رفقة عالم الآثار المصري الشهير الدكتور زاهي حواس، لتظهر نتائج مثيرة ورواية جديدة لم يتناولها التاريخ من قَبل.وجرى فحص مومياء الملك سقنن رع تاعا الثاني بالأشعة المقطعية، وفقا لبيان رسمي من وزارة السياحة والآثار المصرية، وهي إحدى تقنيات التصوير الطبي التي تستخدم لدراسة البقايا الأثرية بطريقة آمنة بما في ذلك المومياوات.وقدمت الدراسة الجديدة التي أجرتها الباحثة المصرية بالتعاون مع حواس، تفسيرا جديدا للأحداث المحيطة بوفاة الملك الذي حكم جنوب مصر خلال فترة احتلال البلاد على يد الهكسوس، لتنفي النظريات التي أشارت إلى مقتله أثناء نومه داخل قصره.وتقول سليم الباحثة الرئيسية في الدراسة: "منذ اكتشاف مومياء سقنن رع تاعا الثاني في عام 1881 بخبيئة الدير البحري لم يكن أحد يعلم سر مقتله، الآن من خلال الحقائق التي توصلنا إليها بات لدينا سيناريو لما دار لهذا الملك الشجاع".
كان الدكتور زاهي حواس قد دشن مشروع فحص المومياوات الملكية في عام 2005، وبعد أشهر قليلة انضمت خبيرة أشعة الآثار المصرية القادمة من كندا حينذاك إلى التجربة، لتشارك في مراجعة المجموعة الأولى التي شملت 25 مومياء، .الصدفة وحدها قادت الباحثة المصرية للتعلق بعالم المومياوات الملكية، عندما شاهدت خلال دراستها بجامعة ويسترن أونتاريو الكندية، عملية فحص مومياء مصرية من قِبل مجموعة بحثية عام 2004، مسها الحماس فالتحقت بهم لدراسة كافة علوم الآثار وفي نهاية المطاف قررت العودة إلى القاهرة، لتقترب أكثر من أجدادها.
وتضيف سليم: "خضنا تجربة جديدة في مايو عام 2019 بفحص 15 مومياء على رأسهم سقنن رع تاعا الثاني، نظرا لأهميته الشديدة والنظريات المثارة حوله بعد العثور على جروح شديدة في رأسه عند اكتشافه".بعد الانتهاء من فحص الفرعون المصري بالأشعة المقطعية، عثرت أستاذة الأشعة التشخيصية على جروح إضافية لم تظهر مسبقا على الجانب الأيمن بالجمجمة، تقول : "كانت مغطاة بطبقات من مواد التحنيط في محاولة من المسؤولين عن تلك العملية الدقيقة لتجميل جروح الملك الأربعيني".وتذكر الباحثة المصرية: "تأكدنا من عدم وجود إصابات أخرى في جسد الملك بينما لفت انتباهنا وجود تشنج في يديه مما يدل على ربطها من الخلف خلال مواجهة أعدائه، أشارت الدلائل الأولى إلى الهكسوس وكان لابد من البحث في هذا المسار".انطلقت سليم إلى المتحف المصري بوسط العاصمة، فتشت داخل المخازن عن أسلحة الهكسوس المحفوظة في غرف مختلفة، من بينها فأس وحربة وعدد من الخناجر، عاينتهم جيدا، كما تؤكد لموقع "سكاي نيوز عربية" لتجد مفاجأة في انتظارها.
تسترسل خبيرة أشعة الأثار المصرية: "أثناء فحص النصل وشكله ومقارنته بجروح الملك المصري اكتشفت تطابق كبير بينهما، بدا جليا إصابة سقنن رع على يد الهكسوس والهجوم عليه من اتجاهات مختلفة، وعدم قدرته على الدفاع عن نفسه بعد تقييد يديه".قبل نشر البحث في مجلة علمية مرموقة توجهت سليم إلى عدد من الخبراء في تخصصات مختلفة للتعرف على آرائهم حول الدراسة من بينهم رونالدو بيكيت، خبير مومياوات أمريكي، واندرو نلسون عالم أنثروبولوجي من كندا، والدكتور عبلة عطية أستاذة الطب الشرعي في كلية طب القصر العيني.وتتابع سليم: "حصلت منهم على ملاحظات جيدة وهامة، وعند عرض الدراسة على لجنة المحكمين نالت استحسانهم وأشادوا بالتجربة فضلا عن الموافقة على قبول البحث ونشره، وهي خطوة في طريق أرغب في استكماله رفقة المومياوات".
وتعتقد الباحثة المصرية المرموقة أن الأشعة المقطعية لها دور بالغ الأهمية في اكتشاف معلومات حديثة عن المومياوات الملكية دون الحاجة إلى تقطيع الضمادات الملتفة حولها أو إحداث خسائر بها كما حدث قديما، موضحة أن الدراسات أثبتت أنها لا تؤثر على الحمض النووي للقدماء المصريين.وتثمن سليم الدور البارز لعالم الآثار زاهي حواس، في دفع مشروع فحص المومياوات إلى الأمام، والتعاون المثمر بينهم في العديد من الأبحاث والدراسات فضلا عن إصدار عدد من الكتب مثلScanning the pharaohs وعملها معه لسنوات في عدد اكتشاف من الحفائر الهامة.وتكشف أستاذة الأشعة التشخيصية بكلية الطب لموقع "سكاي نيوز عربية" أن الفترة القادمة ستشهد نشر نتائج جديدة عن مومياوات مختلفة تم فحصها خلال الأشهر الفائتة من بينها حفائر مكتشف حديثا في منطقة سقارة الأثرية.
قد يهمك ايضا