المباني العريقة

يُبيّن المبنيان السكنيان اللذان بنيا في فرنسا، من تصميم المهندسة المعمارية البريطانية فرشيد موسافي، أن المساكن ذات الأسعار المعقولة، يمكن أن تكون ملهمة، حتى في وسط المباني العريقة.

فعلى مشارف مونبلييه في جنوب فرنسا، يرتفع مبنى "لا فولي ديفاين"، وهو برج من تسعة طوابق مُكون من طبقات رقيقة غير متماثلة، والمنطق خلف بناء تلك منحنيات هو توفير شرفات ذات إطلالات واسعة، ولكن مع تقليل إطلالة كل شرفة على الأخرى إلى الحد الأدنى، ومن المؤكد أنه كان يمكن تحقيق نفس الغاية بتصميم أكثر بساطة، ولكن أيضا مع تحقيق قدر أقل من الاستمتاع.

وتقول المهندسة المعمارية فرشيد موسافي: "ينبغي أن يكون لدى الجميع خيار العيش في مباني تمنحهم الإلهام"، وهذا ليس طلبا غريبا، ولكن في المناخ الحالي في بريطانيا، حيث يسعى الساسة والمطورون والمهندسون المعماريون باستمرار لإيجاد سبل لتوفير المزيد من المساكن، بدون النظر للجودة، وذلك لأن المساكن المعروضة تفشل بوضوح وباستمرار في تلبية الطلب، يبدو بناء مساكن مميزة أمرا خياليا، ومع ذلك، فإن قيام موسافي على بتصميم مبنيين سكنيين في فرنسا أعطاها الفرصة لتطبيق رؤيتها.

واشتهر اسم موسافي لأول مرة في سن الثلاثين، عندما فازت بمسابقة لتصميم محطة ميناء يوكوهاما الدولية، ومنذ عام 2011، تعمل باسمها الخاص على مشاريع مميزة مثل المتجر الرئيسي لفيكتوريا بيكهام، ومجمع مكاتب كبير في لندن.

أما المبنى السكني الثاني"Îlot 19"  يرتفع بين مبنيين مشهورين، يقع على أحد الجوانب النصب التذكاري "قوس لاديفونس"، وعلى الجانب الآخر يقع مسرح "يو أرينا" الذي يسع 40000 شخص، ويقع Îlot 19 على حافة الطريق الذي يمتد مباشرة من خلال قوس النصر، أسفل الشانزليزيه إلى متحف اللوفر، على بعد أكثر من ثمانية كيلومترات.

وبعيدًا عن كل هذا، فإن المبنى عبارة عن كتلة مستطيلة، صممته موسافي مع قرار بإتاحة الوصول إلى الشقق باستخدام سلسلة من السلالم والمصاعد، وهذا يؤدي إلى تجنب الممرات ويسمح لسكان كل شقة بالمرور من أحد جوانب المبنى إلى الآخر، ومن الخارج، المبنى مميز ومثير للفضول، وقوي بما يكفي ليبرو وسط جيرانه الأقوياء، وهو أيضا موحي بوجود حياة وسكن في الداخل.

أضيف لكلا المشروعين لمسات صغيرة تؤدي لإثراء التصميم، وهذه اللمسات لا تُنفذ بسهولة، فقط تطلبت تعاون  مكثف مع مقاول خاص، قدم مع نماذج وهمية ونماذج أولية للتأكد من تحقيق التأثير المطلوب، كما أنها تحتاج إلى إدراك الواقع بشأن الميزانية المتوفرة، وكانت موسافي قد أظهرت جديتها في هذه الأمور حتى أن عميلها في نانتير، شركة "ليه نوفيوكس للبناء"، كلفتها بتصميم بناء آخر في مونبلييه.