غواتيمالا ـ منى المصري
كشفت الصور التي تم إصدارها حديثًا، عن نظرة مذهلة على موقع المدن الكبرى لمايا القديمة في غواتيمالا، والتي تقع الآن مدفونة تحت أوراق الشجر الغابة، وأعلن الباحثون الاكتشاف الرائد لأكثر من 60 ألف مبنى لم يكن معروفين في الأسبوع الماضي، بما في ذلك الأهرامات والقصور والممرات، التي كانت تشكل في وقت ما حضارة ما قبل كولومبوس، ولكشف النقاب عن المدن الكبرى، استخدم الفريق تكنولوجيا الليزر للنظر تحت مظلة الغابات في شمال بيتن - وهي منطقة قريبة من مدن المايا المعروفة بالفعل، وكشف الليزر عن بقايا من "المدن الكبرى" المترامية الأطراف التي كانت أكثر تعقيدا بكثير مما يعتقد معظم المتخصصين من أي وقت مضى.
ويشير الاكتشاف إلى أن أميركا الوسطى، دعمت حضارة كانت أكثر تقدما من الثقافات اليونانية والصينية القديمة في ذروتها قبل 1500 عام، وقد يكون المشهد موطنًا لما يصل إلى 15 مليون شخص، مع وفرة من الجدران الدفاعية والأسوار والحصون تشير إلى أن الحرب كانت منتشرة طوال وجودها وليس فقط في نهايتها، وقال أستاذ علم الآثار والأنثروبولوجيا في جامعة براون، ستيفن هيوستن، أنّه "أعتقد أن هذا هو واحد من أعظم أنواع التقدم على مدى أكثر من 150 عامًا من علم الآثار بمايا"، وقام العلماء بهذا الاكتشاف باستخدام تكنولوجيا ليدار، وهو اختصار لـ "أجهزة كشف المدى وتمديده بالضوء"، واستخدام الطائرات مع الماسح الضوئي بأجهزة كشف المدى وتمديده بالضوء تنتج خرائط ثلاثية الأبعاد للسطح باستخدام الضوء في شكل ليزر نابض مرتبطة بنظام تحديد المواقع.
ومكّنت هذه التقنية الباحثين من رسم الخطوط العريضة لما وصفوه بالعشرات من مدن مايا المكتشفة حديثا التي كانت مخبأة لقرون تحت غابة كثيفة بعد أن تم التخلي عنها من قبل سكانها الأصليين، وبالإضافة إلى الإنشاءات التي لم تكن معروفة سابقا، تظهر الصور طرقا سريعة تربط بين المراكز الحضرية والمحاجر، كما وجدوا أنظمة الري والتدرجات المتقدمة التي دعمت الزراعة في حضارة كانت من أكثر المناطق تقدما في أميركا الوسطى، ويعرف شعب المايا بالرياضيات المتطورة والهندسة التي سمحت لها بالانتشار في جميع أنحاء أمريكا الوسطى الحالية وجنوب المكسيك، وقال مارسيلو كانوتو، أحد كبار المحققين في المشروع: "الآن لم يعد من الضروري قطع الغابة لنرى ما يوجد تحتها".
وقال فرانسيسكو بيلي من جامعة تولين "إن الإنشاءات المحصنة والممرات الكبيرة تكشف عن تعديلات على المناظر الطبيعية التي قامت بها المايا على نطاق لا يمكن تصورها سابقا"، وقال الدكتور كانوتو" هذه النتائج هي "ثورة في علم الآثار المايا"، وقام فريق من علماء الآثار بمسح أكثر من 810 ميل مربع (2100 كيلومتر مربع) من غابة بيتن التي تقع على الحدود مع المكسيك وبليز، ووجدوا انه تم العثور على حوالي 60 ألف مبنى خلال العامين الماضيين، وتشمل الاكتشافات الجديدة المراكز الحضرية مع الأرصفة والمنازل والمدرجات والمراسم الاحتفالية وقنوات الري والتحصينات.
وكشفت النتائج التي توصلوا إليها هرم في قلب مدينة مايا القديمة من تيكال، وهي مقصد سياحي رئيسي في شمال شرق غواتيمالا، اكتشفت أيضا في تيكا كانت سلسلة من الحفر وجدار طوله 14 كيلومترا، ويبلغ قياس الهرم حوالي 100 قدم (30 مترا) وكان يعتقد سابقا أنه جبل صغير، وأنشئت اقرب مستوطنات مايا في حوالي ألف قبل الميلاد، وانهارت معظم مدن المايا الكبرى بحلول عام 900 بعد الميلاد، وصلت الحضارة إلى ذروتها في ما هو موجود حاليا جنوب المكسيك وغواتيمالا، وأجزاء من بليز والسلفادور وهندوراس بين 250 و 950 م، ويعتقد الباحثون الآن أن عدد سكان المايا يتراوح بين 10 و 15 مليون نسمة، وهو أعلى بكثير من التقديرات السابقة، وفقا لما ذكره الدكتور كانوتو، ويظل سبب الانهيار محور نقاش أكاديمي مكثف.
ويقول توماس غاريسون، عالم الآثار في كلية إيثاكا :"توضح صور أجهزة كشف المدى وتمديده بالضوء أن هذه المنطقة بأكملها كانت نظاما استيطانيا تم تقدير حجمه وكثافته السكانية بشكل كبير، في ذروتها في الفترة الكلاسيكية، غطت حضارة مايا (حوالي 250 م إلى 900 م) مساحة ضعف حجم انكلترا في القرون الوسطى، كما يقول الباحثون.