القاهرة ـ سعيد فرماوي
قالت لي سائحة مصرية، أوقفتني في معبد الكرنك، وهو معبد ضخم بني منذ 4000 عام خلال فترة الدولة الوسطى في مصر, ولفتت نظري مرة أخرى إلى الأعمدة المكسورة, "إن كل ما هو عتيق جيد", وقد سمعت نفس الكلمات مرات عدة في ذلك الأسبوع عندما سافرت من الأقصر إلى أسوان على متن SS Sudan، وهي آخر قارب بخاري يجري في النيل, ولقد تم بناءه كفندق عائم في العام 1885 كزور خاص للملك فؤاد قبل أن يتم شراؤه من قبل توماس كوك وتم إعادة إنشائه كسفينة ركاب في عشرينيات القرن العشرين, وإلى أن تم التخلي عنها بعد الحرب العالمية الثانية، كانت تأوي أجيالًا من النبلاء المصريين والمسافرين من مصر, ولقد أبحر الملك فاروق على متنها، كما فعلت أغاثا كريستي، التي زعمت أن استلهمت روايتها "الموت على النيل" من رحلتها 1937, وتم تصوير الفيلم التلفزيوني للعام 2004 بشكل شبه كامل على متن تلك السفينة, في العام 2006، قامت شركة السفر الفرنسية الفاخرة Voyageurs du Monde بإعادة اكتشاف المركب واستعادته بكل عناء.
لديها 23 كبينة, وديكورها مستوحى من شخصيات تاريخية مختلفة:
ويعتبر شعور SS Sudan بالحنين متأصل في أكثر من مجرد تاريخها, من غرفة الشاي المغطاة بألواح الخشب إلى الهواتف الدوارة في الكبائن الـ23 , وديكورها المستوحاة من شخصيات تاريخية مختلفة، من مصمم الأزياء ليدي داف جوردون إلى الروائي نجيب محفوظ، يبدو SS Sudan، الذي ما زال يعمل بالبخار، يقاوم بعناد التحديث, ولا يزال طاقمها يغير الزي اليومي يوميًا - أردية أرجوانية في الصباح، سوداء في المساء - مع قبعات طربوش حمراء, كما يقوم العاملون مرتين يوميًا بدهن الدرج في الهواء الطلق بزيت وقائي مصمم للحفاظ على الأرضيات الصلبة الأصلية, بالتأكيد، يجعل الأمور زلقة بعض الشيء بالنسبة إلى الضيوف، كما قال عمر، المشرف بشاربه الرمادي, الذي يشبه الممثل المصري "عمر شريف" الذي أصرّنا على مخاطبته على هذا النحو, لكنه لاحظ بابتسامة أن السلامة التاريخية للقارب تأتي أولًا.
رحلة بحرية على متن السفينة "إس إس سودان" القديمة تسير في أعماق مصر القديمة
توجد هناك بعض الأماكن أكثر ملائمة للغوص في أعماق الماضي, وعلى الرغم من أن تلك السفينة متاحة عادة على أساس المقصورة، كنت أسافر مع مجموعة من الأصدقاء، وجميعهم من هواة جمع الملابس القديمة, ولقد حجزنا القارب بالكامل، وعزمنا على قضاء الرحلة بأكملها في ملابس أجاثا كريستي -1920-1930, لقد كنت قلقة بعض الشيء من أن الطاقم المكون من 63 شخصًا على متن هذه السفينة قد يستغربون ذلك, وبدلًأ من ذلك، سُرّوا بالعثور على أشخاص يهتمون كثيرًا بتاريخ القارب كما فعلوا، مشيرين إلى صور زفاف الملك فاروق على الجدران ويصرون على التقاط صور لنا.
استمتع بالاستلقاء تحت أشعة الشمس وشواطئ النيل والمنازل الريفية:
كان من المغري قضاء كامل الرحلة البحرية لمدة خمسة أيام من دون مغادرة الطوابق الخشبية على متن سفينة السودان: من الاستلقاء على كراسي مصنوعة من الخوص على شرفة السطح، واحتساء المشروبات الكحولية والقهوة التركية، ومشاهدة شواطئ النيل، ومنازل قروية خراسانية أفسحت الطريق أمام الأهوار الريفية: وأشجار النخيل والقصب، والتي تتخللها من وقت لآخر السلاحف أو الغزلان, لكن ممر النيل بين الأقصر - أسوان هو أيضًا موطن لأطلال مصر القديمة الأثرية, والأقصر الحديثة هي موقع طيبة - العاصمة الدينية الفعلية خلال ممالك مصر الوسطى والحديثة 2000-1000 قبل الميلاد).
الخدمات والتكلفة وكيفية الطلب:
ويكون الإبحار هناك برحلة لمدة 4 ليالٍ على متن إس إس سودان، تبدأ من أسوان وتتجه إلى الأقصر، وتبدأ من نحو 2000 دولار للشخص الواحد, والأسعار تشمل دليل يتحدث الإنجليزية وجميع الوجبات, كما يقدم رحلة بحرية أكثر تكلفة من 6 أيام من الأقصر إلى أسوان, ويمكن الوصول بسهولة إلى كل من الأقصر وأسوان من القاهرة، حيث تغادر رحلات منتظمة لمدة ساعة طوال اليوم, كما يمكن استئجار القارب الذي يحتوي على 18 كابينة و 5 أجنحة للمجموعات الكبيرة من على موقع steam-ship-sudan.com
إذا كنت تبحث عن مكان للإقامة قبل أو بعد رحلتك، فلا تفوّت زيارة فندق Sofitel Old Cataract في أسوان, وهو من الخيارات الأخرى لأغاثا كريستي، الفندق الذي يعود تاريخه إلى العام 1899، هو خليط هائل من الهندسة المعمارية المصرية والفرنسية, بداية من 180 دولار في الليلة، من على sofitel.com