لندن ـ كاتيا حداد
سجّل متوسط مناخ الأرض، خلال حقبة الباليوسين منذ حوالي 60 مليون سنة، أجواءً أكثر دفئًا بـ 15 درجة مئوية "27 درجة فهرنهايت"، أكثر مما هو عليه اليوم، وفي بريطانيا، كان المناخ شبه استوائي مع الغابات المورقة والبحار الدافئة الضحلة التي تغطي الكثير من جنوب وشرق البلاد، والآن، كشف الباحثون عن أدلة على هذه الفترة المدارية في رويسليب غرب لندن خلال عمليات التنقيب الاستكشافية للسكك الحديدية عالية السرعة "HS2"، وقد كشفت العينات المأخوذة من عمق يصل إلى 33 متراً (108 قدماً) تحت السطح في رويسليب عن طين أسود غريب يوحي بأن المنطقة كانت ذات يوم مستنقعات غابات كثيفة على حافة بحر شبه استوائي، ولقد أطلقت "HS2"، الشركة المملوكة للحكومة التي تبني خط السكة الحديد، منطقة "قاع رويسليب".
ويساعد الطين على تحديد موقع الخط الساحلي، كما تقول الخبيرة الجيولوجية في مجموعة الاستشارات الجيوتقنية، الدكتورة جاكلين سكيبر، مشيرة إلى أنّه "على الرغم من أن التحقيقات الأرضية تجري بانتظام في جميع أنحاء البلاد، إلا أنه أمر مثير وغير مألوف للغاية أن تمر بمادة لم يرها أحد من قبل، إن اكتشاف" قاع رويسليب" رائع بشكل خاص، لأنه نافذة على تاريخنا الجغرافي، لقد كان من الممكن أن يتشكل خلال العصر الباليوسيني، والذي كان وقت تغيير شديد، مع تطور الحيوانات الجديدة بعد انقراض الديناصورات".
وأضافت سكيبر، أنّه "فجأة حصلنا على أدلة على أن هذا هو الساحل بالفعل، لدينا رؤية ثلاثية الأبعاد لما يجري - لدينا أشجار، لدينا حيوانات تعيش في الأشجار، لدينا مستنقعات، ولدينا شواطئ قريبة جدًا، ولقد غطت التحقيقات الأرضية للمرحلة الأولى من مشروع HS2 حوالي 8000 موقع بين لندن ووست ميدلاندز، ولقد تم العثور على هذا الطين الأسود في عدد من المواقع على طول ستة أميال (10 كم) بين رويسليب و نورثلوت، ويتراوح حجم الرواسب بين 50 سم و متر واحد، وتكشف العينات القريبة عن وجود رمل وحصى من البحر، مما يوحي بأنها كانت ساحلية، في ذلك الوقت، كان المحيط الأطلسي ينفتح وكانت الهند تتحرك نحو أوراسيا، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى تقلبات متكررة في مستوى سطح البحر على طول الساحل القديم، وكان اكتشاف "قاع رويسليب" مفاجئًا لأن الارتفاعات في مستوى سطح البحر لا تترك بوجه عام آثارًا واضحة للرواسب.
وقال مدير برنامج التحقيق الأرضي في "HS2"، ستيف رينولدز، إنّه "منذ عام 2015 قمنا بالتحقيق في ظروف الأرض على طول طريق HS2 ، حتى نتمكن من تصميم السكك الحديدية بأكثر الطرق أمانًا وفعالية"، وقال إن أساليب الاستكشاف شملت الحفر في الأرض وتكنولوجيا الرادار، وأكثر من مليون اختبار معملي أجري على العينات المأخوذة، مع اكتمال التحقيقات الرئيسية الآن تقريبا، وقال: "إنه أكبر برنامج بحثي على الأرض شهدته المملكة المتحدة، وفرصة لا مثيل لها للتعلم عن الأرض تحت أقدامنا".