سنغافورة ـ صوت الإمارات
تحدى عشرات الآلاف من سكان سنغافورة اليوم الاحد الامطار الغزيرة لوداع مؤسس الارخبيل الحديث والمهندس الرئيسي لتحول هذه المدينة الدولة الى واحد من الاقتصادات الاكثر ازدهارا في آسيا.
وتجمعت عائلات باكملها على الطريق الذي مر منه موكب التشييع في جنازة عامة كبيرة دعي اليها عدد كبير من رؤساء الدول الاجانب. وكان البعض يبكون وآخرون يهتفون اسم رئيس الوزراء السابق. كما القى عدد من الاشخاص ورودا عند مرور النعش.
وكان الرجل الذي حكم هذا البلد بقبضة من حديد لمدة 31 عاما، توفي الاثنين عن 91 عاما بعد اسابيع على ادخاله المستشفى اثر اصابته بالتهاب رئوي.
وشغل لي كوان يو منصب رئيس حكومة سنغافورة منذ تحرر هذه المدينة من الوصاية البريطانية في 1959 وبقي لفترة قياسية فيه حتى 1990. وفي تلك السنة تخلى عن منصبه لاقرب مساعديه غوه شوك تونغ الذي نقل السلطة بدوره الى لي سيين لونغ نجل لي كوان يو.
وكان حوالى 415 الف شخص يشكلون عشرة بالمئة من السكان القوا نظرة الوداع على مؤسس الدولة عبر المرور امام نعشه في البرلمان منذ الاربعاء.
وقال لي سيين لونغ على صفحته على موقع فيسبوك "كانت تجربة مؤثرة جدا"، معبرا عن شكره لسكان سنغافورة الذين كرموا والده.
وغادر النعش الذي لف بالعلم الوطني ووضع في صندوق من زجاج على عربة مدفع تجرها سيارة لاندروفر، مبنى البرلمان ظهر اليوم.
ومر الموكب امام المواقع الرمزية في الحياة السياسية للي بينما حلقت اربع طائرات حربية في سماء المدينة. واطلقت المدفعية 21 طلقة وهي مراسم فخرية تقام عادة على شرف الرؤساء الذين يمارسون مهامهم.
وبدأت الجنازة الرسمية في الساعة السادسة بتوقيت غرينتش في جامعة سنغافورة الوطنية وستليها مراسم خاصة لاحراق الجثمان.
وقال جويل ليم (35 عاما) وهو مدرس "جئنا كعائلة لنحضر لحظة تاريخية". واضاف ان "سكان سنغافورة ليسوا متفقين على كل شىء لكن في اللحظات الحرجة نصبح واحدا. هذه هي سنغافورة وهذا هو ارث لي".
وبين الشخصيات المدعوة الرئيس الاميركي الاسبق بيل كلينتون ووزير الخارجية الاميركي الاسبق هنري كيسينجر الذي كان من الاصدقاء المقربين لرئيس الوزراء السابق الذي وصفه الامين العام للامم المتحدة بان كي مون بانه من "الشخصيات العظيمة في آسيا".
كما تضمنت لائحة المدعوين اسماء رئيس الوزراء الياباني شينزو ابي ورئيسة كوريا الجنوبية بارك غيون هي ورئيس الوزراء الاسترالي توني ابوت ورئيس الوزراء الهندي نارندرا مودي والرئيس الاندونيسي جوكو ويدودو وملك ماليزيا السلطان عبد الحليم معظم شاه وسلطان بروناي.
اما بريطانيا، فهي ممثلة برئيس مجلس العموم البريطاني وزير الخارجية السابق وليام هيغ.
ولد رئيس الوزراء الراحل في 16 ايلول/سبتمبر 1923 لعائلة من اصول صينية وبقي حتى وفاته شخصية سياسية مؤثرة جدا في سنغافورة وآسيا.
وفي عهده الذي استمر ثلاثة عقود، شهدت سنغافورة تطورا اقتصاديا كبيرا واصبحت من "النمور الآسيوية". وقد تحول الارخبيل الذي يبلغ عدد سكانه خمسة ملايين نسمة مركزا اقليميا وماليا وسياحيا وعرفت بتقدمه التقني خصوصا في مجال الصحة.
ومتوسط دخل الفرد في سنغافورة الذي يبلغ 56 الفا و284 دولارا واحد من الاعلى في العالم. ويملك تسعون بالمئة من السكان مساكنهم بينما يعد الموظفون الذين يتلقون اجورا مرتفعة، على رأس العاملين الاكثر نزاهة في العالم.
لكن معارضي لي كوان يو المحامي الذي درس في بريطانيا يرون انه قاد البلاد بقبضة من حديد وسجن معارضين او منعهم من التعبير عن آرائهم.
وما زالت حرية التعبير والتجمع تخضع لمراقبة صارمة في الارخبيل.
وقد فاز حزب العمل الشعبي الذي ساهم لي في تأسيسه في كل الانتخابات التي جرت منذ 1959 ويشغل حاليا ثمانين من مقاعد البرلمان البالغ عددها 87.