مراكش ـ عادل سلامه
تعتبر مراكش، عاصمة الإمبراطورية الأندلسية، من أبرز مدن السياحة في المغرب، حيث تمتاز بجمالها الساحر وطبيعتها الخلابة ففيها التناغم والتمازج بين جمال الحاضر وروعة الماضي، وقد جاء السياح الأوروبيون إلى مراكش منذ فترة طويلة، وهم يطاردون خيال الثقافة المغربية، ولكن على مدى السنوات الثلاث الماضية كان هناك نوع آخر من السياح يزور المغرب حيث دفعت موجة من المهرجانات الموسيقية الجديدة أعدادا كبيرة من الزوار، وقفز المشهد بالبلاد إلى دائرة الضوء، وجذب نوعا جديدا من الحشد الذي عادة قد يقضي عطلة نهاية الأسبوع الطويلة في برلين أو أمستردام.
ويعد مهرجان الواحة أكبر مهرجانات مراكش، وقد عقد في سبتمبر/أيلول بدورته الثالثة في مجمع فندقي خارج المدينة، بحضور أسماء كبيرة مثل ريتشي هوتين وسولومان، جنبًا إلى جنب فرق "الأندر غراوند" و"الدي جي" المحلية، ويخضع هذا الإعداد إلى موازنة رائعة بين الثقافة المحلية وطابع المهرجان الأوروبي، حيث تجمع الساحة المغربية بين مشجعي الموسيقى الأوروبية ويأكلون لحم الضأن المشوي مع جلسات يوغا في الحديقة وقت غروب الشمس.
وأكّد الموسيقي أمين كي، أنّ "مهرجان الواحة جعل من أكبر حلم لنا حقيقة واقعة، كما أنه يبيّن للناس ثقافة الانفتاح في بلدنا، حيث أن بعض الناس لا زالوا يعتقدون أن المغرب مجرد ركوب جمال وأن النساء جميعًا ترتدي الحجاب"، وقد نشأت مهرجانات أخرى في أعقاب مهرجان الواحة حيث شهد العام الماضي مهرجان "أطلس إلكترونيك" والمقرر انعقاده 30 أغسطس/آب - 3 سبتمبر/أيلول 2018 في دورته الثانية، مع التركيز على التعاون بين الثقافات؛ وتستضيف مدينة الصويرة المطلة على المحيط الأطلسي مهرجان "موجا" الذي تم تأجيله هذا العام ولكن من المقرر انعقاده في 2018، والذي يستهدف حشدا محليا، ويتميز بتذاكره الرخيصة. هذه المهرجانات تساعد على وضع المغرب على خريطة الحفلات العالمية في جميع أنحاء العالم.
وتقول مؤسسة مهرجان الواحة مرجانة جيدي، إنّ "الهدف الرئيسي من المهرجان هو استخدام الموسيقى لجذب نوع مختلف من السياح إلى المغرب"، ولكن المشهد الموسيقي للمغرب لا يقتصر على موسم المهرجان فحسب ففي حي غيليز في مراكش، يمكن مشاهدة دي جي مهدي صابر في طابق الميزانين من "L’envers" وهو بار ضيق، بمصابيح مربوطة في خيوط يجمع أجواء المحبين للموسيقى، ويمكن مشاهدة الفن المحلي على الجدران والكتابة على الجدران والخط العربي.
ويعد بار "L’envers" من الأماكن الفريدة من نوعها في مراكش، وهو مخصص للثقافة والموسيقى الأندر غراوند مع دي جي الموسيقى المحلية لمدة 4 ليال في الأسبوع كما تبدو سياسة الموسيقى مفتوحة بشكل واضح، وعلى الرغم من أن مراكش لديها الكثير من الأندية، لكن لا يوجد واحدا بعينه مخصص بالكامل للموسيقى الإلكترونية. الأماكن التجارية مثل ماريينسكي و راسبوتين تقيم حفلات الموسيقى الإلكترونية لكنها تظل مكلفة للغاية. ومع ذلك، هناك أماكن صاخبة لأولئك الموسيقيين والمروجين المحليين مثل "Plug-in Souls"، "راك إليكترونيك" أو "موروكو لوكو"، الذي يستضيف الفرق المحلية في أماكن بجانب حمام السباحة مثل فندق فيلاه و جنان لوتف على مشارف المدينة.
وتصل تكاليف الدخول 15-25 جنيهًا إسترلينيًا وغالبا ما تشمل التذكرة الطعام واستخدام حمام السباحة، وتعد ساحة الفنا "Djemma El Fna" التي تقع عند مدخل المدينة مركز حياة مراكش حيث تعد مكانا لتجمع العديد من الأكشاك بالإضافة إلى تواجد الموسيقيين ورواة القصص، والعرافين وسحرة الثعابين، وهنا يمكن التعرّف على أطياف الحياة المغربية القديمة، وهناك أماكن للجلوس على واحدة من المقاهي المحيطة أو تناول الطعام في المطاعم .
ويعتبر السكان المحليون، ودودين جدا ومرحبيين، وقال أمين كي إنّه "من الصعب أن تترك مكانا من دون أن تحظى بأصدقاء جدد، كما يذهب الناس للاستماع إلى الموسيقى، حتى في حفلات الزفاف المغربية، يمكنك أن ترى البالغ من العمر 70 عاما يرقص حتى الخامسة صباحًا، نحن شعب يحب الاستمتاع بالحياة".