لندن ـ كاتيا حداد
سيصدمك أرخبيل غالاباغوس بمجرد الوصول إليه، فستعتبر أنها جزر "مهجورة، وكئيبة، ومشئومة"، فهذه هي الكلمات الثلاث التي ستتبادر إلى ذهنك عندما تطأ قدمك هناك بعد رحلة لمدة ساعتين من العاصمة الإكوادورية كيتو. ولكن عند الخروج من هذه التضاريس المقفرة، سريعا ما تجد عددا لا يحصى من مناظر الحياة البرية التي ترحب بك. ستجد العشرات من السلطعونات التي تقف على الصخور، وطيور البجع العملاق في جميع الاتجاهات المختلفة، والسلحفاة العملاقة التي تعبر المساحات الخضراء المتموجة، في حين أن إغوانا البحر – نوع من الزواحف- تجلس تحت الشمس الاستوائية.
عندما تصل لأعماق غالاباغوس - حوالي 600 ميل من البر الرئيسي – في أقل من ساعة سيكون لديك الوقت الكافي لمعرفة لماذا وصف العالم البريطاني "تشارلز داروين" هذا الأرخبيل بأنه "عالم صغير في حد ذاته". يطلق اليوم على هذه البقعة عادة باسم 'مختبر الطبيعة'. لن تشهد في حياتك مثل هذه الوفرة من الحياة البرية. وكشف علماء الطبيعة عن مدى تغير الجزر على مر السنين، مع ازدهار السياحة التي كانت السبب وراء تحسين البنية التحتية هناك.
وهذا ما جعل هذه المنطقة أسهل للتنقل، مع توفير خدمات القوارب السريعة التي تربط بين الجزر. وتوجد كذلك خدمة "الواي فاي" في العديد من الجزر، مما يسمح للزائرين بالتقاط صور ومشاركتها عبر "انستغرام" وهم في غاية السعادة، ويوجد هناك أيضاً مطعم سوشي في جزيرة سانتا كروز المزدحمة والتي يسكنها نحو 12.000شخص. ومع ذلك فإن غالاباغوس لا تزال تحتفظ بشيء خاص للغاية، إن لم يكن سحريا. وفي جزيرة سانتا كروز، يمكنك قضاء اليوم الأول في زيارة مركز تشارلز داروين، الذي يضم برنامجًا لتربية السلحفاة. ومن ثم تتمشي عبر سوق السمك بجانب الميناء لرؤية أسماك البحر العملاقة التي تهاجم أسماك البحر الصغيرة، بينما تترك الفتات لطيور البجع العملاقة المنتظرة دورها في هذه الوليمة.
وتشمل الجولة في "غالاباغوس" الحصول على معظم الوجبات, ولكن ما لا تتوقعه هو تلك المأكولات من فئة الخمس نجوم, حيث أن الطعام هناك لذيذ وعائلي ولكن يوجد هناك نقص في المعروض من المنتجات الطازجة, وحتما ستجد لديك رغبة شديدة لتناول الفاكهة والخضروات. وعن التحلية, فستجد هناك ألذ أنواع التحلية مثل جوز الهند الطازج وطبق الدجاج المشوي الغض.
والسكن كذلك كان أكثر شهية. فعلى جزيرة سانتا كروز تستطيع المكوث في فندق مريح جدا، مع إطلالة على مناظر رائعة على الميناء والمياه الزرقاء، التي تلمع في غروب الشمس على البرية من حولك. وبعد قضاء ليلة في بلدة صغيرة يمكنك أن تستقل قارب لمدة ساعتين للوصول إلى جزيرة نائية - وغامضة " فلورينا". في الطريق، ستجد الشمس وهي تطارد مجموعة من الدلافين الرقصة وهي تقفز واحد تلو الأخر في الهواء وهي تؤدي حركات تشبه الباليه.
وأخيرا تصل الجزيرة، حيث تسقط السحب ذات اللون الأرجواني فوق التلال البركانية. وعلى عكس جزيرة سانتا كروز، هذه الجزيرة بالكاد يسكنها نحو 150 فقط من السكان المقيمين هناك. منهم اثنان وثلاثون من هؤلاء أطفال، من الذين يحضرون مدرسة صغيرة على بعد أمتار قليلة من شاطئ الرمال السوداء في الجزيرة. وعلى جزيرة فلورينا يمكنك مشاهد طبيعية للحياة البرية لا تنسى في أرخبيل غالاباغوس – حيث السباحة مع السلاحف البحرية والبطريق السريع. ستمشي على طول الطريق المشيد من كتل من الحمم الصخرية، ومن ثم تصل إلى خليج صغير محمي حيث يكون الغطس متعة لا يمكن وصفها. كما تكشف المياه الصافية عن العشرات من سمك الراي اللساع المختبئ في الرمال البيضاء، في حين أن السلاحف البحرية تمر من أمامك. مما يستثير لديك الرغبة في التقاط صور لهذه المخلوقات التي تظهر إلى اليسار واليمين والوسط.