دونالد تاسك رئيس المجلس الأوروبي ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر

قرر زعماء الاتحاد الأوروبي أنه لن يتم السماح لبريطانيا بالوصول إلى السوق الأوروبي ما لم تقبل بقواعد حرية الحركة، حيث التقى الزعماء للمرة الأولى من دون ديفيد كاميرون في بروكسل ، الأربعاء، ووافق زعماء 27 دولة الأعضاء على أنه لن يتم منح بريطانيا أي استثناءات إذا ارادت الاستمرار في بيع وشراء السلع في منطقة التجارة الحرة من الرسوم الجمركية باعتبارها ليست عضوة في الاتحاد الأوروبي، وصرح دونالد تاسك رئيس المجلس الأوروبي "لن يكون هناك سوق واحدة حسب الطلب"، وفي إشارة على المفاوضات المتوترة بين بروكسل وبريطانيا أوضح وزير الخارجية فيليب هاموند أنه لا يستبعد الاتفاق على حرية التنقل، وأصر قادة الاتحاد الأوروبي على عدم إعطاء بريطانيا صفقة من شأنها أن تقنع الدول الأخرى للمطالبة بوضع خاص وسط مخاوف من انتشار عدوى التصويت بالخروج الأسبوع الماضي، فيما أثار بطل الخروج بوريس جونسون  إمكانية حفاظ بريطانيا على الوصول إلى السوق الأوروبية مع الحد من سياسة الحدود المفتوحة للهجرة.

وجعل السيد تاسك الأمر واضحا اليوم بأن الوصول للسوق الأوروبية يقتضي الموافقة على الحريات الأربعة الخاصة بالتنقل والسلع والخدمات ورأس المال، مشيرا إلى أن الاتحاد الأوروبي يرغب في أن يبقي بريطانيا كشريك وثيق في المستقبل، مضيفا "لن يكون هناك مفاوضات حتى تتقدم بريطانيا بطلب رسمي للانسحاب بموجب المادة 50 من معاهدة لشبونة، والأمر متروك للحكومة البريطانية لإعلام المجلس الأوروبي بنية بريطانيا في الانسحاب".

واعترف السيد هاموند أنه سيكون من الصعب التفاوض لتأمين القيود على الهجرة مع الحفاظ على الوصول إلى السوق الأوروبي، مضيفا " لا أستبعد الوصول إلى إقامة حرية التنقل ، وأشير فقط إلى أن هذه ليست مجرد ورقة للتداول حيث يشعر العديد من الأوروبيين بالقلق بشأن مبدأ أساسي يعتزون به، أعتقد أنها ستكون مفاوضات صعبة، وهناك بعض من زملائي في حزب المحافظين يقولون إن الأشياء في الوقت الراهن ستكون مباشرة للموافقة على الوصول إلى سوق واحدة ولن يكون هناك حاجة إلى الحصول على حرية الحركة، أخشى أنهم لا يفهمون الواقع السياسي في الاتحاد الأوروبي"، فيما نفى السيد هاموند انتقاده لبوريس جونسون مصرا أنه لم يتحدث على الإطلاق عن رئيس البلدية السابق في لندن، وفي وقت سابق رفضت ميركل التكهنات بإقناع بريطانيا بالبقاء في الاتحاد الأوروبي من خلال عقد استفتاء ثان قائلة " لا أرى أي وسيلة لعكس قرار بريطانيا بالخروج من الاتحاد الأوروبي".

وبدت المستشارة الألمانية مكتئبة عندما التقت زعماء الاتحاد الأوروبي في اليوم الثاني من قمة الاتحاد الأوروبي في بروكسل، وشاركت ميركل في المحادثات دون كاميرون الذي عاد الليلة الماضية إلى وطنه بعد حضور أخر قمة له في بروكسل حيث حارب الزعماء الأوروبيون لمنع التكتل من التفكك عقب استفتاء بريطانيا، فيما رفض رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر النقاد الذين ألقوا باللوم عليه لنتيجة الاستفتاء في بريطانيا موضحا أنه لم يتدخل في استفتاء بريطانيا بناء على طلب من الحكومة البريطانية، ودافع السيد تاسك عن السيد يونكر ضد مزاعم بأن الاتحاد الأوروبي كان يمكنه تقديم المزيد من التنازلات خلال إعادة التفاوض مع كاميرون في وقت سابق هذا العام، وأشار إلى أن الاصلاحات لشروط عضوية بريطانيا التي تم التفاوض عليها مع كاميرون  قبل حملة الخروج كانت أكثر من الحد الأقصى لما هو ممكن وفقا لأحكام معاهدات الاتحاد الأوروبي وما يمكن أن تقبله  الدول الأعضاء.

واعترف يونكر بأن الكثير من الناس في جميع أنحاء أوروبا غير راضيين عن الوضع الراهن، موضحا أن كاميرون حذر من خلال مناقشات الثلاثاء أن المخاوف بشأن الهجرة كان يمكن أن تقود المعارضة إلى الاتحاد الأوروبي، وأفاد يونكر أنه في حين أن هناك حاجة لإجراء إصلاحات لن يكون هناك تغيير في المعاهدة، ومن المقرر أن تلتقي الدول 27 الأعضاء مرة أخرى لمناقشة نهجهم بشأن الخروج في العاصمة السلوفاكية براتيسلافا في 16 سبتمبر/ أيلول، ولا يتوقع دعوة خليفة السيد كاميرون كرئيس للوزراء للحضور، ورفضت ميركل الليلة الماضية مزاعم بأن خليفة كاميرون ربما يتجنب بدء عملية الانسحاب رسميا بسبب المخاوف من الأزمة المالية التي اندلعت عقب التصويت بالخروج الأسبوع الماضي، وتابعت ميركل " لا توجد وسيلة لعكس قرار بريطانيا ولم يكن ذلك صحيحا للتفكير الحالم"، وبدى زعماء الاتحاد الأوروبي في اجتماع بروكسل اليوم حريصين على إتمام خروج بريطانيا طالما أنها قررت الرحيل، وذكر رئيس الوزراء التشيكى بوهيوسلاف سوبوتكا " يتعين على الاتحاد الأوروبي الأن إظهار الوحدة والاستقرار والاستغناء بهدوء وموضوعية عن بريطانيا والتركيز على النمو والعمالة والتضامن والضمان الاجتماعي والأمن"، وأفادت رئيسة ليتوانيا داليا غريباوسكايتي أن "التصويت بالخروج كان حزين وتحدي للجميع وليس هناك أي خيار للتغلب عليه".

وحذر رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشيل في وقت سابق من أن الأوروبيين تحررو من الوهم بشأن مشروع الاتحاد الأوروبي، وتابع ميشيل " هناك تصور للتكنوقراطية ولكن يجب على الكتلة الأن أن تظهر أن أوروبا تجلب قيمة مضافة حقيقية يشعر بها المواطنين"، فيما ذكر نظيره من لوكسمبورغ كرافييه بيتيل أنه من المهم إظهار الوحدة في الاجتماع ، مضيفا " مع تفكك بريطانيا نحن بحاجة إلى أوروبا موحدة أكثر من أى وقت مضى"، حيث تهدد الانقسامات بين مؤسسي الاتحاد الأوروبي والبلدان الجديدة في الشرق بتعقيد أي خطط جديدة وجريئة في اجتماع الأربعاء، وأضاف رئيس الوزراء الهولندي مارك روت "ليس الناخبين البريطانيين فقد الذين لديهم شكوك حول التعاون الأوروبي" محذرا من الشكوك من قبل العديد من البلدان الأخرى، ويواجه قادة الاتحاد الأوروبي مطالبات وخاصة من اليمين المتطرف لإجراء استفتاءات على الانسحاب من التكتل، حيث انقسم أعضاء الاتحاد ال 27 حول كيفية التعامل مع الهجرة والتي كانت قضية رئيسية في التصويت بالخروج.

وبيّنت رئيسة ليتوانيا داليا غريباوسكايتي أنه يجب على أوروبا الأن الاستيقاظ وبدء الاستماع إلى المواطنين بشأن قضايا مثل الهجرة والنمو الاقتصادي، وتابعت " بريطانيا تعرف ما تفعله بعد هذا القرار، واليوم يتعلق الأمر بنا، ماذا سنفعل بشأن وحدتنا والاستعداد للفترة الانتقالية لانسحاب البريطانيين"، مشددة على ضرورة الاستماع للناس.

ووافق أعضاء الاتحاد ال 27 على إعطاء بريطانيا متنفس الثلاثاء وأنها تحتاج وقت لاستيعاب صدمة أصوات الخروج قبل تحريك المادة 50 والتي بموجبها تبدأ إجراءات الانفصال رسميا، وحذرت ميركل من أنه لا يمكن لبريطانيا اختيار شروط مفاوضات الخروج والتي تعكس اهتمامات واسعة النطاق من أن مغادرة بريطانيا ربما تؤدي إلى "تأثير الدومينو" للدول الأخرى الراغبة في مغادرة الاتحاد، وأفاد تاسك بعد 5 أيام من تصويت بريطانيا لمغادرة الاتحاد بمجمل 52% من الأصوات أنه يتفهم أن هناك احتياج للوقت لتستقر الأمور قبل اتخاذ الخطوات التالية، إلا أن السيد يونكر أوضح أنه ليس لدى بريطانيا أشهر للتأميل واضعا جدول زمني لتحريك المادة 50 لبدء الانسحاب رسميا بعد أن يتولى من يخلف كاميرون منصبه في أوائل سبتمبر/ أيلول.

وحذرت نقولا ستورجين من التحديات التي تواجهها لإبقاء اسكتلندا داخل الاتحاد الأوروبي بعد تصويت بريطانيا لصالح الخروج، والتقت الوزيرة الأولى مع مارتن شولتر رئيسا لبرلمان الأوروبي صباح اليوم وتلتقى السيد يونكر في وقت لاحق، وتعهدت ستورجين بحماية مكان اسكتلندا في الاتحاد الأوروبي بعد الاستفتاء الذي لم تدعمه بلادها بالمغادرة، وتعرضت السيدة ستورجين للحرج عندما أوضح مسؤولون أن السيد تاسك ليس لديه وقت للقائها فيما قال مصدر مقرب من تاسك "هذا ليس شئ صحيح في هذه اللحظة"، وأفادت السيدة ستورجين بعد لقائها مع السيد شولتر" يتعلق الأمر بالنسبة لي يتحديد موقف اسكتلندا ورغبتها في البقاء في الاتحاد الأوروبي وحماية علاقاتنا مع الاتحاد، لقد كان اجتماعا تمهيديا للغاية وأنا ممتنة لوقت الرئيس هذا الصباح، ونحن في مرحلة مبكرة جدا من هذه العملية وأوضحت رغبة اسكتلندا في حماية علاقتها بالاتحاد الأوروبي، ولا أقلل من شأن التحديات التي تنتظرنا، وهذه مجموعة أولية من الاجتماعات في بروكسل اليوم بحيث يفهم الناس أن اسكلتندا على عكس غيرها من المناطق في بريطانيا"، وتعارض العديد من الدول الأعضاء في الاتحاد ولاسيما أسبانيا انضمام اسكتلندا للاتحاد خوفا من إذكاء النزعة الانفصالية، وتلتقي السيدة ستورجين مع رئيس المفوضية السيد يونكر الساعة الرابعة مساء بعد أن رفض لقائها في وقت سابق، وقبل زيارتها قالت السيدة ستورجين للبرلمان الأسكتلندي أن صوت أسكتلندا سيتم الاستماع له بعد أن صوتت بريطانيا لصالح الخروج، موضحة أنها حصلت على دعم الحزب لمواصلة المحادثات الهادفة إلى حماية مكان اسكتلندا في الاتحاد الأوروبي، وأفاد خلال جلسة طارئة في هوليرود " تحدث اسكتلندا بوضوح لتبقى وأصر على الاستماع إلى صوت اسكتلندا، وأن إزالة اسكتلندا من الاتحاد ضد إرادة مواطنيها سيكون غير مقبول ديمقراطيا" مصرة على أنه لن يكون هناك 3 أشهر من الانجراف فين حين أن حزب المحافظين والعمل يتنافسون على القيادة في وستمنستر.

وأوضحت السيدة ستورجين أنها ستطلب من البرلمان الموافقة على إجراء استفتاء الاستقلال الثاني إذا رحلت من بروكسل دون دعم للبقاء في الاتحاد الأوروبي، مضيفة " سيحدث هذا إذا ما كان الاستفتاء الثاني هو أفضل طريقة والطريقة الوحيدة لحماية مكان اسكتلندا في الاتحاد الأوروبي"، كما تلقت دعما من "فيرهوفشتات" رئيس الوزراء البلجيكي السابق الذي يقود المجموعة الليبرالية في البرلمان الأوروبي، وردا على سؤال ما إذا كان يمكن لاسكتلندا أن تستقل للانضمام للاتحاد الأوروبي قبل مغادرة بريطانيا رسميا للاتحاد أضاف فيرهوفشتات " أعتقد بوجود هذا الاحتمال، إذا أرادت اسكتلندا مغادرة بريطانيا لتكون دولة مستقلة وقرروت الانضمام للاتحاد الأوروبي فليست هناك عقبة كبيرة لفعل ذلك"، وأوضح السياسي البارز في الاتحاد الأوروبي أنه سيكون انتحار للاتحاد إذا لم يتعاطف مع الدول التي تريد الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، مضيفا " الاتحاد الأوروبي كبير جدا مثل مشروع جيد ينتحر إذا لم يتعاكف مع أولئك الذين يرغبون في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي".