جنيف - صوت الإمارات
أعتبر المبعوث الدولي إلى سورية ستيفان دي ميستورا أن اتفاق الهدنة في جنوب غربي سورية هو "خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح"، مؤكدًا وجود مصالح مشتركة بين أميركا وروسيا، بينها محاربة "داعش" وخفض مستوى التصعيد في سورية، معرباً عن الأمل بالتفاهم بين البلدين على تنفيذ القرار 2254، مشيرًا الى أن مناطق "خفض التصعيد"، هي مناطق مؤقتة والتقسيم لن يكون جزءاً من مستقبل سورية.
وقال دي ميستورا في حديث لـ"الشرق الأوسط" أجري معه هاتفياً، إن "الجولة الحالية من مفاوضات جنيف التي تنتهي الجمعة ستحقق بعض التقدم التراكمي في فهم بعض العمل التحضيري الذي يجب فعله في انتظار لحظة مناسبة سياسيا لتحقيق اختراق في الحل". وأشار الى أن عمله وفريق المبعوث الدولي يرمي إلى التحضير والدفع والمساعدة لتحقيق اللحظة التاريخية.
وأكد أن أي وقف للنار، أي خفض للتصعيد، يكون دائماً خبرا جيدا للشعب السوري. لذلك، فإننا ندعم ذلك. لماذا؟ بعد ست سنوات من الحرب، وللأسف وبحزن أقول إن 400 ألف ربما قتلوا، فإن أول شيء يطلبه السوريون هو وقف النار. ثانيا، هذا الاتفاق الذي أنجز من الرئيسين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين الذي يتعلق بمنطقة جنوب غربي سورية، هو خطوة مهمة وذات مغزى في الاتجاه الصحيح. أيضا، هذا الاتفاق تحقق جراء سلسلة من الاجتماعات في عمَّان وبعد اجتماعات آستانة.
وقال: "هناك علاقة غير مباشرة بعملية آستانة. صحيح أن الهدنة نوقشت في عمَّان وليس في آستانة، لكنها جزء من المبادرة والعملية التي أطلقتها اجتماعات آستانة، وهي خلق مناطق لخفض التصعيد. وإننا نأمل أن هذه المنطقة والمناطق الثلاث الأخرى التي هي غالباً ستأخذ دفعة إضافية، خصوصاً أن هذه الهدنة الأخيرة ستقر قريباً في اجتماعات آستانة".
و عن آلية الرقابة في هذه الهدنة؟ قال دي ميستورا: " من الواضح أن الشيطان في التفاصيل، لذلك فإن المحادثات مستمرة في عمَّان حول كيفية تحقيق آلية رقابة فعالة، لأن كل وقف للنار، تعلمنا، لا يستمر بسبب الرغبة الطيبة للأطراف، بل يصمد بفضل آلية جيدة للرقابة ونظام رقابة يمنع تحول المشاكل التي لا يمكن تجنبها كي تصبح أكبر". وهناك نقطة أخرى، هي أنه يجب أن نبقى متذكرين أن هذه الهدنة مرحلية. لذلك أطلق عليها منطقة مؤقتة مرحلية لخفض التصعيد، وأن مبدأ وحدة سورية يجب ألا يتأثر أو يهدد بهذه الخطوة. هذا مبدأ نعمل جميعاً لأجله في كل عمل نقوم به. وعندما يكون هناك منطقة لخفض التصعيد، نتوقع أن ذلك سيزيد المساعدات الإنسانية وإطلاق المعتقلين والمخطوفين وبعض الأفعال المتعلقة بنزع الألغام، لأن هذه الأمور مهمة للشعب السوري.
سئل: ماذا تقول للسوريين القلقين من تحول مناطق خفض التصعيد إلى وصفة للتقسيم أو مناطق نفوذ لدول إقليمية أو خارجية؟
أجاب: أقول لهم بوضوح: أفهم قلقكم. ربما مقلق لكم، أنه عندما تكون هناك منطقة لخفض التصعيد ربما تظنون أن التقسيم أمر واقع، لكن أريد أن يعرف السوريون أن الأمم المتحدة والمجتمع الدولي مصمم بشكل مستمر أن هذه مناطق مؤقتة والتقسيم لن يكون جزءاً من مستقبل سورية.
وأضاف: أريد التركيز على الإدارة الأميركية الحالية بناء على التصريحات والإشارات، واضح أن هناك مصالح مشتركة بين روسيا وأميركا. إحدى هذه المصالح المشتركة، هي محاربة وهزيمة "داعش". هذا التنظيم يمكن أن تكون له علاقة بهجمات مستقبلية في أميركا ونيويورك ولندن وباريس وبروكسل وتونس وأوتاوا وسانت بطرسبورغ وفي أي مكان. واضح أن هناك مصلحة مشتركة لروسيا وأميركا لمحاربته، وهما قريبتان من التعاون في هذا المجال.
النقطة الثانية من المصالح المشتركة، هي خفض التصعيد في سوريا، لأنه ليس من مصلحة أي منهما زيادة مستوى التصعيد للصراع في سوريا لأن هذا يزيد من اللااستقرار في المنطقة ويزيد من تدفق اللاجئين ويصب في مصلحة "داعش" الذي ينمو في وسط اللااستقرار والتصعيد في المنطقة. لذلك، آمل أن تكون هناك نقطة بالمصلحة المشتركة بين روسيا وأميركا وهي الاستقرار في سورية، وهي كيفية تنفيذ القرار الدولي 2254 عبر العملية السياسية في جنيف.
سئل: هناك نقطتان من المصالح المشتركة بين أميركا وروسيا، هل هما كافيتان كي تجعلاك متفائلاً بهذه الجولة من مفاوضات جنيف وأن هذه الجولة مختلفة عن سابقاتها؟
أجاب دي ميستورا بالقول: "دائماً أنا حذر في توقعاتي، لكني أبقى إيجابياً نيابة عن الشعب السوري. إنني حذر وبراغماتي وواقعي، لذلك سأقول الآتي: هذه اللحظة، ليس فقط المصالح المشتركة بين روسيا وأميركا، بل الدول الأخرى مثل فرنسا والعالم العربي وتركيا وكل دولة في المنطقة، الكل يريد إنهاء الصراع، بل على الأقل خفض مستوى العنف إلى مستوى اللاتصعيد".
وأضاف: "لكن مع ذلك، يجب أن نتذكر أن الشيطان بالتفاصيل، وكانت هناك تطورات ساهمت سابقاً في التصعيد. لا أتوقع في هذه الجولة التفاوضية اختراقاً لأننا في مرحلة التحضير إلى اللحظة التي يتحقق فيها الاختراق. إننا نقوم في العمل التحضيري التراكمي. عملية آستانة مثال. الكل اعتقد أنها ستمضي بسرعة، لكن الذي حصل هو عمل تراكمي ثم تحقق اتفاق خفض التصعيد". وتابع: "أيضا، هذا مشابه في عملية جنيف. هي مثل عملية آستانة، لن نحقق اختراقاً بل تقدما تراكميا وإيجابيا في التحضير للحظة التي نستطيع بدء مفاوضات حقيقية".
وعما يتوقعه من هذه الجولة التفاوضية؟ أجاب: أنت لا تتحدث عن ستيفان دي ميستورا، بل تتحدث عن المفاوضين الرئيسيين. أنا وسيط، لذلك أن مهمتي تقوم على عدم القيام بتقدم أي توقعات حول نتائج المحادثات. يجب أن تسألني هذا السؤال يوم الجمعة المقبل. الآن، لن أقول أكثر مما قلت.
وقال: "تعلمت أنه في كل اتفاق لوقف النار، كان هناك مبادرات تخريبية من أطراف. لن أسمي حالياً أي منها سوى "النصرة" و"داعش". ما أعرفه أنه عندما تكون هناك رغبة قوية وصارمة من قوتين كبريين مثل روسيا وأميركا وهناك اتفاق بين دول مثل إيران وروسيا وتركيا في آستانة وأن كل طرف من هذه الأطراف سيؤثر بشكل إيجابي بالنسبة إلى الاتفاق. لذلك ستسيطر هذه الأطراف على محاولات التخريب لو كانت موجودة.
وحول وضع الأكراد و"قوات سورية الديمقراطية" ؟ قال دي ميستورا: دعني أكن محدداً جداً حالياً حول هذه النقطة. عندما أشرت إلى هذا الموضوع في الحديث إلى وكالة "سبوتنيك" الروسية، في الواقع أجبت ما إذا كان الأكراد يجب أن يكونوا جزءاً من العملية التفاوضية المستقبلية حول دستور سوريا الجديد. كنت أشير إلى المكون الكردي (المجموعة الكردية). هناك سوريون أكراد موجودون في سوريا، لم أكن أشير بالضرورة إلى أي مجموعة سياسية أو عسكرية. أظن، أنه لا يمكن لأحد أن ينكر أنه عندما، لم يحن الوقت بعد لأننا لا نزال في مرحلة ما قبل المفاوضات، عندما تكون هناك محادثات حول الدستور، فإن المكون الكردي في
سئل: باعتبارك وسيطاً تريد تنفيذ القرار 2254 والتفاوض حول "السلال الأربع"، ما فهمك لهذا القرار؟ ما أنسب طريقة لتنفيذ القرار؟ أجاب: أنت تسألني سؤالاً يجب ألا أجيب عنه. هذا سؤال للسوريين أن يجيبوا عنه. هذه بالضبط مهمة الوسيط. القرار 2254 واضح ومحدد كمرشد. مهمة الوسيط هي كيف تصل الأطراف السورية إلى أرضية مشتركة وينفذون إرشادات القرار 2254، ومهمتي ليست إطلاق أحكام مسبقة. ولن أوضح الكثير عن تفاصيل محددة، بل أفضل أن أناقش في شكل إيجابي مع الأطراف السورية، وقتذاك فقط سأكون قادراً على مناقشة بعض الأمور في شكل علني.
وختم الموفد الدولي بالقول: "إنني واقعي. ربما هذا الأسبوع المحدد من المفاوضات سيحقق بعض التقدم التراكمي في فهم بعض العمل التحضيري الذي يجب فعله. مثال، في بعض الأحيان، في العالم العربي أو مكان آخر يقول البعض: السيد دي ميستورا، ماذا تفعل بهذا التبادل التراكمي والتحضيري في الملف السوري، إننا لا نرى نتائج كبيرة؟ جوابي: تذكروا ما أقوم به. في أفغانستان أو العراق عندما كانت قضية كبرى قبل سنوات. وقتذاك، كانت هناك محادثات ولقاءات في جنيف وأماكن أخرى حول تفاصيل. البعض كان يقول إنني كنت أضيع الوقت. لكن يوماً ما وفي أحد الأيام وفي ليلة واحدة، توفرت البيئة لعقد مؤتمر عاجل في بون. كانت هناك عجلة ولم يكن هناك وقت للتحضير. لكن، كل طرف اكتشف أن كل العمل الذي كنا نقوم به والحركات التراكمية جعلت من مؤتمر بون ناجحاً. هذه هي الزاوية التي يجب أن ننظر عبرها إلى الأمر والعمل الشاق الذي نقوم به هنا في جنيف في هذه الأيام".