أثينا - سلوى عمر
زار البابا الجزيرة اليونانية من أجل تسليط الضوء على أزمة اللاجئين, وأعرب للمحتشدين عن أمله في أن تلفت هذه المشاهد المأساوية إنتباه العالم, وإصطحب معه خلال عودته إلى الفاتيكان إثني عشر شخصًا من اللاجئين الضعفاء الذين يواجهون الترحيل من جزيرة ليسبوس Lesbos"" اليونانية، في إستنكار واضح إلى سياسة الإتحاد الأوروبي بشأن إرسال المهاجرين واللاجئين إلى تركيـا, وجاء ذلك خلال زيارة زعيم الكنيسة الرومانية الكاثوليكية السبت إلى الجزيرة اليونانية من تسليط الضوء على أزمة اللاجئين في مختلف أنحاء القارة, وأكد مسؤول على أن جميع هؤلاء اللاجئين من المسلمين السوريين، فيما يعد ستة منهم من القاصرين الذين وصلوا إلى ليسبوس قبل سريان إتفاق الترحيل.
وقضى البابا خمس ساعات في ليسبوس مع برثلماوس الأول وهو الزعيم الروحي للمسيحيين الأرثوذكس في العالم، وكذلك ليرونيموس الثاني رئيس أساقفة أثينا واليونان, كما عقد لقاء مع اللاجئين، وأقام موعظة لمباركة هؤلاء الذين لقوا مصرعهم خلال محاولتهم إدراك أوروبـا.
وقال المتحدث بإسم الكرسي الرسولي بأن البابا رافق على متن طائرته إلى رومـا ثلاث عائلات من اللاجئين السوريين تتألف من 12 شخصًا بينهم ستة أطفال, وقد جاءت عائلتين من دمشق، بينما العائلة الثالثة كانت من دير الزورDeir Azzor ( حيث المنطقة التي يسيطر عليها تنظيم داعش)، بعدما تعرضت منازلهم للقصف, وسوف يتولى الفاتيكان مسؤولية جلب ورعاية هذه العائلات الثلاث، مع تولي جماعة سانت إيجيديو Sant’Egidio للضيافة الأولية.
وأمضي البابا الصباح في لقاء المئات من المهاجرين واللاجئين داخل مركز الإحتجاز سيء السمعة على الجزيرة, كما تقابل مع رئيس الوزراء اليوناني الكسيس تسيبراس في مطار ميتيليني Mytilene في بداية أكبر المجهودات التي قام بها من أجل تسليط الضوء على الأزمة الإنسانية التي تجتاح أوروبا.
وشهدت جزيرة ليسبوس تدفق أكثر من 850,000 لاجئ من إجمالي 1,1 مليون سوري وأفغاني وعراقي والذين إجتاحوا أوروبـا العام الماضي عبر الجزيرة, فيما كان ينظر إلى زيارة البابا على أنها توطيد للعلاقة ما بين فروع المسيحية الغربية والشرقية بعد إنفصالهما الأليم في 1054
وخاطب البابا اللاجئين قائلاً بأنه حضر إليهم للتأكيد على أنهم ليسوا وحدهم، مشيرًا إلى أن الشعب اليوناني قد إستجاب بسخاء لإحتياجاتهم على الرغم من الصعوبات التي يعانوا منها, كما أعرب عن أمله في أن تعير هذه المشاهد المأساوية إنتباه العالم والتعامل مع المهاجرين بطريقة تليق بكرامتنا الإنسانية المشتركة.
وبعد تناول الغداء مع ثمانية من اللاجئين في موريـا Moria، فقد أقام زعماء الكنيسة الثلاث نصب تذكاري لضحايا الهجرة في ميناء ميتيليني Mytilene’s الذي كان شاهداً على أول ترحيل تم في وقتٍ سابق من هذا الشهر بعد تطبيق إتفاق ما بين الإتحاد الأوروبي وتركيـا.
وأمام الحشد الكبير، فقد أصدر البابا نداءً من أجل " المسؤولية والتضامن " تجاه اللاجئين في الميناء، والذين قال عنهم بأنهم إضطروا إلى خوض تجربة مريرة في مناخ من القلق والخوف وعدم اليقين بشأن مستقبلهم.
ووصفت الحكومة اليسارية في اليونان زيارة السبت للزعيم الديني بالمهمة للغاية، كما أنه كان من المتوقع بحث تسيبراس مع البابا الوضع الموقف الذي يزداد صعوبة في اليونان في ظل بذل مجهوداتٍ كبيرة لإيواء اللاجئين في مرافق مؤقتة على الرغم من أن عدد الوافدين قد إنخفض بشكل كبير منذ دخول إتفاق الترحيل حيز التنفيذ في 20 من آذار / مارس. كما إنسحبت منظمات حقوق الإنسان من موريا ومراكز احتجاز أخرى خوفا من أن تشملهم عمليات الترحيل الجماعي.
وفي حديث الشاب الباكستاني شام جات Sham Jutt البالغ من العمر 21 عامًا عن أزمة اللاجئين، فقد أعرب عن أمله في تدخل البابا لحل الأزمة، مضيفاً بأن المخيم تغير من كونه مركزاً للتسجيل إلى سجن عقب الإتفاق المثير للجدل الذي توصل له الإتحاد الأوروبي مع تركيا، بحيث بات الجميع يخشي من الترحيل.
وقبيل وصول البابا، فقد قامت السلطات بتنظيف المخيم وطلاء الجدران المكتوب عليها، إضافةً إلى إحلال الحاويات محل الخيم وتثبيت مكيفات للهواء وإخراج العائلات من المنشأة المكتظة إلى مركز إحتجاز في الهواء الطلق يقع في مكانٍ قريب. كما أوضح جاكوب مامزاك وهو متطوع من كاليفورنيـا بأن المحتجزين حصلوا على ملابس نظيفة والإستحمام لأول مرة بعد 25 يوماً فضلاً عن الحصول على طعام جيد ولكن الظروف لا تزال غير إنسانية.
وجاءت زيارة البابا في الوقت الذي ذكر فيه الكاردينال فنسنت نيكولز رئيس الكنيسة الكاثوليكية في إنكلترا و ويلز بأن برنامج إعادة توطين اللاجئين في المملكة المتحدة الذي وضعه ديفيد كاميرون بمثابة " خيبة أمل كبيرة "، مؤكداً على أن إستجابة بريطانيـا للأزمة يسير ببطيء شديد, داعياً إلى زيادة عدد اللاجئين الذين يتم إستقبالهم وإظهار المزيد من الإنسانية.
وأعلن ديفيد كاميرون عن خطط لإعادة توطين 20,000 لاجئ سوري في بريطانيـا خلال ذروة الأزمة، في مشروع تتجاوز تكلفته 500 مليون جنيهاً إسترليني بحسب ما ذكرت الحكومة في وقتٍ سابق هذا الأسبوع, فيما رفض نيكولز المقترحات بضرورة عدم إستقبال بريطانيا للاجئين نظرًا لأن بعض البريطانيين يكافحون من أجل تغطية نفقاتهم، مشيرًا إلى أن ذلك الكفاح لا يرتقي إلى النضال الذي يواجهه هؤلاء الأشخاص في القرى المتضررة داخل وحول مدينة الموصل وفي أجزاء متفرقة من سورية، ومن ثم يتوجب تسخير الموارد السياسية والمالية لهؤلاء اللاجئين.