دمشق - نور خوّام
تزاحمت أعداد كبيرة من السوريين على مدار الأيام الماضية أمام فرع الهجرة والجوازات في دمشق للحصول على جواز السفر الذي يحلمون من خلاله مغادرة البلاد إلى غير رجعة هربًا من الحرب.
وكان السوريون مع ازدياد وطأة المعارك في أغلب المناطق السورية، يسعون إلى الحصول على وثيقة السفر لاعتبارات شخصية وعامة، ولكنها لم تصل إلى هذه التجمعات الكبيرة، وتكاد منطقة البرامكة تصبح الأكثر ازدحامًا في كل العاصمة، ولا تكاد المكاتب التي تعمل على تنظيم وتصوير الأوراق الثبوتية تخلو من العشرات، وكذلك الصفوف والطوابير التي تنتظر استلام الجوازات أو التقدم للحصول عليها.
وتأتي هذه الزيادة في أعداد الراغبين بالهجرة بعد تقديم البلاد المستقبلة للاجئين، وخصوصًا ألمانيا تسهيلات غير مسبوقة، حيث أكدت مصادر إعلامية أن ألمانيا قررت منح اللاجئ الإقامة الدائمة بعد انتهاء إقامة اللجوء لثلاثة أعوام بغض النظر عن وضع البلاد التي جاء منها اللاجئ إلا بحالة طلبه عدم إعطائه الإقامة الدائمة، ما أدى إلى تدافع المواطنين للحصول على وثائق السفر من أجل البحث عن الفرصة الألمانية الذهبية التي إن توافرت حسب ما يدّعي البعض ستكون مقدمة حياة مستقرة، فكل من يسعى وراءها يتحدث عن العيش الرغيد من دون عمل، واللجوء المريح وأن التسهيلات في الطريق إلى هذا الحلم لم تعد متعثرة.
وأوضحت إحدى المنتظرات على باب الهجرة والجوازات، أن ابن أخيها اتصل منذ أيام وحدثها عن الترحيب الكبير الذي لاقاه في ألمانيا، وأن الطريق كان سهلًا عكس ما كان يقال عن الغرق والاحتجاز في اليونان، والسير على الأقدام بين هنغاريا ومقدونيا والضياع في الغابات، وأنه وصل بفترة 10 أيام قضاها من دمشق إلى تركيا ومن ثم بالبحر إلى ألمانيا، وكذلك الطريق البري ليس عسيرًا، وأنه اجتياز الحدود مشيًا لمدة لا تزيد عن يومين.
ونقل مواطنون آخرون لذويهم روايات أخرى علقوا من خلالها في الطريق إلى الحلم، وأنه يبدو عاديًا لحظة الوصول إلى تركيا وتحديدًا إلى أزمير، ومن ثم سيفاجأ المواطن أن فترة انتظاره ستطول على عكس ما قيل له إنها مجرد يومين وتغادر حيث تنتظرك اليخوت التي ستحملك إلى اليونان.
وروت سيدة أن ابنها قص عليها الأيام الطويلة التي انتظرها في حدائق أزمير، وفيها تتجمع وتنام عائلات كثيرة في أوضاع إنسانية مزرية بانتظار دورها في العبور إلى الحلم.
وأفادت سيدة أخرى بأن عائلة صديقتها انقطعت عنهم الأخبار والاتصالات منذ أكثر من أسبوع بعد أن تمكنوا من عبور الحدود اليونانية ودخلوا في قرى حدودية ولا يعرف مصيرهم، وهؤلاء ربما ضاعوا في الغابات أو اعترضت طريقهم عصابات وقتلتهم وهناك روايات كثيرة عن موت الكثيرين الغامض.
ولا تخلو مواقع التواصل من حكايات فظيعة ومصائر مجهولة لاقاها السوريون في رحلة الهجرة وراء البريق الأوروبي، وآخرها ما تردد عن شخص تم ذكر اسمه الكامل وهو يمتهن تجارة الأعضاء البشرية، وينشط بين تركيا والحدود السورية ويأخذ الناس بحجة تهريبهم إلى أوروبا، وبعدها يسلمهم إلى تجار يقتلونهم ويأخذون أعضائهم، وتم نشر صورته وهو في العشرينيات من عمره.
وكشفت وزارة الهجرة واللجوء الألمانية في إحصاءاتها المبدئية أن 95% من اللاجئين سيحصلون في نهاية المطاف على الإقامة الدائمة بعد انتهاء فترة اللجوء المؤقتة ومدتها ثلاثة أعوام.
وأضافت أن التعديل الجديد ألغى أيضًا تحديد مكان سكن حاملي إقامة "الحماية الإنسانية"، حيث أصبح بإمكانهم الانتقال للسكن في أي مدينة في ألمانيا.
وأغرى السوريون بالتأكيد العرض الألماني، فأغلب المصطفّين في الطوابير لا تبدو عليهم المعاناة هذه المرة، وتوحي ملابسهم النظيفة ونوعيتها بأنهم من الذين يحلمون بقفزة أنظف بعيدًا عن قذائف الهاون التي بدأت تتساقط بشكل يومي على العاصمة السورية دمشق.