لندن ـ صوت الإمارات
اعتبر الكاتب البريطاني ديفيد جاردنر، زيارة نائب الرئيس الأمريكي، جو بايدن، إلى أنقرة مؤخرا بمثابة محاولة لترقيع العلاقات مع رئيس تركيا المشاكس، رجب طيب أردوغان، والتي اهترأت بعد انقلاب يوليو الفاشل.
وأشار جاردنر – في مقال بالـفاينانشيال تايمز - إلى شن الجيش التركي أولى عملياته الحقيقية في سوريا، محاصرًا بذلك منطقة "جرابلس" الحدودية الخاضعة لسيطرة داعش، ومذكرًا واشنطن بقيمة أنقرة كـحليف للـناتو.
واستدرك جاردنر قائلا: "وبعد، لكن هذا الوضع المُرضي ظاهريا هو في حقيقة أمره مُضّلل؛ ذلك أن تركيا لا تزال على مسار تصادمي مع الغرب، فهي تقاتل على أكثر من جبهة في وقت واحد".
ورصد الكاتب إصرار أردوغان، في مؤتمره الصحفي مع بايدن الذي انعقد الأربعاء، على المطالبة بتسليم أمريكا للداعية المقيم في بنسلفانيا، عبد الله جولن، الذي تتهمه أنقرة بالتخطيط للانقلاب الدموي الذي جرى الشهر الماضي... قال اردوغان: إن أمريكا يجب أن تختار بين "تركيا أو "فيتو" (اختصار منظمة فتح الله الإرهابية) على حد وصفه.
وعلى صعيد الاتحاد الأوروبي، المنظور إليه باعتباره يدير ظهره لتركيا المسلمة كعضو في الاتحاد، فإنه ليس فقط الحزب الإسلامي الحاكم ولكن أيضا الليبراليون الأتراك يتسخطون على الأوروبيين كونهم انزعجوا من أعمال القمع التي قامت بها الحكومة التركية بعد الانقلاب أكثر من انزعاجهم من الانقلاب نفسه.
ورصد جاردنر توجُه اردوغان صوب إيران بُعيد رحلة قام بها إلى روسيا محاولا إصلاح ذات البين مع فلاديمير بوتين القوى... هاتان (إيران وروسيا) هما داعمتا نظام الأسد في سوريا الذي جاهدت تركيا لإسقاطه على مدى خمس سنوات... فهل ثمّ ما يُستشف من هذا الارتباك؟
وقال جاردنر: "بداية، على أمريكا والاتحاد الأوروبي الإقرار بأن الانقلاب الفاشل كان اعتداء وحشيا على جمهورية ديمقراطية، وأنه على خلاف الانقلابات السابقة، كان هذا مجرد تمرد جزئي... وتشير الأدلة إلى وقوف ضباط مؤيدين لفتح الله جولن وراء الانقلاب، وسواء أدار جولن بشكل مباشر الانقلاب أم لم يديره – وهو ما تطالب واشنطن أنقرة بإثباته - فإن الحقيقة الواضحة هي أن الدولة التركية تعرضت لاختراق واسع النطاق من جانب مؤيدي جولن.
ورصد صاحب المقال محاولة تركيا تشبيه جولن بكل من أسامة بن لادن وآية الله خوميني... ورأى جاردنر أنه "من الصعب رؤية كيف يمكن لاردوغان مواصلة القتال في نفس الوقت ضد كل من أنصار جولن وتنظيم داعش والمتمردين الأكراد، لا سيما في ظل استمرار أنقرة في التصادم مع حلفائها الغربيين التقليديين.
وقال جاردنر "ظاهرة جولن يمكن تقويضها وتنظيم داعش سيختفي لكن الأكراد سيبقون بمثابة تهديد وجودي دائم لوحدة الإقليم التركي"... لكن الانقلاب، الذي رفضه خصوم حزب العدالة والتنمية الحاكم بمن فيهم حزب الشعوب الديمقراطي الداعم للأكراد، هذا الانقلاب يتيح فرصة للرئيس (اردوغان) – لا سيما إذا ما استخدمت الولايات المتحدة نفوذها الجديد مع الأكراد الذين كانوا يتحدثون عن سلام مع أنقرة حتى الصيف الماضي.
واختتم الكاتب قائلا "ربما يلجأ أردوغان إلى تحميل أنصار جولن اللائمة في إشعال تمرد حزب العمال الكردستاني، تماما كما لجأ مؤخرا إلى تحميلهم لائمة إسقاط الطائرة الروسية في نوفمبر الماضي وإفساد ذات البين مع صديقه المستر بوتين."