الاتحاد الأوروبي

سيطرت ردود الفعل وتقييم تداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على عناوين كبريات الصحف العالمية الصادرة اليوم السبت.
فمن جانبها، قالت صحيفة (واشنطن بوست) الأمريكية - في تقرير لها بثته على موقعها الإلكتروني - "إن الساعات التي تلت قرار الانسحاب حملت معها تداعيات هزت الشارع البريطاني بنحو جعل المملكة المتحدة تستشعر من جديد خطر التفكك، مشيرة إلى أن قرار الانسحاب من الاتحاد الأوروبي ربما يكون واحدا من أبرز نقاط التحول في تاريخ بريطانيا الحديث، بنحو قد يعيد توجيه مكانة ونفوذ بريطانيا في العالم بشكل جذري".

وأضافت "أنه مع اختلاط مشاعر الفرحة بين أوساط مؤيدي الانسحاب وتحذيرات محبي اليورو باحتمالية تعرض البلاد لكوارث لا حد لها، لم يعلم أحد إلى أين ستذهب بريطانيا.. ولكن على المدى القصير، فإن الآراء المتشائمة ترى أن تصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عكس تنامي حالة كبيرة من الانقسام الداخلي آثار معه سؤالا محوريا عمن سيقود بريطانيا في هذه اللحظات الحاسمة من تاريخها؟ّ".
ولفتت الصحيفة إلى قرار رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بالتنحي عن منصبه بعدما فشلت حملته في إقناع البريطانيين بالبقاء في الاتحاد الأوروبي، وتعهده في الوقت ذاته بتسيير الأعمال خلال الشهور القادمة حتى تختار بريطانيا رئيسا جديدا لوزرائها.. ونقلت عن رئيسة وزراء إسكتلندا نيكولا ستورجيون قولها "إنه بغض النظر عن هوية رئيس الوزراء البريطاني القادم، فإنه سيجد نفسه مضطرا لخوص معركة للحيلولة دون تفكك المملكة المتحدة وانهيارها".

وعن التداعيات الاقتصادية، أوضحت الصحيفة تراجع الجنيه الاسترليني أمام الدولار في إحدى المراحل إلى أدنى مستوى له منذ عام 1985، قبل أن يتعافى بشكل معتدل، كما تراجعت الأسهم داخل البورصات العالمية من طوكيو حتى نيويورك مع انخفاض حاد شهدته الأسواق البريطانية.

أما صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية، فحذرت - في مقال نشرته اليوم على موقعها الإلكتروني - من احتمالية وقوع المزيد من الانشقاقات داخل أوروبا، وفي بريطانيا نفسها جراء الاستفتاء.. ورأت أن قرار الانسحاب ترك خطوطا عريضة من التشككات حول مستقبل بريطانيا برمته، بل وأبرز كم الانقسامات العميقة داخل البلاد (الشباب مقابل الكبار، الحضر مقابل الريف، إسكتلندا مقابل انجلترا)، كما لاحت سحب تبادل الاتهامات بسرعة كبيرة في الأفق حتى أطاحت بحكومة ديفيد كاميرون، الذي دعا في الأصل إلى إجراء الاستفتاء على عضوية بلاده في اليورو لإدارة التمرد الذي اندلع داخل حزب المحافظين، الذي ينتمي إليه.

وقالت "إن خروج بريطانيا من اليورو مثل تحديا قويا آخر أمام قادة أوروبا وهم يحاولون صد موجات الغضب الشعبي، حيث بدأت الأحزاب اليمينية المتطرفة في استغلال الأمر فقام كارهو بروكسل في جميع أنحاء أوروبا بالترويج من أجل حذو نهج بريطانيا، كما دعت مارين لوبان من الجبهة الوطنية الفرنسية لإجراء استفتاء حول ذات الشئ إلى جانب جريت فيلدرز من حزب الحرية في هولندا".
وأشارت الصحيفة إلى أن المسئولين الأوروبيين اجتمعوا في بروكسل لبدء المناقشات حول مستقبل الاتحاد والتأكيد على التزامهم بتحسين وتقوية الكتلة، التي أضحت مكونة من 27 عضوا بعد خروج بريطانيا، لافتة إلى أن إجراءات الانسحاب قد تتم ببطء وربما تأخذ سنوات بما يؤكد انسحاب بريطانيا من أكبر منطقة تجارية بالعالم يديرها نحو 508 ملايين نسمة، منهم 65 مليون شخص في بريطانيا، فضلا عن التخلي عن الالتزام بحرية الحركة العمالية ورأس المال والسلع والخدمات.

وبدورها، ذكرت صحيفة (فاينانشيال تايمز) البريطانية - في تعليق لها بثته على موقعها الإلكتروني - أن التصويت آثار استياء حلفاء بريطانيا داخل البلاد في فترة من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي، كما شكل أيضا تحديا وجوديا للاتحاد الأوروبي بعد ما يقرب من ستة عقود من التكامل.

ونقلت الصحيفة عن رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس قوله "إنها صدمة كبيرة وضعت أوروبا على المحك"، بينما وصفت المستشارة الآلمانية أنجيلا ميركل الاستفتاء بأنه "نقطة تحول كبيرة في تاريخ أوروبا".

وأضافت الصحيفة "أن نتيجة الاستفتاء كشفت وجود انقسامات عميقة في جميع أنحاء بريطانيا، فقد جاءت لندن المزدهرة وإسكتلندا لتصوت بفارق كبير لصالح البقاء، بينما فضلت المدن المأهولة بالعمال والمنتجعات السياحية والمناطق الريفية التصويت لأجل الانسحاب، مشيرة إلى أن النتيجة فاجأت أيضا المؤسسات السياسية في بريطانيا وعموم أوروبا.. فرغم أن التوقعات بأن النسب بين الخيارين ستكون قريبة، إلا أن استطلاعات الرأي الأخيرة كانت تميل دوما إلى إحداث فارق طفيف لصالح البقاء".