بيرستال - صوت الإمارات
دعا رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الجمعة الى "التسامح" والاتحاد وذلك لدى زيارته قرية بريستال (شمال انكلترا) حيث قتلت النائبة جو كوكس الخميس، كما دعا البرلمان الى عقد جلسة استثنائية الاثنين.ووضع كاميرون وزعيم المعارضة العمالية جيرمي كوربن ورودا في المكان الذي اغتيلت فيه كوكس لتضاف الى مجموعة الاكاليل الكبيرة هناك.
وقبل اقل من اسبوع على اجراء الاستفتاء على عضوية بريطانيا في الاتحاد الاوروبي والذي ادى الى انقسام البلاد واثار نقاشا محتدما بين المعسكرين المؤيد والمعارض لخروج البلاد من الاتحاد، دعا كاميرون الى لحظة تفكير. وقال "اينما نرى حقدا او انقسامات او عدم تسامح علينا ازالتها من حياتنا السياسية وحياتنا العامة ومجتمعاتنا".
واضاف "اليوم اصيبت بلادنا بالصدمة. ان هذه لحظة نقف فيها ونفكر في بعض الامور المهمة جدا لبلادنا". وربط بعض المعلقين مقتل النائبة بالاستفتاء الذي اثار التوترات بسبب تناوله قضايا تتعلق بالهوية والقومية والهجرة. واغتيلت جو كوكس (41 عاما) وهي ام لطفلتين، في وضح النهار في خضم الحملة على الاستفتاء في قرية بريستال بشمال انكلترا.
واوقف المعسكران حملتهما على الاستفتاء ثلاثة ايام تشمل يوم السبت احتراما للنائبة، قبل اقل من اسبوع على الاستفتاء الذي سيجري يوم الخميس 23 حزيران/يونيو.
- وجه مغطى بالدماء -
اغتيلت كوكس، العاملة الانسانية السابقة والمؤيدة لحملة البقاء في الاتحاد الاوروبي والمعروفة بدفاعها عن اللاجئين السوريين، الخميس امام مكتبة تلتقي فيها عادة أهالي دائرتها. وقال شاهد العيان هشام بن عبد الله (56 عاما) لوكالة فرانس برس انه سمع طلقين ناريين وشاهد امرأة نحيلة على الارض.
واضاف هشام الذي عمل مع كوكس قبل انتخابها للبرلمان لاول مرة العام الماضي "لقد كان وجهها مغطى بالدماء".واعتقل رجل في الثانية والخمسين من العمر قالت وسائل الاعلام انه يدعى توماس مير وهو من اهالي المنطقة. ووصفه الجيران بالانعزالي وكانت ثمة مؤشرات الى تعاطفه مع اليمين المتطرف، كما كان يعاني من مشاكل نفسية.
وقال ستيفن ليز الذي كان صديقا لشقيق مير انه "كان يفرك يديه بمنظف قوي وبفرشاة للاظافر حتى تصبح حمراء جدا".وروى احد شهود العيان ويدعى كلارك روثويل صاحب مقهى لوكالة "برس اسوسييشن" ان المسلح صرخ "اجعلي بريطانيا اولا" عدة مرات خلال الهجوم.
و"بريطانيا اولا" هو اسم مجموعة من اليمين المتطرف معادية للهجرة، لكنها نفت اي ضلوع لها في الهجوم.
وصرحت النائبة العمالية ايفيت كوبر لاذاعة البي بي سي "لا نعرف بعد ملابسات هذه القضية، الا ان هناك تزايدا في حدة النقاش العام". وفي برلين دعت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل الجمعة الاحزاب السياسية البريطانية الى التخفيف من النقاش في الاسبوع الاخير.
وقالت "ان المبالغات ولغة التطرف لا تساعد على ترسيخ جو من الاحترام". وفي لاهاي، اعلن رئيس الوزراء الهولندي مارت روت الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي الجمعة ان "التسامح وحرية التعبير هما من الاهمية بمكان للسماح للسياسيين بالقيام بعملهم".
وقال روت في مؤتمره الصحافي الاسبوعي "نتمتع بحرية التعبير عن ارائنا، وما دمنا لا نؤجج العنف ضد الافراد او المجموعات، نستطيع ان نقول كل ما نشاء".
-"مراسلات خبيثة"-
تعتبر كوكس اول عضو في البرلمان البريطاني يتم اغتياله منذ مقتل النائب ايان غو على يد مسلحي الجيش الجمهوري الايرلندي في تفجير سيارة مفخخة في 1990. وقالت الشرطة ان كوكس اشتكت في وقت سابق من هذا العام من تلقيها "مراسلات خبيثة".
وفي اذار/مارس اعتقلت الشرطة رجلا واصدرت بحقه تحذيرا رسميا، وافرجت عنه لاحقا. الا انه ليس الرجل نفسه الذي اعتقل الخميس. وقالت صحيفة "تايمز" ان الشرطة فكرت في زيادة الاجراءات الامنية لها، في حين طرح معقلون فكرة توفير حماية اضافية لجميع النواب.
وذكرت منظمة "ساذرن بوفرتي لو سنتر" الاميركية المدافعة عن الحقوق المدنية ان مير الذي اقام في المنطقة لعقود، "من الانصار المتفانين" ل"التحالف الوطني" الذي كان لعشرات السنين اكبر منظمة للنازيين الجدد في الولايات المتحدة.واضافت المنظمة ان مير انفق اكثر من 620 دولارا (550 يورو) على شراء مطبوعات من المنظمة التي تدعو الى بناء امة مؤلفة من البيض حصرا والى القضاء على الشعب اليهودي.
واضافت ان مير اشترى كتيب تعليمات حول صنع بندقية، لافتة الى ان شهود عيان قالوا لوسائل الاعلام البريطانية ان المهاجم استخدم بندقية تبدو "من طراز قديم" او "مصنعة يدويا".
- الاتحاد ضد الكراهية -
وكوكس التي دافعت في خطابها الاول امام البرلمان عن الهجرة والتنوع، تقيم مع زوجها برندان وطفلتيهما (3 و5 سنوات) في مركب على نهر تيمز.ووضعت اكاليل الزهور على سطح المركب الجمعة حيث كانت تعيش، وسط تكريم السكان لها.
وبعد ورود الانباء عن مقتلها، وجه برندان نداء مؤثرا للتماسك والوحدة في مواجهة الكراهية.وقال برندان في بيان بعد وفاتها ان "جو كانت تؤمن بعالم افضل". واضاف انها "كانت تريد امرين قبل كل شيء: الاول ان يغمر اطفالنا بالحب والثاني ان نتحد لنكافح معا الكراهية التي قتلتها".
وقبل اغتيال كوكس، اظهرت استطلاعات الرأي احتمال فوز معسكر خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي في الاستفتاء المرتقب. وأثر هذا الاحتمال على أسواق المال وأدى الى تراجع الجنيه الاسترليني.لكن المستثمرين رجحوا ان تزيد مأساة اغتيال النائبة من احتمال فوز معسكر البقاء في الاتحاد الاوروبي.