رجب طيب أردوغان

قال الكاتب البريطاني، ديفيد بلير إن "الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان إذا كان ‏يتصف بأنه انتقامي وسريع الغضب ومستبد وعنيد، قبل محاولة عصبة من الجنرالات الأتراك الرمي به في ‏غياهب النسيان، فإن صفات (أردوغان) الآن بعد أن نجا من مكائدهم ستتضاعف حدتها وتتعزز".

وأضاف بلير - في مقاله بالتلغراف - أنه "إذا كان أردوغان حليفا مزعجا لأوروبا وأمريكا في الماضي، ‏فإن القائد الذي تغلب للتو على إنقلاب عسكري سيكون قادرا على أي شيء تقريبا".ورأى الكاتب أن "أردوغان وجد دفاعا لنفسه وتبريرا لأفعاله، من أحد الوجوه، وكان قبل اشتعال ‏الاضطراب مساء الجمعة - كان يواجه أكبر انتقاد له وهو تهمة البارانويا (الارتياب).. 

وكان يمكن للغربيين ‏‏(قبل مساء الجمعة) السخرية من مزاعمه بأن جحافل الظلام تحتشد للإطاحة به وأن مؤامرة ‏تُدبر بالليل داخل الدولة التركية تستهدف إسقاطه.. كان ذلك ممكنا حتى أقبلت 24 ساعة هي الأكثر غرابة في ‏تاريخ تركيا الحديث، شهدت انتشارا فعليا لوحدات من الجيش في أنحاء إسطنبول وأنقرة ومحاصرتها مواقع ‏رئيسية تحت غطاء من الظلام".

وأكد صاحب المقال أن "تلاحق الأحداث بهذه الوتيرة كفيل في عقلية أردوغان بأن يؤكد كل مخاوفه ‏ودواعي ارتيابه.. ويمكن تلخيص أول رد فعل متوقع له في كلمة وحدة هي "الانتقام"، وهو ما بدأت بوادره بالفعل ‏يوم /السبت/ بالقبض على 563ر1 جنديا... ولم يكد يصل إسطنبول في الساعات الأولى من الصباح، حتى توعد ‏أردوغان - متجهم الوجه - أعداءه بأن يدفعوا ثمنا غاليا جزاء خيانتهم وتمردهم".

ورصد بلير "مطالبة نائب رئيس حزب أردوغان (العدالة والتنمية) بعودة عقوبة الإعدام حتى يتسنى بموجب ‏ذلك إعدام الإنقلابيين.. وفي غضون ذلك، تعهد نائب رئيس الوزراء بتخليص الحكومة من كل الأعداء وتعقبهم ‏أينما كانوا في الدولة وتطهيرها منهم".

واستطرد الكاتب "وبينما أتباعه يتنافسون مع بعضهم البعض لإظهار الحدّة ضد خصومه، فإن تفكير أردوغان سينتقل إلى المرحلة التالية من ردّ الفعل وهي: تحميل اللوم، وهو ما يتعين على الحكومات الغربية أن ‏تقلق حياله؛ ذلك أن الرئيس (أردوغان) قادر تماما على تقرير أن أوروبا وأمريكا كانتا تقفان وراء محاولة ‏الإنقلاب". ‏

ونبه بلير إلى أنه "في خضم الإضطراب المشتعل، صرح أردوغان بواحد من أغرب التصريحات ‏المتلفزة في التاريخ، حيث ظهر زعيم دولة تركيا على شاشة في صورة رأس تتحدث في هاتف ذكي بينما تقبض ‏يد عارض البث على الهاتف الذي به رأس الدولة المتحدثة، وأعطى أردوغان أول رد فعل على الانقلاب، ‏محملا اللوم في الإنقلاب على "كيان مواز" يعرفه الأتراك جميعا: فتح الله كولن، الداعية صاحب الكاريزما ‏والشعبية المقيم الآن في أمريكا"‏.

ونوه بلير عن "اتهام الرئيس أردوغان مرارا وتكرارا لكولن بمحاولة الإطاحة بالحكومة بالتواطؤ مع ‏عملاء خفيين داخل الجيش والقضاء... وفي ذات اللحظة التي بدأت فيها قوات ودبابات تحاصر جسر ‏البوسفور، قرر أردوغان بوضوح أن أعداءه الألداء في كيان "كولن" (الموازي) هم مَن يفعلون ذلك... ‏غير أن كولن أعلن إدانته للانقلاب فور وقوعه، لكن هذا لن يكون كافيا لإنقاذه من غضب الرئيس"‏.

ورأى الكاتب أن "هذا ما يجعل الغرب غرضا لسهام لَوم أردوغان؛ ذلك أن إقامة كولن في بنسلفانيا ‏يعطي ذريعة للرئيس التركي لاتهام أمريكا بالتواطؤ في المؤامرة... وبالتبعية، قد يقوم أردوغان بإدخال أوروبا في ‏خانة أولئك المحاولين الإطاحة به... لكن الاتحاد الأوروبي يعتمد على تركيا في الحد من تدفق المهاجرين عبر ‏المتوسط، وأثمرت الإتفاقية الموقعة مع أردوغان في مارس بالفعل، وتراجعت أعداد المراكب القاصدة ‏للجزر اليونانية بشكل دراماتيكي منذ العام الماضي... لكن هل يكون هذا الاتفاق في مأمن في يدي أردوغان ‏الثائر جراء هذا الانقلاب؟" ‏

وعلى صعيد آخر، قال بلير "حتى قبل الدفع به إلى قمة الغضب، فقد سجَن أعوانُه العشرات من الصحفيين ‏ورفعوا 800ر1 قضية جنائية ضد أشخاص بتهمة "إهانة الرئيس".. والآن، بعد أن نجا من انقلاب حقيقي، فإن ‏أردوغان سيضاعف جهوده لإخراس منتقديه ... وبينما تترقب تركيا توابع يوم الإنقلاب الغريب، تبقى ‏ثمة حقيقة مريرة واحدة وهي الجحيم لن يكون أشد وطأة من أردوغان الناجي للتو من إنقلاب".