الدوحة - صوت الامارات
يعد اجتماع قمة مجموعة العشرين الذي تستضيفه مدينة هانغتشو الصينية اليوم وغداً أحد أهم وأكبر المنتديات الاقتصادية على مستوى العالم، فبالإضافة إلى الثقل السياسي الذي تتمتع به الدول الاعضاء فيه، فإن الدور الاقتصادي الذي تلعبه أيضا يعد هو الأبرز في صناعة القرار المالي والاقتصادي على المستوى الدولي.
وقد ولدت مجموعة العشرين من رحم الأزمة المالية الآسيوية عام 1997 في شكل اجتماعات غير دورية لوزراء مالية ورؤساء بنوك مركزية لعشرين دولة يمثلون قارات العالم وهي ( أستراليا) ومن آسيا (الصين - الهند -اندونيسيا -اليابان - كوريا الجنوبية - روسيا - المملكة العربية السعودية) ومن أمريكا الشمالية ( كندا - الولايات المتحدة الأمريكية ) ومن أمريكا الجنوبية ( البرازيل - المكسيك - الارجنتين) ومن أوروبا ( فرنسا - المانيا - ايطاليا - تركيا - المملكة المتحدة - الاتحاد الأوروبي ) ويمثل إفريقيا (جنوب إفريقيا) ويحق لرئيس كل دورة دعوة عدد من الدول كضيوف على جلسات القمة.
وقد استمر عمل دول المجموعة على المستوى الوزاري خلال الفترة من 1999 وحتى الاجتماع الاول للـG20 في شكلها الحالي عام 2008 بالعاصمة الامريكية واشنطن، في حين استضافت انطاليا التركية الدورة العاشرة والأخيرة من اجتماعات قمة العشرين عام 2015 قبل ان تحط رحالها في الصين في القمة رقم 11.
وعلى مدار الاجتماعات العشر ساهمت الـG20 في بلورة سياسة متكاملة تدعم النمو الاقتصادي العالمي وترمي إلى خلق فرص للعمل وفتح آفاق جديدة للتجارة الحرة العابرة للقارات، وذلك من خلال علاقات وثيقة بالمؤسسات الاقتصادية والمالية الدولية بما في ذلك مجلس الاستقرار المالي العالمي ومنظمة العمل الدولية وصندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون والتنمية والبنك الدولي وغيرها من الكيانات الأممية المعنية برسم السياسات الاقتصادية.
ولا يوجد مقر ثابت لمجموعة العشرين كما لا يوجد نظام ثابت لتناوب استضافة القمة بين الدول الاعضاء فيها، وإنما تخضع عملية اسناد رئاسة القمة إلى دولة بعينها مراعاة للبعد الاقليمي والسياسي فقط، ويتولى رئيس الدولة المستضيفة أعمال رئاسة القمة ووضع جدول الأعمال وإدارة الجلسات بالتشاور مع الأعضاء الآخرين ووفقا لأولويات وتطورات الوضع الاقتصادي العالمي. وخلافا للولايات المتحدة الأمريكية لم تحظ أية دولة أخرى باستضافة القمة لدورتين على أرضها (2008- 2009) كما لم تعقد القمة حتى الآن في إفريقيا رغم أن دولة جنوب إفريقيا من مؤسسيها.
وفي 15 نوفمبر 2008 صدر"إعلان واشنطن" عن القمة الأولى لمجموعة دول العشرين وتضمن حزمة من التوصيات والاجراءات لدعم اقتصادات الاسواق الناشئة والنامية ومساعدتها في الحصول على التمويل اللازم في ظل الظروف المالية الصعبة التي يمر بها العالم. كما دعت القمة الى تشجيع البنك الدولي وغيره من بنوك التنمية المتعددة الأطراف لاستخدام طاقتها لدعم جدول أعمال التنمية في مجالات البنية التحتية وتمويل التجارة، وحماية سلامة الأسواق المالية في العالم من خلال دعم المستثمرين وحماية المستهلك، وتجنب تضارب المصالح، ومنع التلاعب في السوق السوداء، والأنشطة الاحتيالية وسوء المعاملة، ودعم سبل الحماية ضد المخاطر المالية غير المشروعة، بالإضافة الى تعزيز تبادل المعلومات بشفافية تامة.
أما في "الاجتماع الثاني" الذي استضافته العاصمة البريطانية لندن في 2 ابريل 2009 فقد تم الاتفاق على بنود ثلاثة وهي:" ضخ 5 تريليونات دولار من قبل الدول العشرين لتحفيز الاقتصاد العالمي وتعويض ما خسرته الاسواق جراء الازمة المالية العالمية "، وكذلك " تقديم ما قيمته تريليون دولار للبنك الدولي مساهمة من دول المجموعة كموارد اضافية توضع تحت تصرف البنك بهدف تقديم الدعم اللازم للأسواق المتعثرة"، وأوصت القمة الثانية أيضا بـ"الالتزام بتعزيز المؤسسات الوطنية والعالمية من أجل الرقابة والإشراف وتنظيم أسواق المال ودمج منتدى بازل الاقتصادي ليكون إحدى هيئات مجموعة العشرين الدولية"، وتسببت مخرجات القمة الثانية لمجموعة العشرين في إنقاذ الاقتصاد العالمي من كساد كبير كان ينتظره نتيجة لضربات موجعة من الانهيارات في الأسواق العالمية النامية والناشئة.
وعودة مرة أخرى إلى الولايات المتحدة الأمريكية مع "القمة الثالثة" التي استضافتها مدينة بيتسبرج في 25 سبتمبر 2009 والتي كانت تهدف لتقييم أثر ما تم الاتفاق عليه في قمة لندن وقد تقرر وقتها : أولا: انشاء مجلس الاستقرار المالي ليراقب الاقتصاديات الناشئة ويقدم لها المشورة والدعم، ثانيا:ترشيد الانفاق على الوقد الاحفوري نظير توجيه تلك النفقات للدول الفقيرة والمجتمعات المهمشة، ثالثا: تحديث المؤسسات المالية العالمية.
عقدت "القمة الرابعة" لـG20 في مدينة تورنتو الكندية في 26 يونيو 2010 وقد ركزت على ضرورة تدعيم النظام المالي، مع الاتفاق على أن تقدم دول مجموعة العشرين ما لا يقل عن نصف العجز المالي العالمي بحلول عام 2013، والعمل على تحقيق الاستقرار وخفض نسب الديون السيادية بحلول عام 2016، مع استكمال الإصلاحات الهيكلية الجارية في جميع أعضاء المجموعة لإعادة التوازن وتعزيز النمو العالمي.
استضافت عاصمة كوريا الجنوبية سول "القمة الخامسة" لمجموعة العشرين في 12 نوفمبر عام 2010، واتفق الزعماء في هذه القمة على خطة عمل تتضمن الانتقال نحو المزيد من أنظمة سعر الصرف التي تحددها السوق، وتعزيز مرونة سعر الصرف لتعكس الأسس الاقتصادية الأساسية، وتنفيذ مجموعة من الإصلاحات الهيكلية التي تعزز استدامة الطلب العالمي وخلق فرص العمل، وكذلك تعزيز شبكات الأمان المالية العالمية التي تساعد البلدان على مواجهة التقلبات المالية من خلال تزويدهم بالأدوات اللازمة للتغلب على الانتكاسات المفاجئة في تدفقات رؤوس الأموال الدولية.وفي مدينة كان الفرنسية اجتمع قادة الدول العشرين في 4 نوفمبر 2011 وصدر عنها بيان ختامي يشمل خطوطاً عريضة بشأن تطوير خطط محلية للنمو وزيادة فرص العمل، ودعم وتطوير أسواق السندات في الأسواق الناشئة.
وفي العام التالي عقد الاجتماع السابع بالمكسيك عام 2012 وتعهد القادة بتقديم دعم لصندوق النقد الدولي بقيمة 456 مليار دولار.أما اجتماع قمة بطرسبرج الروسية في 6 سبتمبر 2013 فقد طغى عليه الوضع السياسي بمنطقة الشرق الأوسط خاصة في سوريا، وشهد قمة جانبية بين الرئيسين الأمريكي باراك أوباما والروسي فلاديمير بوتين، وكرر الاجتماع التأكيد على أسس التنمية المستدامة ودعم وتطوير الاسواق المالية ومنح الأولوية لاقتصاديات السوق الحرة وتسهيل حركة التدفقات المالية التجارية.عقدت قمة قادة مجموعة الـ20 التاسعة في 15-16 نوفمبر 2014 في بريسبان، أستراليا، وكان محور النقاش فيها تقديم استراتيجيات النمو الخاصة بكل بلد، وحدد قادة المجموعة هدفا لرفع الناتج المحلي الإجمالي للـG20 بواقع 2% بحلول عام 2018 ، كما اتفق القادة على خطة عمل كفاءة الطاقة بدول الـ G20 ووضع اللمسات الأخيرة والتنفيذ الكامل للإصلاحات التنظيمية المالية المتفق عليها في القمم السابقة، وأعربت القمة عن قلقها إزاء الآثار الإنسانية والاقتصادية لوباء /الإيبولا/ وأصدرت بيانا مستقلا لدعم الجهود الدولية لمحاربة هذا الوباء.وفي "القمة العاشرة " بأنطاليا التركية عام 2015 خرج البيان الختامي بصبغة سياسية إذ أعلنت دول مجموعة العشرين أنها ستتخذ سلسلة "إجراءات" ضد الانتشار المتنامي للإرهابيين الأجانب وتقاسم المعلومات، ومراقبة الحدود لرصد حركة التنقل وتعزيز الأمن الجوي الدولي، كما ندد البيان بالهجمات التي استهدفت باريس وأنقرة في أكتوبر الماضي.