بيروت - صوت الامارات
بدأت الجمعة عملية اجلاء مئات من الاهالي النازحين من مدينة داريا التي كانت في طليعة حركة الاحتجاج ضد النظام السوري، من معضمية الشام المجاورة تمهيدا لنقلهم الى مراكز اقامة مؤقتة بموجب اتفاق بين الحكومة والفصائل المقاتلة.
وياتي ذلك غداة انتقادات وجهتها الامم المتحدة لاستراتيجية اخلاء مدن محاصرة في سوريا على غرار ما حصل في داريا بريف دمشق نهاية الاسبوع الماضي حيث تم اخراج الاف المدنيين والمقاتلين بعد حصار لاربع سنوات فرضه الجيش السوري على المدينة.
وذكر الاعلام السوري الرسمي الجمعة ان خروج عشرات العائلات ياتي استكمالا لتنفيذ اتفاق داريا الذي توصلت اليه الحكومة السورية مع الفصائل المقاتلة وتم بموجبه السبت اخلاء داريا بالكامل من المدنيين والمقاتلين على حد سواء.
وقال مصور فرانس برس ان عشرات الاشخاص معظمهم من النساء والاطفال بدأوا صباحا الخروج سيرا على الاقدام من معضمية الشام حاملين امتعتهم باتجاه مدخل المدينة، حيث كانت ثماني حافلات تنتظرهم تمهيدا لنقلهم الى مراكز ايواء مؤقتة في ريف دمشق.
وتولى عناصر من الجيش السوري تفتيش الحقائب والتحقق من ورود اسماء الاهالي في لوائح رسمية.
وافادت وكالة الانباء السورية الرسمية "سانا" بـ"بدء اخراج 303 اشخاص من اهالي داريا عند مدخل المعضمية تمهيدا لنقلهم الى مركز الاقامة المؤقتة فى حرجلة".
وبحسب التلفزيون السوري الرسمي، يتوزع الخارجون بين 162 طفلا و79 امراة و62 رجلا، ويأتي خروجهم "لاستكمال بنود الاتفاق بين الدولة والسورية والفصائل المسلحة".
وقالت هويدا اثناء وصولها مع اولادها السبعة الى نقطة تجمع الحافلات باقتضاب لفرانس برس "نزحنا منذ نحو ثلاث سنوات من داريا الى المعضمية ومن المقرر ان نتوجه الى منطقة الكسوة" حيث تقع بلدة حرجلة التي تضم مراكز ايواء مؤقتة لاهالي داريا.
واضافت "نأمل ان نرتاح هناك اكثر من هنا".
وتوصلت الحكومة السورية والفصائل المقاتلة في مدينة داريا في ريف دمشق في 24 اب/اغسطس الى اتفاق يقضي بخروج 700 مسلح من المدينة الى مدينة ادلب (شمال غرب) واربعة الاف مدني الى مراكز الايواء. وفي اليوم اللاحق، اخلى الجيش المدينة بالكامل تطبيقا لبنود الاتفاق.
وتحظى داريا برمزية خاصة لدى المعارضة السورية، اذ كانت في طليعة حركة الاحتجاج ضد نظام الرئيس بشار الاسد في آذار/مارس 2011. وتعد من اولى المناطق التي حاصرها النظام في العام 2012.
- "المرحلة الثالثة من الاتفاق"-
قال رئيس لجنة المصالحة في داريا مروان عبيد للتلفزيون الرسمي الجمعة ان خروج العائلات الجمعة يشكل "المرحلة الثالثة من اتفاق داريا" موضحا انهم من النازحين على مراحل الى معضمية الشام.
وتسيطر الفصائل المعارضة على مدينة معضمية الشام التي تحاصرها قوات النظام منذ مطلع العام 2013.
وانتقد الموفد الدولي الخاص الى سوريا ستافان دي ميستورا الخميس "إستراتيجية" إخلاء مدن محاصرة في سوريا على غرار داريا.
واعلن دي ميستورا للصحافيين في ختام اجتماع لمجموعة العمل حول المساعدات الإنسانية الى سوريا في جنيف "أشاطركم مخاوفكم ازاء حقيقة انه بعد داريا، هناك مخاطر بحصول اكثر من داريا ويمكن أن تكون هذه استراتيجية أحد الأطراف حاليا".
وقال للصحافيين في جنيف "هل ينبغي ان نتجاهل واقع ان هناك في الوقت الراهن استراتيجية واضحة لتطبيق ما حدث في داريا في الوعر (حمص) ومعضمية الشام؟" مذكرا بأن نحو 75 الف شخص يعيشون في حي الوعر في حمص في حين أن داريا تعد بضعة الاف.
وكانت تقديرات سابقة لمنظمات وناشطين افادت بوجود نحو ثمانية الاف شخص في داريا التي كانت تعد قبل بدء النزاع منتصف اذار/مارس 2011 حوالى ثمانين الف نسمة.
ونددت الهيئة العليا للمفاوضات الممثلة لاطياف واسعة في المعارضة السورية في بيان باتفاقات تهدئة محلية، معتبرة أنها "تؤدي إلى تطهير سياسي واتني".
- مبادرة سياسية-
تزامنا مع التطورات الميدانية، اعلن دي ميستورا عن اعداد "مبادرة سياسية مهمة" سيعرضها على الجمعية العامة للامم المتحدة في وقت لاحق هذا الشهر.
لكنه رفض أن يقدم في الوقت الحالي أي تفاصيل حول المبادرة، مشيرا إلى أنه سيتم تفصيلها في الأسبوع الذي يسبق انعقاد الجمعية العامة السنوية.
ولفت دي ميستورا الى ان نيوزيلندا، التي ترأس مجلس الأمن حاليا، حددت الواحد والعشرين من أيلول/سبتمبر موعدا لعقد اجتماع رفيع المستوى بشأن سوريا.
وكان وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف أعلنا الجمعة الماضي، بعد محادثات في جنيف عن إحراز تقدم في اتجاه "توضيح" مسار التوصل إلى وقف لإطلاق النار في سوريا، مشيرين في الوقت نفسه إلى مسائل تقنية ما زالت بحاجة للحل.
وللتوصل الى ذلك، يجري خبراء من البلدين منذ الاربعاء مناقشات في مقر الأمم المتحدة في جنيف، وفق دي ميستورا الذي أوضح أنها ستستمر حتى "الجمعة أو صباح السبت".