ميكولا فاكاروك الذي قضى عشرين شهرا في سجن سري في اوكرانيا

يشبه ميكولا فاكاروك بالجحيم فترة العشرين شهرا التي قضاها في سجن سري في اوكرانيا حيث تعرض للضرب المبرح وترك في البرد القارس، وصولا الى استئصال احدى كليتيه.

افرج عن المعتقل البالغ من العمر 34 عاما في نهاية تموز/يوليو بعد ضغوط مارستها منظمتا العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش اللتين كشفتا عن وجود سجون سرية تديرها اجهزة الامن في شرق هذه الدولة.

وفي تقرير نشر في تموز/يوليو، اكدت المنظمتان غير الحكوميتين ان القوات الاوكرانية والتابعة للانفصاليين المؤيدين لروسيا لا تتردد في احتجاز وتعذيب المدنيين في الشرق الصناعي الذي يشهد نزاعا تسبب خلال 28 شهرا في مقتل 9600  شخص وتشريد نحو مليونين. وتحدث التقرير كذلك عن اختفاء مدنيين فضلا عن انتهاك الطرفين لحقوق الانسان وحتى ارتكاب جرائم حرب.

تحولت حياة فاكاروك الى كابوس في 9 كانون الاول/ديسمبر 2014 عندما اوقفه مجهولون في بلدته اوكرانسك القريبة من جبهة القتال والتي لا تزال تحت سيطرة قوات كييف.

ويقول الشاب لفرانس برس بعد عودته الى منزله انه لا يعرف لماذا اوقفته القوات الاوكرانية ولكن استجوابه بدأ بعد ان اجلسوه على كرسي وقيدوا يده الى جهاز تدفئة.

ويضيف الشاب النحيل الغائر العينين "حضر رجلان باللباس المدني وقالا لي: مقابل كل اجابة خاطئة سنلكمك على صدرك".

- استعداد للموت رميا بالرصاص -

ويقول "كنت مستعدا لان اقتل رميا بالرصاص. ضربوني ضربا مبرحا. لم ينفد منهم اي موضع في جسمي".

ويتابع ان محتجزيه ارغموه على الاعتراف بانه "شارك في التحريض ضد السلطات الاوكرانية" وهي عبارة تعني انه انفصالي او يؤيد الانفصاليين، وانه احتجز طيلة خمسة ايام في ظروف لا تحتمل.

"كنت اتجمد من البرد في غرفة طولها متران وعرضها متر. حتى الماء كانت مجمدة هناك. لم يسمحوا لي باستخدام المرحاض. اعطوني فقط عبوة سعتها خمس لترات".

ويقول الشاب ان كليته كانت تؤلمه كثيرا من جراء الضرب، وعندما نقل الى خاركيف حيث يوجد وفق منظمة العفو وهيومن رايتس ووتش سجن سري تديره الاستخبارات، كان بالكاد يقف على قدميه.

بعدها بقليل، في اذار/مارس 2015، نقل الى مستشفى المدينة الصناعية القريبة من منطقة النزاع حيث ادخل تحت اسم مستعار باعتباره من مواطني خاركيف. وهناك اجريت له عملية لاستئصال الكلية.

بقي بعدها اشهرا في الاحتجاز قبل الافراج عنه بصورة مفاجئة في 25 تموز/يوليو الماضي. عن ذلك يقول "اعطونا اوراقنا و100 هريفنيا (3,4 يورو) كتعويض".

في 25 تموز/يوليو و2 اب/اغسطس، افرج عن 13 سجينا من سجن خاركيف السري وفق تقرير المنظمتين.

- خمسة لا يزالون محتجزين -

افرج عن هؤلاء المعتقلين بعد نشر المنظمتين تقريرا كشف عن وجود سجون سرية في خاركيف وكراماتورسك وايزيوم وماريوبول في شرق اوكرانيا ودعوتهما الدول الغربية التي تدعم كييف الى الضغط عليها لاغلاقها.

واعربت المنظمتان عن قلقهما من ان المدنيين المحتجزين غالبا ما يعرف عنهم باعتبارهم مقاتلين لاستخدامهم لدى تبادل اسرى الحرب بين الطرفين وهو ما وصفته بانه "بمثابة احتجاز رهائن وبالتالي جريمة حرب"، وفق التقرير.

ولكن الاجهزة الامنية الاوكرانية نفت هذه المزاعم.

واعربت الامم المتحدة في تموز/يوليو عن قلقها من احتمال ارتكاب طرفي النزاع جرائم حرب تتمثل خصوصا في اعدامات ميدانية ضحاياها مدنيون.

وفي ايار/مايو، اضطرت لجنة الامم المتحدة الفرعية لمكافحة التعذيب على التخلي عن مهمتها في اوكرانيا بعد رفض السماح لها بدخول مراكز يعتقد بوجود معتقلين فيها يتعرضون لسوء المعاملة.

ومن المقرر ان يعود الوفد الى اوكرانيا الاثنين بعد مباحثات ايجابية قال انها جرت مع كييف.

وقالت منظمة العفو وهيومن رايتس ووتش ان خمسة اشخاص لا يزالون محتجزين سرا في سجون اوكرانيا. ودعا مدير منظمة العفو في اوروبا واسيا الوسطى جون دالويسن "كييف الى اتخاذ تدابير لضمان الافراج عنهم واحقاق العدالة وحماية" من يحتاجون اليها.

وقالت المنظمتان انه قبل الافراج عن السجناء هددهم الحراس الاوكرانيون "بدفع ثمن باهظ اذا تحدثوا علنا" عن احتجازهم.

ورغم هذه التهديدات، قرر ميكولا فاكاروك عدم السكوت فاوكل محاميا وعاد الى اوكرانسك.

عن ذلك يقول الشاب "لماذا علي ان ارحل؟ اهلي دفنوا هنا وهنا ولد اطفالي".