واشنطن ـ صوت الإمارات
ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أن هجوم مرشح الحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأمريكية دونالد ترامب الصارخ والمتواصل على والدي الجندي الأمريكي المسلم المقتول في العراق "هومايون خان"، وهجومه على رموز الحزب الجمهوري الذين انتقدوه يهدد بتدمير تحالفه الهش مع الحزب الجمهوري في مستهل حملة الانتخابات العامة.
وقالت الصحيفة - في تقرير بثته اليوم الأربعاء على موقعها الإلكتروني - إن ترامب تجاهل نداءات ومناشدات مستشاريه من الحزب في واشنطن، بل وواصل تصعيد هجومه أمس الثلاثاء، حيث قال لقناة تليفزيونية في فيرجينيا إنه لم يشعر بندم على اشتباكه مع والد الجندي خزار ووالدته غزالة.
وأضافت أن ترامب تجنب - في مقابلة مثيرة للاستفزاز على نحو استثنائي مع صحيفة "واشنطن بوست" - الموافقة على إعادة انتخاب العديد من الجمهوريين الذين انتقدوه، ومن ضمنهم رئيس مجلس النواب بول دي ريان من ويسكونسن وعضو مجلس الشيوخ السناتور جون ماكين عن ولاية أريزونا، اللذين يواجهان انتخابات تمهيدية الشهر الحالي، كما قلل ترامب من شأن السناتور كيلي أيوت عن ولاية نيوهامبشير منتقدا إياها على أسلوب معاملتها لأسرة خان ولعدم دعمها له في حملته الانتخابية.
وأردفت "نيويورك تايمز" بالقول إن كبار مستشاري ترامب وحلفائه ظلوا على مدى أيام يحثونه على أن يسمو فوق الخصومة التي نشبت عندما انتقده والد الجندي المقتول في مؤتمر الحزب الديمقراطي، وأن يركز بدلا من ذلك على سجل الاقتصاد والأمن القومي لمنافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون.
ورغم ذلك راح ترامب الذي يواجه انتقادات شديدة من اليمين واليسار يؤكد للمقربين منه أنه تمت معاملته بشكل غير عادل من قبل والد الجندي ومن وسائل الإعلام وبعض الجمهوريين، وفقا لأشخاص معنيين بالحملة الانتخابية لترامب طلبوا عدم الكشف عن هويتهم.
ويقول الجمهوريون - وفق الصحيفة الأمريكية - إن تصلب وعناد ترامب في تناول الأزمة الأشد خطورة على حملته الانتخابية قد تسببا في انشقاقات خطيرة داخل الحزب، وبدأ نواب من الجمهوريين وخبراء إستراتيجيون في التخلي عنه بشكل جماعي.
وقالت الصحيفة إن كلينتون التي توددت إلى الجمهوريين في مؤتمر الحزب الأسبوع الماضي قد نالت بالفعل بعض التأييد من عدد من الجمهوريين من ضمنهم ميج وايتمان المديرة التنفيذية لشركة هوليت باكارد التي ترشحت لمنصب حاكم ولاية كاليفورنيا كجمهورية إلى جانب ريتشارد هانا الجمهوري المعتدل حيث انتقد الاثنان معاملة ترامب لأسرة خان.
وأشارت إلى أن حملة ترامب ما زالت تترك الباب مفتوحا على مصرعيه أمام النزاع المستمر مع أسرة خان، موضحة أن مستشاري ترامب وزعوا أمس الثلاثاء مذكرة على البدلاء الذين سيتولون حملته الانتخابية يحثونهم فيها على التعبير عن العرفان بالتضحية التي قدمتها أسرة خان، لكن المذكرة توضح - وفقا لشخص تسلم نسخة منها - أن السيد ترامب لديه الحق في الدفاع عن نفسه.
ومضت الصحيفة تقول إن الجمهوريين وجدوا في مواجهة ترامب المستمرة منذ خمسة أيام مع أسرة الجندي المقتول أكثر اختبار مؤلم لعلاقتهم مع مرشح عمد إلى عدم الالتزام بالأعراف السياسية بخصوص الأديان والأعراق والنوع بل والخدمة العسكرية.
وأشارت الصحيفة إلى أن الخبراء الاستراتيجيين في الحزب الجمهوري الذين تصوروا أنه يمكن إخضاع ترامب لسيطرتهم في الانتخابات العامة اعترفوا جميعا دون مواربة هذا الأسبوع أن هذا التصور لم يعد له وجود.
ونقلت الصحيفة عن أشخاص قريبين من حملة ترامب أن مستشاريه أكدوا له على مدى الأيام الماضية أن خلافه المحتدم مع أسرة خان غير بناء، ونصحوه بدلا من ذلك أن يظهر الاحترام لهم ويوجه هجومه إلى كلينتون.
وقالت الصحيفة إن رسلا من حملة ترامب تحدثوا مع نواب جمهوريين ومسؤولين في الحزب في واشنطن وجهت لهم توجيهات بنفس المضمون، واقترح عدد قليل من الجمهوريين في واشنطن أن يعتذر السيد ترامب لأسرة خان.
غير أن ترامب اختار السير في الاتجاه المعاكس تماما وصعد من معاملته السيئة لوالدي الجندي الأمريكي بل واستعدى بوقاحة الجمهوريين في واشنطن.
وقال الخبير الإستراتيجي الجمهوري لايسل هيكي الذي قاد دفاع الحزب عن غالبيته في مجلس النواب في عام 2014 إن النواب يجب أن يشعروا بالحرية في الانفصال عن ترامب إن كانت مسألة بقائهم مرهونة بذلك.
وأضافت الصحيفة أن الحزب الجمهوري لم يقترب حتى الآن من التخلي عن ترشيح ترامب فغالبية النواب الذين استنكروا خلافه مع أسرة خان لم يقولوا أنهم سيصوتون ضده في الانتخابات العامة وحتى الجمهوريين الذين شن ترامب هجوما عليهم أمس الثلاثاء كان ردهم صماتا، فالسيد ريان لم يسع للحصول على تأييد ترامب وواثق من فوزه في الانتخابات التمهيدية، والسيدة أيوت التي ستخوض جولة إعادة في نوفمبر كتبت على موقع "تويتر" إنها ستقف دائما مع عائلات جنود الجيش ولصالح ما هو أفضل لأهل نيو هامبشير.
فيما أقر رينس بريبس، رئيس اللجنة الوطنية الجمهورية، بأن خلاف ترامب مع أسرة خان الحق الضرر به ولكنهم تعهدوا مع قادة الحزب والمتبرعين بإعطاء ترامب المزيد من الوقت للتهيؤ للانتخابات العامة.
وذكرت الصحيفة أن حملة ترامب اتخذت خطوات بسيطة للوقوف على قدميها من جديد فقد ألغى ترامب فعالية كانت مقررة غدا الخميس في بلاتسبرج بنيويورك، وهي مدينة تربطها علاقات بالجيش في واحدة من أكثر الولايات تأييدا للحزب الديمقراطي.
وقال الخبراء الإستراتيجيون الداعمون لترامب إن الحملة ستضاعف جهودها لانتقاد دعم ترامب للعمل العسكري في العراق وليبيا.
واتهم بول مانافورد، كبير المستشارين السياسيين لترامب، كلينتون بتجاهل النقاش حول سجلها الفاشل في وزارة الخارجية بمطاردة ترامب على أصعده أخرى.
وقال مانافورد في رسالة بالبريد الإلكتروني "لقد عانت عائلة خان من خسارة لا يمكن تعويضها.. ولهذه الخسارة يشعر الأمريكيون بالأسى".
كان كريس كريستي، حاكم ولاية نيوجيرزي، وهو أحد أشد مؤيدي ترامب قد قال أمس الثلاثاء إنه لم يكن مناسبا الهجوم على أسرة خان.
وأمس الثلاثاء، ظهر ترامب لأول مرة محاولا التحلي بضبط النفس إلى درجة ما، وفي حملة انتخابية في نورزرن فيرجينا تفادى ترامب ذكر أسرة خان لكنه واصل تذمره من أسلوب معاملة وسائل الإعلام له.
وقال ترامب لمؤيديه إن الصحفيين تغاضوا عن قصة باتريشيا سميث أم المجند الذي قتل في هجوم بنغازي في ليبيا لتسليط الضوء على "أشخاص آخرين" في إسقاط واضح على عائلة خان التي لم تذكر بالاسم.