رجّح محللون، حسب "الأناضول"، أن قرار الرئيس الأمريكي باراك أوباما بمنح أسلحة لحكومة الصومال سيساهم في ضبط الأمن والاستقرار في جنوب البلاد، بينما أبدى آخرون تخوفهم من تسرب تلك الأسلحة إلى الميليشيات المتمردة. وأصبح قرار الرئيس الأمريكي حديث المجالس في البلد الواقع بالقرن الأفريقي، وانقسم الصوماليون بين مؤيد ومعارض له تخوفًا من أن يعيد شبح حرب أهلية في بلدهم الذي لم تخمد به نيران الصراعات. وأبدى زعماء القبائل والعشائر خوفهم من تسرب تلك الأسلحة من أيدي الحكومة الصومالية إلى الجماعات المسلحة والمليشيات القبلية، مما يؤجج صراع القبائل في جنوب ووسط الصومال. وقال الصحفي والمحلل السياسي الصومالي محمد عبدي إن القرار الأمريكي بتزويد الصومال بالأسلحة ـ من صنع أمريكي ـ "يترك انطباعات خاطئة في الشارع الصومالي، غير أن هذا الدعم يحمل في طياته فوائد وأهمية بالنسبة للصومال، التى تواجه تمردًا عسكريًا من قبل حركة الشباب المجاهدين (التي يشتبه في علاقتها بتنظيم القاعدة)". واعتبر أن تلك الأسلحة والعتاد العسكري ستحسم المسألة الصومالية عسكريًا لصالح الحكومة، وربما ستستخدمها الحكومة في ضبط تمرد بعض المليشيات المسلحة، ومن الممكن أن تقاوم بها أيضاً القراصنة الصوماليين النشطين في خليج عدن والمحيط الهندي. محي الدين علي، الإعلامي الصومالي المتخصص بشؤون الحركات الإسلامية، رأى أن ذلك الدعم العسكري يقوض نفوذ حركة الشباب المجاهدين المتمردة والمتفوقة في الكفاءة والعتاد العسكري على القوات الصومالية، التي كانت تعاني نقصًا حادًا في ترسانتها العسكرية، ومن المحتمل القريب أن نرى تغيرًا كبيرًا في ميادين القتال بين حركة الشباب والقوات الصومالية. وأضاف محي الدين أن "الدعم الأمريكي يعتبر بمثابة لفت لأنظار العالم من أجل مساعدة الحكومة الصومالية عسكريًا لتنفيد وعودها حتي تتمكن من فرض نظام جديد موثوق به على ربوع الصومال". ووافق أحمد إسماعيل، أستاذ العلوم السياسية في إحدى الجامعات الصومالية، على ما ذهب إليه محي الدين، مؤكدًا أن تزويد الحكومة الصومالية بالأسحلة يعزز ثقلها العسكري ويعيد توازنها من جديد، واعتبر أن هذا كفيل بإخضاع حركة الشباب لسلطة الحكومة الصومالية. وقال إسماعيل إن أمام الحكومة الحالية تحديات كبيرة "تتمثل في عدم تسرب تلك الأسلحة من يدها وقوعها بأيدي الجماعات المسلحة المتمردة". أما إبراهيم أحمد، الإعلامي الصومالي، فذكر أن تدفق الأسحلة إلى الصومال قد يهدد أمن المنطقة، مشيرًا إلى أن "هذا الدعم العسكري جاء في وقت غير مناسب لأن الحكومة الصومالية لاتتمتع بالقدرة الكافية لمنع انتشار تلك الأسلحة في البلاد، ما قد ينعكس سلبًا على أمن المنطقة برمتها لسهولة تهريب تلك الأسلحة من المخازن الحكومية. وأكد إبراهيم أحمد على "ضرورة الالتزام بالمواثيق الدولية والمعاهدات العالمية لحماية حقوق الإنسان وعدم الاستخدام المفرط لتلك الأسلحة ضد المدنيين والأبرياء، وضرورة تحديد نطاق استخدامها عسكريًّا". وناشد الحكومة الصومالية "بجمع الأسلحة المنتشرة في أيدي الصوماليين وتجريد الميليشيات من الأسلحة، وشن حملة لمواجهة انتشار الأسلحة، لدعم استقرار البلاد". من جانبه، أكد عبدالرحمن عثمان، وهو ضابط بالجيش الصومالي، خلال حديثه لمراسل الأناضول، أن "الحكومة قادرة علي حماية الأسحلة المتوفرة لديها وتنوي بسط سيطرتها على كافة مناطق البلاد فور استلام أولى شحنات الأسلحة". ولفت عثمان إلى أن "القرار الأمريكي الأخير يبعث رسالة إيجابية لباقي الدول لتحذو حذو أمريكا التي أظهرت موقفها الداعم للحكومة الصومالية الوليدة". وكانت دولة جيبوبي، أول دولة في الجوار الإقليمي، زودت الصومال بعتاد عسكري ومعدات أخرى لإعادة ترميم ميناء مقديشو وذلك ضمن زيارة أجراها رئيس الوزراء الصومالي عبدي فارح شردون أوائل الشهر الجاري في المنطقة. ووقّع الرئيس الأمريكي باراك أوباما مذكرة تجيز لوزير الخارجية جون كيري تزويد الصومال بالأسلحة والخدمات الدفاعية، بحسب ما أعلنت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي كايتلين هايدن. وأوضحت هايدن، في تصريحات نشرتها وسائل إعلام أمريكية، اليوم الثلاثاء، أن أوباما قال في المذكرة التي وجهها لكيري، إنه "توصل إلى قرار بأن تزويد الصومال بمعدات وخدمات دفاعية سيعزز أمن الولايات المتحدة ويقوي السلام العالمي". ولم تحدد المذكرة نوع المواد والخدمات الدفاعية التي يمكن أن تزودها واشنطن للحكومة الصومالية. واعترفت الولايات المتحدة رسميًّا بالحكومة الصومالية الجديدة في يناير/كانون الثاني الماضي، وهي المرة الأولى التي تعترف فيها واشنطن بحكومة لتلك الدولة منذ الإطاحة بمحمد سياد بري عام 1991 واشتعال الحرب الأهلية في البلاد. وكان مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قد رفع بشكل جزئي الشهر الماضي حظرًا على تصدير الأسلحة إلى الصومال لدعم القوات الحكومية التي تقاتل حركة الشباب المجاهدين المعارضة والتي فرت من العاصمة مقديشو عقب هجوم عسكري في أغسطس/آب 2011. وطالبت السلطات الصومالية الجديدة برفع الحظر المفروض على البلاد منذ عام 1992 من أجل التصدي لحركة الشباب وفرض أكبر قدر من السيادة على أراضيها.