لندن - ماريا طبراني
نصح الملايين من أصحاب المنازل بالتحضر لارتفاع في قيمة الرهن العقاري بحوالي 3% خلال السنوات المقبلة في ظل عدم اليقين الناجم عن التصويت بمغادرة الاتحاد الاوروبي الشهر الماضي، وصرح محافظ بنك انكلترا مارك كارني انه يريد من العائلات أن تتأكد انه سيستطيعون التعامل مع الارتفاع على الرغم من انه من المرجح أن تقوم لجنة السياسة المالية للبنك بخفض أسعار الفائدة الى أبعد من مستواها التاريخي الذي يقدر ب0.5%.
وتكمن المخاوف في عدم توقع الأسر لأي زيادة في معدلات الرهن العقاري مما قد يسبب صدمة لفترة طويلة من عدم اليقين التي يمكن أن تفرض شروط على الاقتراض تكون أكثر صرامة على المقترضين في بريطانيا، ويتوقع البنك أن خفض أسعار الفائدة ربما سيحدث يوم الخميس مع ضخ المزيد من الاموال في الاقتصاد من خلال برامج التسهيل الكمي لدعم النمو المتعثر في أعقاب قرار الانسحاب، وتعهد البنك بصرف حوالي 250 مليار جنيه استرليني على الاقل اذا دعت الحاجة لتهدئة الأسواق في أعقاب الاستفتاء، وطلب السيد كارني لدى مثوله أمام النواب في لجنة الخزنة للرد على أسئلة حول خطط البنك المستمرة لادارة التقلبات الاقتصادية بعد التصويت من الأسر أن تكون مستعدة لارتفاع أسعار الفائدة في السنوات المقبلة، وتابع أن معظم أصحاب المنازل لن يختبروا أي ارتفاع في سعر الفائدة لأن المستوى القياسي المنخفض بلغ 0.5% منذ 2009، الا أن أصحاب المنازل التي عليها رهن عقاري فسيعانون من ارتفاع تكاليف الاقراض الشهرية اذا ارتفعت أسعار الفائدة.
وتابع كارني أن على أصحاب المنازل أن يسألوا أنفسهم اذا كانوا يستطيعون تحمل ارتفاع تكاليف الرهن العقاري من 3% والتي ستكون بمثابة الضمان لعدم شللهم بسبب ارتفاع تكاليف الاقراض، ويتيح لهم ذلك التعامل مع الصدامات الاقتصادية الاخرى مثل ارتفاع أسعار المواد الغذائية والفواتير، وقال أمام اللجنة " فيما يتعلق بتوجيه الاسر، عليهم التفكير في بيئة الفائدة والتي ستكون 3% أعلى من اليوم، وعليهم التفكير في قدرتهم على سداد الدين في حال حدوث هذا الأمر"، وأضاف " انني أدرك أنه في هذه البيئة فان معدل الفائدة الحالي المنخفض سيكون هذا غير محتمل نسبيا، ولكن من خلال ايجاد فسحة كافية للفرد بأخذ رهن عقاري يضمن انه في الأوقات الصعبة سيستطيع سداد الدين بطريقة مريحة وألا يكون قلقا حيال هذا الموضوع."
وشددت لجنة السياسة المالية أن اسعار الفائدة لن ترتفع في الأجل القصير نظرا للحاجة الى تحفيز الاقتصاد، وقال أعضاء في الشركة العامة للفوسفات أن السيناريو الأكثر ترجيحا في ارتفاع سعر الفائدة يكون في ظل اقتصاد قوي، واضطر السيد كارني في الوقت نفسه الى نفي مزاعم بان صناع السياسة يستخدمون تكتيكات لتخويف الناس واستمالة الناخبين في الفترة التي سبقت الاستفتاء، مشيرا الى القصص المرعبة الزائفة التي اختلقها اثنين من المستشارين السابقين وزعماء حزب المحافظين.
وأصر محافظ البنك انه لم يلتقي بالمستشار جورج أوزبورن لمناقشة خط البنك في مخاطر الانسحاب قبل الاستفتاء الشهر الماضي وقال أن هذه الاتهامات غير عادية، ولكنه دافع عن حقه في عقد اجتماعات خاصة مع المستشار لمناقشة القضايا الاقتصادية والمالية، قائلا " هذا من واجبنا وسنفعله"، واسترسل انه لا يريد ان تقتصر المحادثات مع وزارة المالية حول التدفق النقدي الحر، وأكد للنواب أن المناقشات والتقييمات التي عملها البنك لم تكن مقررة مسبقا أو ذات حكم مسبق، وحذر أن قرار بريطانيا بترك الاتحاد الأوروبي يمكن ان يؤدي الى الركود وانخفاض حاد في قيمة الجنيه قبل التصويت.
وانتقد مؤيدو حملة الخروج في ذلك الوقت تصريحات كارني وطالبوه بالاستقالة من منصبه، وفي رسالة الى صحيفة التلغراف قبل التصويت الشهر الماضي كتب كل من زعماء حزب المحافظين السابقين والمستشارين ايان دنكان سميث ونايجل لوسون ونورمان لامونت ومايلك هوارد " لقد حدث خيانة في النقاش الاقتصادي مع فشل في بنك انجلترا ووزارة المالية ومصادر رسمية أخرى في تحليل عادل ومتوازن، وقد كانوا يبيعون توقعات زائفة وقصص مرعبة مخطط احتياطية من محاولات ديفيد كاميرون وجورج أوزبرون لتخويف الناخبين من الانسحاب."
وصرح رئيس لجنة الاختيار في وزارة المالية اندرو تايري " هذه كانت ادعاءات خطيرة جدا." ولكن السيد كارني وزملائه قالوا ان هذه التحذيرات جاءت بعد مناقشات قوية داخل اللجنة، موضحا " انا لا اتحكم مسبقا بقرار لجنة السياسة ولا أستطيع ذلك أصلا"، وأضاف انه لم يكن هناك مناقشات مع اوزبورن حول المخاطر المحيطة بالخروج من الاتحاد الاوروبي، وطلب النواب من كارني أن ينشر الى العلن أني اجتماع له مع أوزبرون، فرد عليهم بأنه يعتقد بأنه بصفته كمحافظ للبنك وبصفة أوزبرون كمستشار يستطيعون الاجتماع لمناقشة التدفق الحرب بعيدا عن مرأى ومسمع الجمهور، وأشار هو وزملائه أن العديد من تحذيراتهم حول خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي بدأت بالظهور، فأظهرت الأرقام الأسبوع الماضي تراجع ثقة المستهلك البريطاني الكبيرة مقارنة بالعقدين الماضيين بعد الاستفتاء، وقد بلغ الجنيه أدنى مستوياته في 31 عاما مقابل الدولار الامريكي بينما يسعى مستثمرين الى سحب مبالغ نقدية من الصناديق العقارية التجارية.
وتسائلت النائب راشيل ريفر حول قضايا الاستقرار المالي واذا تحرك البنك مؤخرا لاعطاء البنوك الاخرى 150 مليار جنيه كقوة للاقراض، وقال كارني انه لن يكون هناك أزمة ائتمان لكنه حذر من أن حالة عدم اليقين ستخفض من الطلب على الائتمان، وأكدت: "نحن لا نمتلك حل سحري وانما سلسلة من التدابير." وعلى صعيد التهديد الذي تشكله البنوك الايطالية التي تتعرض لضغوط وسط تزايد الديون قال كارني انه يؤكد على المخاطر الاقتصادية في بريطانيا المتواضعة في هذا الاطار وفي الاقتصاد الايطالي، مشيرة الى أن البنوك البريطانية تواجه مخاطرًا بنسبه 0.9% مقارنة بالبنوك الايطالية و11% مقارنة بالاقتصاد الايطالي، وأوضح ان السوق خلق سيولة استثمرت في الأصول غير السائلة مثل الممتلكات ولكنه شدد على أن سلطة السلوك المالي كانت واعية للأمر وتبحث في المسألة.