الفنانة الأردنية هند حامد

تميزت الفنانة الأردنية هند حامد منذ بداية رحلتها بصوتها الدافئ، والذي مكنها عبر مسيرتها الفنية من تقديم العديد من الأعمال الغنائية الإبداعية والمتنوعة الشاملة من الغناء، ومنها إلى الدوبلاج، وأخيرًا الإعلام. وبدأت حامد مسيرتها في الغناء قبل حوالي ستة أعوام وبشكل متقطع، وقبل ذلك قدمت مجموعة من الأغنيات للأطفال، إضافة إلى قراءة القصص للأطفال.

وأكدت حامد في تصريحات خاصة إلى "صوت الإمارات"، أنها لم تكن تعتقد أن هذا الشغف يجعلها متمكنة من الغناء بشكل احترافي، إلى أن استمع إلى صوتها أستاذ الموسيقى في المعهد الوطني للموسيقى في عمّان، الموسيقي صخر حتر، وكان رئيس قسم الموسيقى العربية آنذاك، وقال لها "إن لديك موهبة ربانية واضحة وأنت جاهزة لأن تقفي على المسرح، والغناء أمام جمهور إلا أنك الوحيدة التي لا تعرف ذلك". وأضافت "من بعدها بدأت في أخذ دروس للصوت مع خوف كبير من ردود فعل من حولي من الأهل والمجتمع. إلا أنني استطعت التغلب على ذلك الخوف تدريجيًا، حتى أصبح الغناء أحد مشاريع شغفي الحياتية التي قررت التركيز عليها".

وقدمت حامد، مجموعة موسيقية وغنائية، بأول البوم لها عام 2015؛ بعنوان "جوى"، الذي ضم مجموعة من الأغاني معادة التوزيع، وشمل الألبوم الحلاج "والله ما طلعت شمسٌ ولا غربت" من ألحان الموسيقار العالمي عمر خيرت؛ والتي كان قد ألفها كمقدمة لمسلسل الخواجا عبد القادرعام 2012. وضَمَّ الألبوم أيضاً أغنية "يا رايح عضيعتنا" للراحل عازار حبيب، ومجموعة أخرى من الأغنيات، وأصدرت ألبومين مخصصين لجمهور الأطفال، من إنتاج دار السلوى للنشر، ولا يزال العمل جاريًا على إنتاج الألبوم الثالث.

وقدمت حامد أول أغنية خاصة بها بعنوان "بحر"، والتي لَمَسَت فيها حال اللاجئين حول العالم وواقع حالهم والصعاب التي يواجهونها ومعاناتهم، التي كانت قريبة منها، ومن مؤلف النص والألحان، الموسيقي كرم شكور. وكان إطلاقها في نهاية عام 2016 في فيديو كليب تم اختيار تصويره في الصحراء، كنوع من التباين والتناقض بين عنوان الأغنية وموقع تصويرها، كما هو التناقض بين ركوب البحر للاستمتاع، أو ركوبه للهرب من الموجع إلى المجهول. وشاركت حامد في حفلات خاصة ومهرجانات، من أهمها مهرجان الثقافات العالمي، الذي أقيم في نيو دلهي – الهند بمشاركة فنانين من جميع أنحاء العالم؛ حيث مثلت المنطقة العربية بأدائها لنشيد "بلاد العُرب أوطاني".

‏‎وتعاونت هند كذلك مع جوقة دوزان وأوتار في أعمال فنية رفيعة المستوى، ومنها العمل الكلاسيكي العالمي (Carmina Burana)، ومهرجان الجوقات العالمي في لاتفيا عام 2014وشاركت مع مجموعة رم الموسيقية، بقيادة الموسيقي طارق الناصر في حفلات ومهرجانات محلية. وفي تجربة فريدة من نوعها، صدح صوتها في أرجاء شوارع مدينة عمان، وذلك من خلال مشاركتها في مشروع "شرفات عمان"، مع تَجَلّى للموسيقى والفنون، الذي تمثلت فكرته بالظهور الموسيقي الغنائي المفاجئ أمام جمهور المارة من شرفات أماكن لها قيمة ثقافية وفنية في عمان، والذي بدوره عزز مفهوم الموسيقى كنوع من أنواع الجمال الذي تحتاجه عمان. 

وشاركت حامد في عدد من أعمال التمثيل الصوتي كالدبلجة الصوتية الدرامية والوثائقيات ومسلسلات الأطفال والرسوم المتحركة. والتعليق الصوتي والقراءات القصصية للأطفال، والتي تعد من أصعب المهام التي يمكن القيام بها، نظرًا للفئة المخاطبة  كما عملت في مجال الإعلام الإذاعي وذلك من خلال عملها في عدة إذاعات محلية، وتقديمها لبرامج إذاعية منوّعة عبر الأثير. 

وردًا على سؤال اختيارها لخوض تجربة الغناء، قالت حامد "قال مولانا جلال الدين الرومي إن "ما تبحث عنه يبحث عنك"، وكنتُ دائما في بحث مستمر عن من أكون، وماذا أريد، ولم أنا هنا، وما هي مهمتي في هذا العالم، وكل تلك الأسئلة الوجودية التي يسألها الكثيرون لأنفسهم والتي لا بد وأن تنتهي بالإجابة على أحدها، معظمها، أو كلها. ويأخذك إيجاد الإجابة الكثير من الوقت والتجارب والمحاولات، لتجد أن الإجابة كانت عندك طوال الوقت لأنك ما كنت لتخطئها، وما كانت لتخطئك، إلا أنك لم تكن لتنظر بداخلك ولما تمتلك، حتى تجدها سريعًا، ولهذا، قد يكون الغناء هو من اختارني ولَحقَ بي، لتكرار هروبي منه بحثًا عن ما كنت اعتقد أنه شيء آخر في مكان ما، وذلك لتعدد المواقف والإشارات التي كانت تدفع بي لإدراك أن صوتي هو أداة التأثير الرئيسية والواضحة لدي، وأن الغناء هو الوجه الرئيسي لهذه الأداة.

وتعتبر حامد أنها ما زالت في مرحلة التفحص والاكتشاف للعديد من ألوان ومدارس الغناء، التي تروق لها. وعن تجربة الدوبلاج ترى حامد أن الدوبلاج يندرج عالميًا تحت التمثيل الصوتي، والذي يضم العديد من أشكال استخدامات توظيف الصوت في التمثيل، سواء بمطابقة صوت الممثل لصوت وصورة شخصية مصورة مسبقًا وبلغة مختلفة، كما في الأعمال البشرية والوثائقية والكرتونية، أو بخلق صوت لشخصية جديدة من الصفر لم يتم تحريكها بعد، كما في الرسوم المتحركة. لذلك يختلف تقييم أهمية الدور الذي يقوم به الممثل حسب أهمية الشخصية داخل القصة نفسها كتمثيل صوت شخصية تاريخية مثلًا، أو حجم الجهد الذي يضعه الممثل في الحفاظ على استمرارية صوت شخصية، ما تمتلك صفات تحتاج مهارة في أداء صوتها وردود أفعالها.

وواصلت حديثها قائلة "اعتبر أن معظم أدوار الدوبلاج التي قمت بها مهمة بالنسبة إلي، مثل الصوت الذي قدمه في دور مريم المجدلية في فيلم ’المُخَلّص’، والذي كان دورًا قصيرًا بجملتين ومجموعة ردود فعل تمثلت في البكاء، لكن كان لا بد من التحضر النفسي لتأديته، إضافة إلى دور الفنانة الكويتية منى شداد في مسلسل "درب المحبة"، والذي تم دبلجته من اللغة العربية إلى اللغة الإنكليزية على غير العادة. أما من الرسوم المتحركة فقد أحبت شخصية نينا، وهي طفلة شقية في مسلسل الكرتون "الأشقياء الصغار – Little Tornados) والتي جعلت من تقلبات شخصيتها الشقية، ومقالبها وردود أفعالها تحديًا لي استمتعت وأرهقت صوتيًا بتمثيله. وإلى جانب الدبلجة غناءً كما في فيلم الأطفال الفرنسي (إيميلي جولي)، والعديد من الشخصيات الأخرى، كشخصية دو يونغ في المسلسل الكوري الشهير "نساء تحت الشمس"، والذي كان أول دور أقوم بتمثيله دبلجةً باللغة العربية.  

وأما بالنسبة للتمثيل الصوتي المبني على التحريك بعد تسجيل الصوت، فقد كان لي فرصة المشاركة في مشاريع عدّة، مثل مسلسل "نهفات عيلتنا"، وشاركت ولعدة مواسم بثلاثة أدوار بأصوات مختلفة لشخصية الجدة والحفيد والجارة، وكانت تجتمع الأصوات الثلاثة أحيانا في نفس المشهد، مما كان يشكل تحديًا جميلًا يستفز المهارات التمثيلية للاستقلال صوتيًا بكل شخصية. وبدأت حامد بأغاني الأطفال عندما سجلت قصة "بيت للأرنب الصغير"، للكاتبة تغريد النجار في الاستوديو، وكانت القصة تتخللها مقاطع مغناة، فأدت المقاطع غناءً بأصوات شخصيات القصة، ومن هنا بدأت رحلة أغاني الأطفال، بعد أن قررت نفس الكاتبة إحياء مجموعة من الأغنيات المعروفة للجدات والأمهات، فقامت بجمع 32 أهزوجة وإنتاجها من خلال دار السلوى للنشر خاصتها، في ألبوم بعنوان "أهازيج الطفولة المبكرة"، وكان للنجاح الكبير الذي حققه الألبوم دورًا في إنتاج الألبوم الثاني بعدها بعنوان "دغدغات موسيقية"، والذي يضم 34 أهزوجة أخرى، وجاري الآن إنتاج الألبوم الثالث.

وتنوه حامد، أن تجربة تقديم برنامج إذاعي صباحي صقل لديها العديد من مهارات التواصل مع الناس من مختلف الخلفيات والثقافات، خاصة وأن البرامج المباشرة على الهواء، تتطلب سرعة بديهة وأداء عاليين في التواصل مع الجمهور المستمع، الذي يرى الوجه ويلمس المشاعر  والمزاج  من خلال الصوت، وأغنت تجربتها في الإعلام المسموع حصيلتها الثقافية والعلمية والاجتماعية في العديد من المواضيع التي كنت تعدها وتقدمها في الكثير من المواضيع ومع العديد من الضيوف في مختلف المجالات، وكسرت عندها العديد من حواجز الخوف، وعززت الجرأة المنظمة في الطرح ومواجهة العديد من المواقف سواء العملية أم الحياتية.

وتطمح حامد إلى الشهرة كأي فنان قائلة "هذا حق كل فنان مجتهد وحريص على فنه وعلى محبة جمهوره له. إلا أن إدراكي بأن صوتي قادر على إيصال رسائل عدّة في المجالات كافة، يجعلني أطمح بأن تكون الشهرة يومًا ما في خدمة القضايا التي تستحق تسليط الضوء عليها، وليس العكس. لذلك أتمنى أن يوفقني الله في أن يكون صوتي أداة للتغيير بأي شكل من الأشكال، في بلدي، في منطقتي، في العالم. وأنا على يقين بأن الفن بشكل عام والغناء بشكل خاص، قادرين على إحداث تغيير جذري في العالم مع مرور الوقت، لأنهما يعطيان مساحة كبيرة للتعبير والتأثير المباشرين وغير المباشرين. أسعى الآن لخلق الفرص والمشاريع التي من خلالها استطيع توظيف صوتي في العلاج بالموسيقى للمرضى بالغناء لهم، وبدأت في قراءة القصص والغناء لأطفال مرضى السرطان واللاجئين، وغيرهم ممن تساعدهم الموسيقى والغناء في تخفيف توترهم وألمهم".