الدكتور عبد الله الجمل

صرّح اختصاصي الأمراض النفسية في مستشفى الطب النفسي الدكتور عبد الله الجمل، بأن العلاج الأساسي لمرض التوحد هو علاج سلوكي، وأنه لا يبدأ قبل سن الثلاثة أعوام، لأن التشخيص في هذا السن يكون واضحًا.

وأوضح الجمل في حديث خاص مع "صوت الإمارات"، أنه كلما كان العلاج مبكرًا، كلما كانت النتائج أفضل بكثير، لأن الطفل سيكون لديه مشاكل كثيرة ومنها مشكلة التواصل، فهو لا يستطيع أن يعبر عن ما يريده.

وأوضح أن "مرض التوحد بالمفهوم العام لدى عامة الناس يقصد به التوحد الطفولي، وهو مرض يصيب الأطفال عادة ما دون سن الثالثة، ويحدث خللًا في التواصل الاجتماعي مع الآخرين سواء كان هذا التواصل لفظي أو غير لفظي".

وأضاف أن "مشكلة هؤلاء الأطفال أنهم لا يستطيعون فهم مشاعر الآخرين، من حركات وجه الآخرين، والايماءات، فمثلا لا يستطيع أن يفهم أن الرجل ذو الابتسامة الذي أمامه هو في حالة سعادة أو أن الشخص الذي أمامه حين يعبس فهو غضبان، وهناك صعوبة في تبادل المشاعر مع الآخرين".

وبيّن أن الجزء الآخر من المرض هو الحركات النمطية أو السلوكيات النمطية المتكررة، فعادة الأطفال لديهم بعض السلوكيات النمطية التي تتكرر باستمرار مثل ضرب الرأس بالحائط، وعض اليدين، ووضع كرسي والدوران حوله.

وأشار الجمل إلى أن أسلوب مريض التوحد في اللعب نمطي، فحين يلعب الطفل ذو الثلاثة أعوام في لعبة المكعب المتوقع أنه يستطيع أن يبني 20 مكعبًا في أشكال مختلفة، أما طفل التوحد لديه أسلوب نمطي أنه يضع المكعبات ويرتبهم بطريقة معينة ودائما يغير الترتيب ويعيد الترتيب تكرارًا ومرارًا، دون وجود إمكانية للإبداع.
ولفت إلى أن نسبة الإصابة بالمرض عالميًا 1 من بين 100 للذكور، و1 من بين 300 للإناث، فالذكور عرضة للإصابة أكثر من الإناث، لكن هذه النسبة لم تكن كبيرة جدا قبل أكثر من ثلاثة عقود، حيث كانت النسبة سابقا 1 من 1000، وهناك زيادة هائلة في العقود الثلاثة الأخيرة للأسف معظمها غير معلوم السبب.

وتابع "مسلسلات الأطفال والكرتون ونمط الحياة ليس لها علاقة بالمرض، الأطفال المصابون بالتوحد الظروف البيئية التي عاشوا بها وجدوها في الدراسات العلمية مشابهة جدا لظروف البيئية التي عاشوها أطفال عاديين، ولكن البعض فسر تفسيرات عديدة من ضمن هذه التفسيرات، منها التطور الهائل في موضوع الحمل والولادة، والبعض يعزوها إلى مثبتات الحمل، والتطور الهائل في الطب البشري، والحفاظ على حياة الجنين".

ونوّه الجمل بأن علاج المرض يأخذ فترات طويلة، فالعلاج شهر لا يكفي فربما يأخذ أعوامًا والتحسن يكون بطيئًا جدا، مشيرًا إلى أن العوامل الوراثية لها دور كبير جدًا، فإذا وجد اثنان في البيت مصابون بالتوحد فاحتمالية حوالي 50% أن يكون الطفل الثالث مصابًا بالتوحد.

وأردف "التوحد مرض خطير يختلف كليًا عن الانطوائية، ثلث المصابون بالتوحد يكون عندهم تخلف عقلي ونسبة الذكاء تكاد تلامس 50% عند ثلثهم والثلثان المتبقيان معظمهم يتصفون بمحدودية الذكاء، ولكن اللغط الذي يحدث أن شيء في التوحد يسمي "ايددسافو" وهي أنه يكون عندهم مهارة عالية وفائقة في شيء معين في الحساب مثلا تجد الشخص يعاني من التوحد ولكن لديه مهارة هائلة في حفظ الأرقام في الجمع في الضرب في الطرح، ولكن للأسف هذا الطفل بسبب باقي أعراض التوحد الموجودة لديه من عدم تواصل اجتماعي وعدم تواصل لغوي أو لا لغوي أولا لفظي وسلوكيات نمطية هو لا يستفيد من هذا الذكاء المحدود في هذه النقطة".

وواصل الجمل حديثه بأن "علامات التوحد كثيرة جدا طفل التوحد تظهر العلامات عليه من سن مبكرة جدا ربما تكاد تصل في سن الستة شهور، فلديه الابتسامة الاجتماعية الطفل عندما يضحك لأي شخص يراه هذه غالبا لا تكون موجودة عند طفل التوحد، وان الأم بعد فترة تلاحظ أنه لا يوجد تبادل بالمشاعر بينها وبين طفلها خاصة الأمهات التي أنجبت طفل قبل ذلك، هناك نوع من تبلد المشاعر تبدأ عندما يكبر قليلا على سن عامين".

واستطرد "مرض التوحد عند الأطفال هو جزء من طيف التوحد، وطيف التوحد يشمل عدة أمراض منها متلازمة "اسبيرقر"، والأمراض التحليلية، وعدة متلازمات، التوحد الطفولي هو أشهرها وأكثرها انتشارًا وممكن طفل التوحد أن تتحسن لغته على سن متأخر، فعندما يكبروا تخف عندهم أعراض التوحد، خصوصًا إذا تابعناهم بطريقة جيدة".
وأضاف "أما لباقي أمراض التوحد مثل متلازمة اسبيرقر، هنا احتمالية أن تخف أو تكاد تختفي في سن الشباب والمراهقة، متلازمة اسبيرقر أقل حدة من التوحد الطفولي، قد يشفى البعض منها ويدخل الجامعة ويتعلم ويتزوج وينجب أطفالًا".

وتطرف الجمل إلى علاج المرض بالقول "عندما نعالج مريض التوحد، هناك فريق متكامل من بينهم طبيب نفسي، وأخصائي اجتماعي، وأخصائي تربوي وعلاج وظيفي، إن من أسوأ الأمراض في الطب النفسي هو مرض التوحد، وتكون هناك معاناة كبيرة على الأهل، فالأهل عليهم أن يفكروا بشكل منطقي وعلمي ويباشروا في تقبل الوضع، ولا يوجد داعي للإنكار إذا تأكد التشخيص يجب البدء فورًا بخطة علاجية يكون للأهل دور كبير بها، وإذا لم نتعامل مع مريض التوحد مبكرا سيصبح هناك خللًا باللغة، وللأسف سيدخل في دائرة التخلف العقلي وهم أصلا لديهم ضعف في القدرات العقلية".