بيروت - صوت الإمارات
قتل 6657 شخصا في سوريا خلال شهر ايار/ مايو، معظمهم من قوات النظام والجهاديين الذين خاضوا معارك عنيفة على اكثر من جبهة، في حصيلة هي الاعلى منذ بداية العام، وفق ما اعلن المرصد السوري لحقوق الانسان الاثنين.
ويأتي الاعلان عن حصيلة القتلى هذه بعد خسائر ميدانية منيت بها قوات النظام في الاسابيع الاخيرة في مناطق عدة، ما يعيد رسم خريطة النزاع المستمر منذ اكثر من اربع سنوات ويزيد من تعقيداته.
وقال المرصد في بريد الكتروني تلقت فرانس برس نسخة منه الاثنين ان 6657 شخصا قتلوا خلال ايار/مايو الماضي، بينهم 1285 مدنيا، 272 منهم من الاطفال.
واحصى المرصد مقتل 793 من مقاتلي المعارضة والاكراد السوريين، و2109 مقاتلين من جبهة النصرة (ذراع تنظيم القاعدة في سوريا) وتنظيم الدولة الاسلامية، و2450 قتيلا في صفوف قوات النظام والمسلحين الموالين لها وحزب الله اللبناني.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس ان "حصيلة القتلى هذه هي الاعلى منذ بدء العام الحالي في سوريا".
ودارت معارك عنيفة خلال شهر ايار/مايو بين قوات النظام وتنظيم الدولة الاسلامية في محافظة حمص (وسط)، حيث سيطر الجهاديون على مدينة تدمر الاثرية ومناطق عدة في ريف حمص الشرقي. كما دارت اشتباكات مماثلة بين قوات النظام ومقاتلي جبهة النصرة وفصائل معارضة من جهة اخرى، وتحديدا في محافظة ادلب (شمال غرب) حيث سيطر تحالف الفصائل على مدينة اريحا ومعسكر المسطومة.
وفي محافظة الحسكة (شمال)، طرد مقاتلون اكراد بمؤازرة غارات التحالف الدولي التنظيم من عشرات البلدات والقرى الاسبوع الماضي.
وعلى الرغم من هذه الخسائر الميدانية لقوات النظام، اعتبر مصدر امني الاثنين لوكالة فرانس برس ان "خريطة النزاع في سوريا تتبدل مع تبدل الوقت".
واعتبر ان "ما تعيشه البلاد هو صوملة فالجبهات مشتعلة في كل المناطق والوضع معقد وليس سهلا"، مضيفا "فكرة تقسيم سوريا من الامور التي ننظر اليها من ناحية الحرب النفسية، وهي لا تدخل في حساباتنا".
ميدانيا، احرز تنظيم الدولة الاسلامية في نهاية الاسبوع تقدما جديدا على حساب قوات النظام على جبهة، وعلى حساب مقاتلي المعارضة على جبهة اخرى.
ففي الريف الجنوبي الغربي لمدينة تدمر، تواصلت المعارك الاثنين بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة وتنظيم الدولة الإسلامية من جهة اخرى، "وسط محاولات من التنظيم للتقدم في اتجاه بلدتي مهين والقريتين في ريف حمص"، بحسب المرصد.
وسيطر التنظيم الجهادي السبت على بلدة البصيري جنوب تدمر والتي تقع على مفترق طرق يؤدي الى دمشق جنوبا والى حمص غربا.
في الشمال، بات التنظيم على بعد كيلومترين تقريبا من مدينة الحسكة حيث يخوض معارك مع قوات النظام.
وذكر المرصد الاثنين ان عنصرا من تنظيم الدولة الإسلامية "فجر نفسه بجرار زراعي وصهريج مفخخ على حاجز لقوات النظام والدفاع الوطني قرب مدينة الحسكة، ما أدى الى مقتل ما لا يقل عن 15 عنصرا من قوات النظام والمسلحين الموالين لها على الحاجز وإصابة آخرين بجروح".
وفي جبهة حلب (شمال)، يحاول التنظيم التقدم نحو بلدة مارع الواقعة على طريق امداد رئيسية لفصائل المعارضة نحو تركيا، بعد سيطرته الاحد على بلدة صوران ومحيطها بعد معارك عنيفة ضد مقاتلي المعارضة وبينهم جبهة النصرة التي استقدمت تعزيزات جديدة الى المنطقة.
وبات التنظيم على بعد عشرة كيلومترات تقريبا من معبر باب السلامة الحدودي مع تركيا.
ويقول عبد الرحمن ان احد اسباب "الانهيار السريع لقوات النظام عدم القدرة على تعويض الخسائر البشرية الكبيرة التي يتكبدها".
ويوضح ان "هناك تخلفا كبيرا عن الالتحاق بالخدمة العسكرية. كما ان هناك شعورا متناميا في اوساط القوات المسلحة وقوات الدفاع الوطني الموالية لها برفض الدفاع عن مناطق لا يشارك أهلها في القتال"، في اشارة الى المناطق ذات الغالبية السنية اجمالا حيث "لا حاضنة شعبية" للنظام العلوي.
وغالبا ما يعبر موالون للنظام على حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي عن هذا الشعور.
وقد أوردت صفحة "شبكة اخبار جبلة" (اللاذقية، معقل الطائفة العلوية التي يتحدر منها الرئيس السوري بشار الاسد) على "فيسبوك" تعليقا في هذا الاطار جاء فيه "التعبئة العامة لا يجب ان تقتصر على أهل الساحل السوريين الذين قدموا الاف الشهداء والجرحى (...) انما للسوريين الموجودين في الساحل من كل المحافظات تحت اسم مهجرين وعددهم حوالى مليون شاب"، داعيا هؤلاء الى ان "يحملوا السلاح (...) والا فعودوا الى محافظاتكم".
وتعزز التطورات الميدانية الخشية من حصول "تقسيم بحكم الامر الواقع" في سوريا حيث يتقلص وجود النظام الى المنطقة الممتدة من دمشق في اتجاه الشمال نحو الوسط السوري (الجزء الاكبر من محافظتي حمص وحماة) وصولا الى الساحل غربا (طرطوس واللاذقية)، بينما يتفرد تنظيم الدولة الاسلامية بالسيطرة على المنطقة الشرقية صعودا نحو الشمال (جزء من محافظة الحسكة وكل محافظة الرقة وبعض حلب). في حين يسيطر مقاتلو المعارضة على رأسهم جبهة النصرة، على الجزء الآخر من الشمال (حلب وادلب). ويتنازع النظام والمعارضة المنطقة الجنوبية، مع ارجحية للمعارضة.
ويزيد الواقع الميداني من صعوبة حسم الوضع في البلاد، ولا يبدو في الافق اي بريق امل لحل سياسي قريب.
وتشهد سوريا منذ اربعة اعوام نزاعا داميا تسبب بمقتل اكثر من 220 الف شخص. وبحسب المرصد، بلغت حصيلة القتلى منذ بدء العام الحالي حتى نهاية ايار/مايو 22846 شخصا.
نقلًا عن وام