المنامة - صوت الامارات
دعا معالي السيد عمرو موسى الامين العام السابق لجامعة الدول العربية الى اقامة نظام عربي وان تكون لدى الدول العربية خطة لبناء هذا النظام, تجتمع عليه لبحث مدى حاجتنا الى نظام سياسي واقتصادي وأمنى , مؤكدا انه على الدول العربية ان ترتقي الى مستوى المسئولية التاريخية في هذه المرحلة التي تمر بها المنطقة والعالم .
جاء ذلك خلال الندوة الفكرية التي أقيمت تحت رعاية وحضور سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة نائب رئيس مجلس الوزراء بعنوان " تطورات الوضع في العالم العربي والشرق الأوسط " في مركز عيسى الثقافي مساء اليوم, بحضور معالي وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة, وسعادة الاستاذة سميرة ابراهيم بن رجب وزيرة الدولة لشؤون الاعلام المتحدث الرسمي باسم الحكومة, وسعادة السيد محمد بن إبراهيم المطوع وزير الدولة لشئون المتابعة وسعادة المهندس عصام خلف وزير الأشغال, وعدد من السفراء والاكاديميين والمسئولين , ولفيف من المواطنين والمهتمين وبتنظيم من جمعية الصحفيين البحرينية .
وتوجه السيد عمرو موسي الامين العام السابق لجامعة الدولة العربية في بداية كلمته خلال الندوة بالشكر الجزيل الى مملكة البحرين ملكا وحكومة وشعبا على حسن الاستقبال والضيافة والود والترحاب الذى يشعر به كل زائر الى هذه المملكة الشقيقة الجميلة.
كما توجه معاليه بالشكر والتقدير الى سمو الشيخ محمد بن مبارك ال خليفة نائب رئيس مجلس الوزراء لرعايته هذه الندوة الفكرية متوجها بالشكر كذلك الى معالي الشيخ خالد بن أحمد ال خليفة وزير الخارجية وسعادة السيد محمد المطوع وزير شئون المتابعة.
وأشار الى ان الجامعة العربية قد أدت دورها على مدى 60 عاما او اكثر وأن المتغيرات الحالية تتطلب بحث تطوير الوضع العربي الحالي أو بناء نظام جديد يلبى حاجة الدول العربية والتحديات القائمة مشيرا الى أن التطوير هو سنة الحياة طالما ان التغيير قد حدث بالفعل في بالمنطقة.
وقال انه ان الاوان ان نجلس الان سويا لبحث هذا الامر وما اذا كان النظام العربي الحالي بحاجة الى التطوير او التغيير الجذري والبحث في مستقبل المنطقة ككل وتحديدا فيما يتعلق بالنظام الإقليمي والامن الإقليمي وهذا الطرح يجب أن يكون طرحا شاملا وفق ما نحتاجه ووفق مصالحنا في اطار أي نظام إقليمي جديد.
وأوضح السيد عمرو موسي انه لابد على العرب ان يتقدموا بمبادرة تتعلق بنظام الامن الإقليمي لأنه لن يستتب الامن في المنطقة الا من خلال طرح نظام جديد يكون نابعا من ارادتنا العربية وتصورنا لطبيعة التحديات التي تواجهنا ورؤيتنا لمنطقة الشرق الاوسط والعالم العربي وذلك بعد التغيرات الجذرية التي شهدتها المنطقة في السنوات الاخيرة مشيرا الى انه اذا لم نتقدم نحن بهذه المبادرة وهذه الرؤية سيتقدم بها غيرنا وستفرض علينا.
وبين ان امر بناء نظام عربي اقليمي جديد يجب أن يأخذ في الاعتبار عناصر التغيير في المنطقة , مضيفا ان الدول الغربية كانت في الماضي القريب تقرر مصير وحدود البلدان العربية , وهو امر يجب الا يتكرر مجددا وان تتخذ الدول والشعوب العربية قرارتها بنفسها , مشيرا في هذا الاطار ان ما حدث في العام 1914 لن يتكرر في 2014 حتى وان كانت هناك العولمة .
أكد موسى قدرة مصر والمملكة العربية السعودية لقيادة المنطقة وان لا تتأثر سلبا بما هو جاري , مشددا على ايران وتركيا لا يمكنهما منفردتين او مجتمعين ان يقودا المنطقة التي تتألف اساسا من الشعوب العربية , منوها الى ان ايران تطرح مقاربة " صلبة " بينما تطرح تركيا مقاربة " ناعمة , غير ان مصر تمتلك المقاربتين معاً, ويمكنها ان تتخذ الموقف المطلوب , مطالبا بحسن ادارة امورنا العربية لنلحق بالقرن ال 21 ونطرح قيمنا وثقافتنا لمواجهة رغبة ايران وتركيا في الهيمنة الاقليمية .
أكد أنه حين لم تستقر مصر واضطرب الوضع في العراق وسوريا واليمن وليبيا , وذلك بعد كارثة غزو العراق للكويت اثرت سلبا على النظام الاقليمي , في ظل الثورات التي بدأت في 2011 , مشددا على ضرورة حل الاوضاع العربية بعيدا عن المزايدات والمشاحنات .
واضاف ان المشكلة في مصر قبل ثورة 25 يناير كانت تتمثل في سوء ادارة الحكم وتراكم الممارسات الخاطئة في مختلف القطاعات والملفات والمؤشرات والفشل في ادارة الامور , خاصة وان نحو نصف المواطنين المصريين يعيشون حول خط الفقر, بالإضافة الى تراجع دور مصر الاقليمي بصورة لا تتماشى مع امكانيات الدولة المصرية الحديثة التي بدأت منذ عصر محمد علي في 1805 , ما اخرج هؤلاء المواطنين الى الميادين .
ورأى موسى ان الشعب المصري خرج في ثورة يناير لإصلاح ومعالجة الخلل والمجيئ بحكم يعيد لمصر احترامها لذاتها واحترام العالم لها ويعيد للناس حقوقهم غير ان هذا لم يحدث في ظل حكم الاخوان المسلمين , حيث تحول الحال في مصر من سيئ الى أسوأ مع عدم وضوح الرؤية ما اخرج المصريين مرة اخرى للثورة في 30 يونيو .
وقال السيد عمرو موسي ان ثورة 30 يونيو 2012 في مصر جاءت لفشل جماعة الاخوان في الحكم مشيرا الى ان فشلهم كان على كافة الاصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية بل انهم حتى فشلوا في كتابة دستور توافقي يعبر عن كل المصريين ويلبى تطلعاتهم الى المستقبل.
وأضاف أن خروج المصريين في أحداث يناير 2011 جاء بهدف تحسين الاحوال في مصر ولم يكن بهدف استبدال الحكم السابق بحكم بالغ السوء ولذلك فقد ثار المصريين في 30 يونيو ثورة حقيقية بالملايين الذين خرجوا طلبا لإنقاذ مصر بعد ان تبين لهم أن لا امل في بقائهم أو اصلاح الموقف وعدم قدرتهم على ذلك.
وقال ان رؤية الذين دعوا الى ثورة 30 يونيو في مصر جاءت لتحقيق الاصلاح في البلاد عبر 4 محاور وهى كتابة دستور جديد توافقي وانتخاب رئيس جديد للبلاد وانتخاب برلمان جديد واطلاق عملية اعادة بناء مصر مشيرا الى أن الهدفين الاولين قد تحققا وجارى العمل حاليا على تحقيق الهدف الثالث وهو انتخاب برلمان جديد للبلاد خلال الفترة المقبلة وستبدأ بعدها فعليا عملية اعادة بناء مصر بعد استكمال بناء كافة المؤسسات الدستورية في البلاد.
وأضاف السيد عمرو موسي ان ما حدث في مصر كان نقلة نوعية كبيرة حمتها من المصير الذى رأيناه في عدد من الدول العربية الأخرى وأصبح هناك الان لدينا نوع من التعقل في التصرف المصري حماها من الوقوع في الكثير من المنزلقات الخطيرة.
وأكد رئيس لجنة الخمسين لكتابة الدستور المصري اننا الان في مصر على الطريق السليم ويمكنني أن أصف ذلك بأننا على طريق الديمقراطية الحقيقية التي ستمكننا من الدخول نحو المستقبل الجديد.
واضاف ان مصر تمضي في خارطة الطريق في ظل التصويت على الدستور الجديد , وانتخاب الرئيس ويتبقى الانتخابات البرلمانية التي ستجرى خلال الشهور المقبلة , فيما عادت عملية اعادة البناء والتي تتضح معالمها الان مثل مشروع قناة السويس الجديدة العملاق بالإضافة الى المشاريع الصغيرة والمتوسطة وهى في طريقها " للشفاء " واستئناف دورها الريادي في المنطقة .
واضاف انه يجب الا نخشى الديمقراطية ونعطيها الفرصة سيما ان تراجع الملفات في كافة القطاعات خلال الفترة السابقة لم يكن ان تحدث في اجواء ديمقراطية .
وأكد ان عودة مصر للساحة العربية هو عودة للسياسة المتوازنة والعاقلة والبعيدة عن التطرف , في ظل التغيرات الجذرية في منطقة الشرق الاوسط مثل التغيرات الثورية , وما تشهده المنطقة من عملية تغير الاجيال والتواصل الحثيث مع العالم اجمع والطموح نحو مستقبل افضل .
وعن الوضع في سوريا دعا الامين العام السابق لجامعة الدول العربية الى مقاربة اشمل للوضع في سوريا تشمل العراق وجوب مشاركة جميع السوريين في حل النزاع وليس لطائفة واحدة , وفي ظل حكم ديمقراطي وليس الانتقام .
واضاف ان الحكومة العراقية الجديدة التي ندعوا لها بالتوفيق قامت على اساس اتفاق شمل جميع المكونات بعكس الطرح الإقصائي والطائفي في عهد رئيس الوزراء السابق نوري المالكي , وهو ما نريد ان نراه في سوريا .
وحول تنظيم داعش الارهابي، قال السيد عمرو موسى ان هذه المشكلة خرجت عن كل الحدود فكيف لمنظمة أيا من تكون ان تمارس الذبح والقتل والدموية وتفخر بذلك وهذه ممارسات خطيرة جدا ولا يمكن ان نتعايش مع مثل هذه الافكار والممارسات التي تهدد الاسلام دينا والعرب ثقافة وكل العالم يندهش من ذلك.
واشار الى ان هناك اسباب طائفية وعرقية وتفرقة أدت الى ظهور مثل هذه المنظمات ولذلك يجب ان يكون التعامل لحل هذه المشكلة شاملا وان يشتمل معالجة مسببات ظهور مثل هذه التنظيمات الارهابية الدموية.
وحول القضية الفلسطينية أكد السيد عمرو موسى ان حل القضية الفلسطينية حلال عادلا وشاملا هو المدخل الاساس لتحقيق التوازن والاستقرار في المنطقة ويجب ان يكون لنا وقفة مع الدول الكبرى لحل هذه القضية بصورة عادلة.
وبعد القاء الندوة قام السيد عمرو موسي بالرد على الاسئلة، فردا على سؤال لمعالى الشيخ خالد بن أحمد بن محمد ال خليفة وزير الخارجية حول تصورات معاليه للنظام الإقليمي الجديد في المنطقة، أجاب السيد عمرو موسي قائلا اننا كعرب مسئولين عن اقليمنا ويجب ان يتم بحث التعامل مع دول الجوار العربي مشيرا الى ان النظام الإقليمي الجديد لم يعد ممكنا ان يكون عربيا فقط ونوه الى انه خلال السنوات الاخيرة من عمله بالجامعة العربية تقدم بمقترح محدد ومفصل بدول الجوار العربي وان يكون تحت مسمى منتدى الجوار العربي وكان يشمل هذه المقترح 42 دولة من ضمنها ال 22 دولة عربية الاعضاء الحاليون بجامعة الدول العربية.
وقال ان المشكلة في النظام الإقليمي الجديد تكمن في 3 دول وهى تركيا وايران واسرائيل لوجود خلافات معهم مشيرا الى ان الخلاف مع تركيا هو الاقل لأنه ليس خلافا استراتيجيا او ليست هناك مشاكل استراتيجية وانما خلافات تكتيكية او معاصرة يمكن التغلب عليها بالحوار.
وحول التفاهم مع ايران قال السيد عمرو موسي أن ايران لنا معها خلافات كبيرة تتعلق بتأجيجها للخلافات المذهبية في دول المنطقة ومحاولات فرض الهيمنة الاقليمية مشددا على أن أي تفاهم عربي مع ايران يجب ان يسبقه حديث جاد نؤكد فيه على مواقفنا الثابتة فيما يتعلق بالسيادة العربية وعدم التفرقة بين المذاهب الاسلامية في الدول العربية واستخدام ذلك لتحقيق الهيمنة ومكاسب سياسية.
اما عن اسرائيل فقد اوضح السيد عمرو موسى ان ما بيننا وبينهم هو حل القضية الفلسطينية فاذا تم حلها بصورة عادلة من الممكن ان يكون هناك تفاهم عربي معهم وهذا ما طرحناه من خلال المبادرة العربية في عام 2002 واذا لم يكن لديهم الاستعداد لحل القضية الفلسطينية فليس هناك أمل ان يكون لهم مكان على أي مائدة تعاون مع العرب وهذا أمر محسوم ولا يمكن أن نبيع فلسطين بأي حال من الاحوال.
وفي رده على سؤال حول الاخوان المسلمين في مصر قال ان الاخوان خاضوا مراحل متعددة منذ نشأت الجماعة في العام 1928 , وحاولوا كثيرا ان يفرضوا مواقفهم بما ذلك عبر طريق دموي شمل الاغتيالات , ما اودعهم السجون , مشيرا الى ان بداية التفاهم معهم كانت في عهد الرئيس الراحل محمد انور السادات , واستمر الحال كذلك في عهد الرئيس الاسبق محمد حسني مبارك , حيث حصلوا على 88 مقعدا في مجلس الشعب , منوها الى نشاطهم الاجتماعي واضح خاصة في الملفات التي تفشل فيها الدولة .
غير ان السيد عمرو موسى أوضح انه رغم نجاح الاخوان في الوصول الى سدة الحكم فانهم لم يكونوا مستعدين للحكم وادارة البلاد رغم ما وصفه برغبتهم وعشقهم في الحكم , مؤكدا ان مدة حكمهم لمصر كشفت مدى قدراتهم وهو ما اثر على ما يعرف بالإسلام السياسي بصورة عامة .
واضاف ان بعض مراكز صنع القرار والابحاث في الغرب كانت ترمي الى ان يتولى ما يعرف بالإسلام السياسي الحكم في المنطقة العربية , مشددا على انه للمرة الاولى منذ انتهاء الحرب الباردة فان شعوب ودول في المنطقة قالت للولايات المتحدة الامريكية " لا " , ورفضت اطروحات واشنطن .
وفي رد على سؤال حول التهديدات الامنية التي تواجه مصر حاليا أكد ان القاهرة على وعي بالتهديدات الامنية التي تواجهها من الجنوب والشرق والغرب , مشددا على ان مصر لديها كافة الحقوق في الدفاع الشرعي عن النفس , وان الارهاب في سيناء لابد من هزيمته .
واضاف ان دول جوار ليبيا بدأت اجتماعات لمنع ومواجهة الاضطرابات التي تعصف بها حتى لا يتدهور الامن العربي بصورة اكبر .