البحرين

خطت المملكة في عهد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة خطوات عديدة نحو النهوض بأبنائها في جميع المجالات، كما سعت إلى التعاون مع مجلس حقوق الإنسان الدولي لتعزيز جهودها في مجال دعم وحماية حقوق وحريات المواطن البحريني لتشمل بالإضافة إلى حقه في الأمن والتعليم والصحة والعمل والحياة الكريمة، الحق في التعبير عن الرأي والتجمع والانتخاب والترشح وغيرها.

وقد أكدت المملكة التزاماتها الحقوقية لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة باعتباره أعلى هيئة دولية تختص بهذه الحقوق، وقدمت تقريرها الطوعي بالتزامن مع الدورة 27 للمجلس التي انعقدت خلال الفترة من 8 - 27 سبتمبر الماضي، وشمل هذا التقرير أبرز خطوات المملكة وجهودها في مجال حقوق الإنسان، والإجراءات المتبعة من جانبها لتنفيذ توصيات المجلس، في مثال واضح على جديتها في تنفيذ التزاماتها أمام المحافل الدولية واحترامها لحقوق الإنسان.

وفي قراءة لما ورد في التقرير الذي تم تدشينه يوم الأربعاء 17 سبتمبر الماضي، يمكن الخروج بعدة ملاحظات:

أولها ـ إبطال ادعاءات المنظمات الحقوقية وبعض وسائل الإعلام الغربية التي لا تريد الخير لمملكة البحرين، وتثير الزوابع بين حين وآخر، وتضخم من أي حدث حتى بدون الرجوع إلى الجهات الرسمية أو الحضور إلى المملكة والوقوف على حقيقة ما يجري بها، وبدا أن هدف هذه الجهات هو التضليل، إذ تتعمد الحصول على معلوماتها من مصادر مغلوطة أو منحازة أو غير موثقة، وتنطلق من مصالح ضيقة بعيدة عن النظرة الموضوعية لحقوق الإنسان.

لذلك لم يكن غريبا أن يؤكد التقرير الطوعي البحريني على ضرورة وقف محاولات تسييس حقوق الإنسان من جانب البعض، وأنه يجب التعامل مع حقوق الإنسان كملف وطني، والتعاون مع الدولة على تحسينه، والثقة بأن المملكة جادة في تطوير هذا الملف، والدليل على ذلك كم الإنجازات التي تتم فيه.

ثانيها ـ ضرورة أن يقابل الحقوق التي تمنحها الدولة التزامات، كما هو معمول به في الدول الغربية نفسها، فالمملكة تمنح الحق في التجمع والمسيرات، ولكن في العادة تنتهي هذه المسيرات بأعمال عنف واستهداف رجال الأمن، ومن هنا أوضحت البحرين في تقريرها الطوعي موقفها ونظرتها لمفهوم حقوق الإنسان التي يجب أن تكون نظرة شاملة لكافة الحقوق، ولا تجتزئ حقًا دون غيره، وأن حق المواطن في الأمن كأحد أهم الحقوق الأساسية لا يمكن فصله عن حقوق الإنسان الأخرى في التجمع والتظاهر وغيرها.

وتعكس هذه الرؤية الشاملة نجاح الجهود البحرينية الحثيثة لتجاوز الأحداث، وهي الجهود التي شهد لها العالم، خاصة بعد النجاح في إعادة الأمن والاستقرار، وتدشين الحوارات الوطنية التي كانت لها نتائجها الكبيرة، وتشكيل اللجنة الملكية لتقصي الحقائق وتنفيذ توصياتها، الأمر الذي يؤكد الموقف البحريني الثابت بضرورة أن يقابل هذا الجهد الحقوقي تفاعل إيجابي من جانب الجميع لاستكمال بناء نهضة المملكة والمشاركة الإيجابية في حاضر ومستقبل الوطن.

ثالثها ـ رسوخ إيمان المملكة بمبدأين يمثلان عماد فلسفتها ونهجها في المجال الحقوقي، أحدهما يتعلق بأهمية الحوار الوطني وضرورة استمراريته مع جميع القوى، وذلك لتحقيق التوافق الوطني الذي تُوج بالقواسم الخمس المشتركة التي ستدفع بالمشاركة السياسية إلى آفاق جديدة، وهو ما تحمل بشائره الانتخابات المقبلة في 22 نوفمبر 2014، المبدأ الآخر يتعلق بأن البحرين ليس لديها ما تخفيه بدليل فتح أبوابها للجميع لزيارتها والتسهيلات التي تقدمها مقارنة بدول العالم المتقدم لدخول الصحفيين، وهو ما كشف عنه التقرير الطوعي عام 2012، حيث منحت 747 صحافي أجنبي تأشيرات دخول من مجموع 800 صحفي بنسبة 93%، في تأكيد على حقها السيادي الخاص بتنظيم الزيارات لأي جهة خارجية ترغب في الدخول للمملكة، وهو أمر معمول به في كل دول العالم المتقدم، ولا يمكن إنكار هذا الحق على البحرين.

يذكر هنا أن المملكة قدمت تقريرين لمجلس حقوق الإنسان في إطار المراجعة الدورية الشاملة عامي 2008 و2012، وتساهم الخبرات الوطنية البحرينية في النهوض بالمجلس ومنها السفير سعيد الفيحاني نائب رئيس اللجنة الاستشارية في المجلس، كما قام فريق تقني من المفوضية السامية لحقوق الإنسان بزيارة البحرين ثلاث مرات آخرها هذا العام، وقد اعتمد إعداد التقرير الطوعي الذي قدم لأول مرة هذا العام على مبدأ الشراكة المجتمعية من خلال التشاور مع الجهات الرسمية والأهلية الوطنية، حيث عقدت وزارة الخارجية جلستي مشاورات لبحث ومناقشة مرئيات الجهات المعنية بالتقرير.

إن البحرين وهي تقدم تقريرها الطوعي بغير إلزام إلى مجلس حقوق الإنسان الأممي، فهي تؤكد إضافة إلى مواصلة النهوض بهذه الحقوق، وتعاونها مع الهيئات الحقوقية المختلفة، أنها لن تدخر جهدا في العمل على سن التشريعات اللازمة لتعزيز الثقافة الحقوقية، وترسيخ ممارساتها واقعا على الأرض، سيما أنها تعد من الدول القلائل التي أنشئت وزارة خاصة بحقوق الإنسان، إلى جانب هيئة في كل وزارة معنية بحقوق الإنسان، ولجنة تنسيقية لحقوق الإنسان برئاسة وزير الخارجية، فضلا عن إنشاء المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان وفقًا لمبادئ باريس، وتشجيع المجتمع المدني لإنشاء جمعيات حقوقية بدون قيود ووفقًا للقانون.