الجبهة الشعبية التونسية

استغلت أحزاب تونسية إحكام السلطات السورية قبضتها على حلب وتضييق الخناق على التنظيمات الإرهابية، وتواتر أنباء عن عودة إرهابيين من هذه البؤر إلى بلدانهم، في تجديد المطالبة باستئناف العلاقات الدبلوماسية بين تونس ودمشق، في ظل جدل شديد وتخوف شعبي ورسمي من أن ينشر العائدون من سوريا إلى تونس العنف والإرهاب داخل البلاد.

فمن جانبها، أعلنت الجبهة الشعبية التونسية -وهي ائتلاف سياسي يضم أحد عشر حزبا وتجمعا يساريا وقوميا وبعض المستقلين - على لسان المتحدث باسمها حمة الهمامي، قبل أيام أن أي معالجة لقضية الإرهابيين يجب أن تركز أساسا على إعادة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا.

ودعت أحزاب أخرى من خارج هذا الائتلاف ومنها حزب المسار الديمقراطي المنتمي إلى تيار يسار الوسط إلى إعادة العلاقات مع سوريا "الشقيقة" حسبما جاء وصفها في بيان الحزب والعمل على محاكمة الارهابيين في الدول التي ارتكبوا فيها جرائمهم.

كان الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي قد قطع العلاقات الدبلوماسية مع سوريا في عام 2012. وقال المرزوقي في حوار إنه لم يندم أبدا على قرار قطع العلاقات الدبلوماسية مع سوريا وإنه لو عاد به الزمن إلى الوراء لاتخذ نفس القرار.

وترى الأحزاب السياسية أن إعادة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا مهمة للقضاء على آفة الإرهاب نظرا لاشتراك تونس وسوريا في نفس مصير مواجهة التهديدات الارهابية.وتتخوف تونس أن يُغضب قرار منفرد لها بإعادة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا دول الخليج التي تدعم الاقتصاد التونسي وتتخذ موقفا موقفا عدائيا من نظام الأسد.

وأعلن الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي موقف إدارته من إعادة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا بشكل واضح عندما أكد في ديسمبر الماضي إن الموقف من إعادة العلاقات مع سوريا يُتخذ في سياق قرار عربي وأن بلاده تتفاعل في إطار الوفاق والإجماع العربي. وقصد السبسي بهذا التصريح أن يعلن بوضوح أن تونس لن تتخذ قرارا منفردا بإعادة العلاقات مع سوريا.

وفي خضم الاستياء الشديد من الأنباء عن عودة الإرهابيين نظمت لجنة الأمن والدفاع بالبرلمان التونسي جلستي حوار في اليومين الماضيين مع وزيري العدل والداخلية للاستماع إليهما بخصوص هذه القضية.

وهنا حاولت الحكومة تهدئة الموقف وقلل وزير العدل غازي الجريبي من المخاوف المثارة من عودة الإرهابيين، مؤكدا أن بلاده لديها منظومة قانونية كاملة تمكنها من محاكمة كل من تعلقت به شبهة مشاركة في عمل إرهابي، وأوضح أن هذه الآليات القانونية تفي بالحاجة ولا تستدعي تنقيحا للدستور لضمان محاكمة العائدين.

واتخذ وزير الداخلية الهادي المجدوب نهجا مماثلا، وقال إن الأرقام المتداولة بشأن الإرهابيين المتواجدين في بؤر الصراع لا أساس لها من الصحة وأن وزارته جاهزة للتعامل مع العائدين منهم.

وذهب المجدوب إلى ما هو أبعد من ذلك وكأنه رغب في تمرير رسالة ضمنية إلى الأحزاب السياسية اليسارية بالأساس التي استغلت قضية الإرهابيين العائدين لتجديد طلب إعادة العلاقات مع سوريا حيث كشف عن وجود مكتب أمني تونسي في سوريا وأن وزارته على اتصال يومي بالأجهزة الاستخباراتية الأمنية في سوريا والعراق وتركيا.

يشار إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تطالب فيها أحزاب سياسية تونسية بإعادة العلاقات مع سوريا ففي شهر أكتوبر الماضي طالبت أحزاب وجمعيات وشخصيات مستقلة السلطات الرسمية العليا بإعادة العلاقات الدبلوماسية والسياسية مع سوريا وبتقديم الدعم لهذا البلد العربي ولقواته المسلحة في حربها ضد المجموعات المسلحة المتطرفة التكفيرية والإرهابية.