الكويت تضع خارطة طريق لتحقيق التوازن والتنوع الاقتصادي الوطني

وضعت دولة الكويت برنامجا متكاملا اعتبر بمثابة خريطة طريق متوسطة الأجل بهدف تحقيق التوازن في الاقتصاد الوطني عبر تنويع مصادر الدخل ووقف الهدر في المصروفات العامة عقب التحديات التي فرضها الانخفاض الحاد باسعار النفط العام الماضي والذي يشكل المصدر الاساسي للدخل في البلاد.

وفرض الانخفاض في أسعار النفط تحديا استثنائيا خطيرا هدد قدرات البلاد على الاستمرار في توفير الحياة الكريمة للمواطنين واحتياجاتهم الأساسية فيما كانت كلفة هذا الاصلاح ستتفاقم كلما تأخر التصدي له وبات من غير الممكن أن تؤجل البلاد هذا الاستحقاق لمعالجة وضعها المالي والاقتصادي.

وأقرت الحكومة الكويتية خلال شهر مارس الماضي وثيقة للاصلاح المالي والاقتصادي تحت مسمى " الاجراءات الداعمة لمسار الاصلاح المالي والاقتصادي - المدى المتوسط ".. بغية تحقيق التوازن في الاقتصاد الوطني من خلال إعادة الدور الريادي للقطاع الخاص وإعادة رسم دور الدولة في النشاط الاقتصادي بما يعزز تنوع قطاعاته و يضمن إيجاد فرص عمل للخريجين ويدعم استدامة الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية على المدى الطويل.

وتتكون الوثيقة من ستة محاور رئيسية أولها الاصلاح المالي وثانيها إعادة رسم دور الدولة في الاقتصاد الوطني وثالثها زيادة مساهمة القطاع الخاص في النشاط الوطني فيما تمثل المحور الرابع في مشاركة المواطنين في تملك المشروعات والخامس باصلاح سوق العمل ونظام الخدمة المدنية والسادس في الاصلاح التشريعي والتنفيذي.

وتسعى وثيقة الاصلاح للوصول الى اهداف محددة في كل من المحاور الستة حيث تهدف في محورها الاول الى ترشيد الانفاق وزيادة الايرادات اضافة الى تخفيض عجز الميزانية والاتجاه نحو استدامة المالية العامة.

أما الهدف من المحور الثاني وهو إعادة رسم دور الدولة في الاقتصاد الوطني فيتمثل بتمكين الدولة من التركيز على مهامها الأساسية في إصلاح البيئة التنظيمية و تحسين بيئة الأعمال وتطبيق الإجراءات الداعمة والمحفزة للقطاع الخاص..إضافة الى تفعيل دورها الرقابي على جودة نظم التعليم وضمان المواءمة بين مخرجات التعليم واحتياجات الاقتصاد الوطني.

وبالنسبة للهدف من المحور الثالث فيتمثل باستيعاب إعداد اكبر من العمالة الوطنية في القطاع الخاص وزيادة مساهمة هذا القطاع في الناتج المحلي الإجمالي وايجاد دخول جديدة في القطاع الخاص تساهم في إنعاش الطلب المحلي وزيادة مساهمة الاستثمار الأجنبي المباشر داخل البلاد.

وأهم الأهداف التي تسعى الوثيقة الى تحقيقها في محورها الرابع الخاص بمشاركة المواطنين في المشروعات ايجاد مصادر دخل إضافية للمواطنين ومنها اشراكهم في اتخاذ القرارات الاقتصادية من خلال مساهمتهم في حقوق الملكية في حين تهدف في المحور الخامس الى تشجيع المواطنين على التوجه إلى القطاع الخاص وربط الأجر بالإنتاجية بما يساعد على تحسين الكفاءة.

أما الأهداف المرجوة من المحور الأخير في مجال الإصلاح الإداري والمؤسسي فتتمثل بتطوير مناخ الاستثمار وجذب مزيد من الاستثمارات الخاصة المحلية والأجنبية وتحسين مرتبة الكويت في مؤشرات التنافسية وممارسة الأعمال وزيادة فرص استخدام خدمات الحكومة الإلكترونية وبالتالي خفض تكلفة إنجاز المعاملات.

ويتضمن محور الاصلاح المالي شقين الاول الايرادات ويشمل استحداث ضريبة على أرباح الأعمال والشركات بمعدل / 10 / في المائة وتطبيق ضريبة القيمة المضافة التي تبنتها دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بمعدل خمسة في المائة من أنشطة إنتاج السلع والخدمات وإعادة تسعير السلع والخدمات العامة وإعادة التسعير مقابل الانتفاع بأراضي الدولة وسرعة تحصيل مستحقات الدولة المتأخرة.

**********----------********** ويتعلق الشق الثاني من المحور ذاته بالمصروفات ويشمل ترشيد مصروفات كل الوزارات والجهات الحكومية ووقف إنشاء أجهزة حكومية أو هيئات عامة جديدة ودمج أو إلغاء بعض الهيئات والوزارات والإدارات العامة وإلغاء عضوية الأعضاء المتفرغين بعد انتهاء مدتهم الحالية في المؤسسات والهيئات العامة.

و يحتوى هذا الشق أيضا على ترشيد الدعم مع ضمان استمراره ووصوله إلى الشرائح المستحقة له وإصلاح نظام اعتمادات الإنفاق الحالي وتطوير طرق إعداد الميزانية وتقييد الأوامر التغييرية في المشروعات العامة ومعالجة سلبيات نظام دعم العمالة.

ويشتمل محور إعادة رسم دور الدولة في الاقتصاد الوطني على تنظيم ومراقبة النشاط الاقتصادي وتشجيع القطاع الخاص للدخول في مختلف القطاعات وتعزيز نظم الشراكة مع القطاع الخاص وتعزيز نظم السوق وضمان التنافسية..إضافة الى ضمان استفادة المواطنين من السلع والخدمات المنتجة وتصحيح أي تشوهات في الأسواق بهدف مكافحة الممارسات الاحتكارية.

ويتضمن محور زيادة مساهمة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي دعم برامج التخصيص والتوسع في مساراتها في الأجل المتوسط من خلال تخصيص المشروعات العامة ومشروعات الشراكة بين القطاعين والتمويل الميسر للمشروعات الصغيرة والمتوسطة.

وأكدت الوثيقة انه لا يمكن لأي برنامج للتخصيص أن ينجح دون أن تواكبه إجراءات تعزز المنافسة وتوفر بيئة محفزة للقطاع الخاص الوطني والجاذبة للاستثمار الأجنبي واشراك المواطنين في ملكية مشروعات البنية الأساسية.

ويشتمل محور مشاركة المواطنين في تملك المشروعات على تخصيص / 40 / في المتئة من أسهم المشروعات التي سيتم تخصيصها ضمن برنامج نقل ملكية المشاريع العامة للمواطنين وتخصيص / 50 / في المائة من رأسمال المشاريع التي سيتم طرحها خلال 2016 - 2019 وفق نظام الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

وأشارت الوثيقة في هذا المحور الى طرح مشروعات متوسطة يشارك الشباب الكويتيون في تملكها وادارتها ويتم تمويلها من قبل الصندوق الوطني للمشروعات الصغيرة والمتوسطة.

أما محور اصلاح سوق العمل ونظام الخدمة المدنية فإن نطاق عمله يستمر على مدى سنتين تتضمن السنة الأولى إصلاح الأجور وتخطيط العمالة في القطاع الخاص ورفع كفاءة القوى العاملة..أما السنة الثانية فتتضمن تنفيذ نظام تقييم الأداء وتأهيل العمالة الوطنية ورفع كفاءة النظام العام.

ويتضمن محور الإصلاح التشريعي والمؤسسي والاجراءات المساندة رفع كفاءة إدارة المالية العامة للدولة وتهيئة بيئة أعمال جاذبة للمستثمر المحلي والأجنبي وتطوير ادارة الضريبة ورفع تصنيف سوق الكويت للأوراق المالية لتكون ضمن الأسواق الناشئة خلال 2016 -2017 واقرار وتعديل وتطوير التشريعات.

وكان مجلس الوزراء الكويتي قد كلف في اجتماعه يوم / 14 / من شهر مارس الماضي أنس الصالح نائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية ووزير النفط بالوكالة..الإشراف على تنفيذ وثيقة الاصلاح المالي والاقتصادي وما فيها من اصلاحات مستحقة والتنسيق في ذلك مع كل الجهات الحكومية مع الالتزام بالاطار الزمني المحدد لتنفيذها وإحاطة مجلس الوزراء بتقرير شهري في هذا الشأن.

وفي ضوء ذلك أصدر الوزير الصالح قرارا بتشكيل لجنة عليا لمتابعة تنفيذ وثيقة الاجراءات الداعمة لمسار الاصلاح المالي والاقتصادي ويترأسها وزير المالية وتضم في عضويتها الجهات الحكومية المعنية بالدرجة الأولى بعملية الاصلاح الاقتصادي للبلاد.