القيارة - صوت الامارات
تواصل القوات العراقية الاربعاء تقدمها داخل قرقوش، أكبر المدن المسيحية في البلاد، بهدف استعادتها من سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية، في إطار العملية العسكرية الضخمة التي بدأت الاثنين في اتجاه مدينة الموصل.
واقتحمت القوات العراقية الثلاثاء مدينة قرقوش التي تقع على بعد حوالى 15 كيلومترا الى الجنوب الغربي من مدينة الموصل، لكن المواجهات مستمرة مع جهاديين يتحصنون داخل المدينة.
وحققت العملية التي تنفذها القوات العراقية بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، وتعد الاكبر منذ سنوات، تقدما سريعا خلال اليومين الماضيين.
وقال ضابط عراقي ان قوات من مكافحة الارهاب التي تولت مهاما صعبة خلال عمليات نفذتها القوات العراقية في الفترة الماضية، تستعد للسيطرة على قرقوش.
واوضح الضابط وهو برتبة عقيد في القوات البرية وكان يتحدث من قاعدة القيارة، أحد أكبر مقار القوات الامنية العراقية في المنطقة، لوكالة فرانس برس "نحن نحاصر الحمدانية الان"، في اشارة الى المنطقة التي تقع فيها مدينة قرقوش المسيحية.
وأضاف "نقوم باعداد خطة لاقتحامها وتطهيرها بعد ذلك". وتابع "توجد جيوب وتدور اشتباكات وأرسلوا (الجهاديون) سيارات مفخخة، لكن هذا لن ينفعهم".
واحتفل مئات المسيحيين في اربيل، عاصمة اقليم كردستان العراقي، مساء الثلاثاء بتقدم القوات العراقية نحو مدينتهم التي اضطروا للفرار منها حين سيطر عليها تنظيم الدولة الاسلامية قبل سنتين.
وقال احد المحتفلين وهو صحافي يدعى حازم كاردومي "اليوم يوم مبارك. ما من شك في ان ارضنا ستتحرر، ونشكر الرب ويسوع المسيح والعذراء مريم".
ــ لا دخان ولا حلاقة ــ
وقرقوش هي اكبر مدينة مسيحية في العراق وكان يعيش فيها خمسون الف شخص عشية استيلاء الجهاديين عليها في آب/اغسطس 2014 في هجوم دفع بالغالبية العظمى من أبنائها الى الفرار.
ووصف بونوا فرج كامورا، رئيس جمعية "الاخوة" في العراق، وهي منظمة إنسانية فرنسية لدعم الاقليات، "كانت البقعة التي تجمع العدد الاكبر من المسيحيين في مكان واحد، وهي تحمل بعدا ورمزا قويين".
وتسعى القوات العراقية الى محاصرة مدينة الموصل من جهات عدة بينها المحور الجنوبي حيث تتحرك قوات حكومية انطلاقا من قاعدة القيارة على امتداد نهر دجلة. في موازاة ذلك، تتقدم قوات البشمركة الكردية من المحور الشرقي.
وباتت القوات العراقية الاربعاء في قرية باجوانية الواقعة على بعد حوالى 30 كيلومترا جنوب الموصل.
وافاد مصور لوكالة فرانس برس ان عائلات كثيرة خرجت من منازلها أمام القوات الحكومية المتقدمة وهي تلوح برايات بيضاء.
وقال ضابط برتبة رائد في الشرطة الاتحادية "تدقق قواتنا في الهويات الشخصية مقارنة بمعلومات من مصادر محلية للبحث عن عناصر من داعش".
وبدا معظم الرجال والشباب بلحى طويلة، لان الجهاديين كانوا يحرمونهم من حلاقة ذقونهم.
وتوجه أحد السكان الذي قدم نفسه باسم ابو عبد الله ويعمل راعيا نحو جندي عراقي يسأله الحصول على سيكارة. وقال "حرموني من التدخين منذ عامين".
واعلن ابو بكر البغدادي اقامة دولة "الخلافة" في حزيران/يونيو 2014، من الجامع الكبير في الموصل بعد سيطرة التنظيم على ثلث مساحة العراق آنذاك ومساحات واسعة من سوريا المجاورة.
لكن سيطرة الجهاديين انحسرت وبشكل كبير حاليا، وستمثل استعادة الموصل نكسة ونهاية عمليا لوجود التنظيم المتطرف في معاقل اساسية في العراق.
ويقول الخبير في المنظمات الجهادية أيمن التميمي من منتدى الشرق الاوسط "ببساطة الجهاديون لديهم أعداء كثر احتشدوا من كل (دول ) العالم ضدهم".
ــ المدنيون "دروع بشرية" ــ
ويشارك عشرات آلاف المقاتلين في تنفيذ عملية استعادة الموصل ضد الجهاديين الذين يقدر عددهم بما بين ثلاثة آلاف الى 4500 مسلح داخل المدينة.
وحذر زعماء من العالم وقادة عسكريون بان المعركة قد تكون طويلة وصعبة.
وقال الرئيس الاميركي باراك اوباما الثلاثاء "الموصل ستكون معركة صعبة. سيكون هناك كر وفر".
وتوقع ضباط كبار ان يستمر القتال أسابيع، فيما رأى وزير الدفاع الفرنسي إيف لودريان ان الامر قد يستمر أشهرا عدة.
وتتخوف المنظمات غير الحكومية والامم المتحدة من نزوح قرابة مليون شخص من المدينة بحثا عن ملاذ آمن، وسيحتاج أغلب هؤلاء الى مأوى وإعلان حالة طوارىء لتأمين حاجاتهم الانسانية.
وقال المتحدث باسم البنتاغون الكابتن جيف ديفيس "نعلم انهم (المدنيون) سيستخدمون كدروع بشرية".
واضاف "انهم محتجزون هناك رغما عنهم".
واستطاع العديد من المدنيين خلال الايام الماضية من الهروب من الموصل وما حولها الى مناطق اخرى آمنة، وبينهم من توجه الى سوريا التي تمزقها الحرب أيضا
وقالت منظمة "سيف ذي تشلدرن" الاربعاء ان "آلاف العراقيين اليائسين يفرون الى مخيم قذر مكتظ للاجئين السوريين في محاولة للهرب من هجوم الموصل".
واشارت الى وصول حوالى 50 الف من هؤلاء الى مخيم الهول خلال الايام العشرة الماضية.