موسكو - صوت الامارات
اعلنت روسيا الثلاثاء وقف غاراتها على الاحياء الشرقية المحاصرة في مدينة حلب، قبل يومين من دخول هدنة انسانية من ثماني ساعات حيز التنفيذ، اعتبرت الامم المتحدة انها غير كافية لادخال المساعدات.
وياتي قرار موسكو المفاجىء بعد ليلة دامية في مدينة حلب، تخللها غارات كثيفة على الاحياء الشرقية تحت سيطرة الفصائل، تسببت بمقتل خمسة اشخاص على الاقل من عائلة واحدة، وفق المرصد السوري لحقوق الانسان.
واعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو الثلاثاء خلال اجتماع لهيئة الاركان الروسية "اليوم ومنذ الساعة العاشرة (7,00 ت غ) صباحا توقفت ضربات الطيران الروسي والسوري" موضحا ان هذا الوقف المبكر للغارات "ضروري من اجل تطبيق الهدنة الانسانية".
واستبقت موسكو هذا القرار باعلانها مساء الاثنين هدنة انسانية من ثماني ساعات تطبق الخميس بدءا من الثامنة صباحا (5,00 ت غ)، في خطوة رحبت بها الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي لكنهما اعتبرا انها غير كافية لادخال المساعدات.
وتصاعد الضغط الدولي على روسيا، الحليفة الابرز للرئيس السوري بشار الاسد، اثر هجوم بدأه الجيش السوري في 22 ايلول/سبتمبر للسيطرة على الاحياء الشرقية. وتزامن الهجوم مع غارات روسية كثيفة واخرى سورية اوقعت مئات القتلى والحقت دمارا كبيرا لم تسلم منه المستشفيات.
لكن الكرملين نفى الثلاثاء ان يكون القرار مرتبطا بانتقادات فرنسية والمانية. وقال الناطق باسمه ديمتري بيسكوف انه يشكل فقط "بادرة حسن نية من العسكريين الروس".
وجاء التصعيد ميدانيا اثر انهيار هدنة في سوريا في 19 ايلول/سبتمبر، تم التوصل اليها باتفاق اميركي روسي وصمدت اسبوعا، ما تسبب بتوتر بين البلدين ازاء سوريا.
ولم تنجح الجهود والمحادثات الدولية منذ ذلك الحين في احياء وقف اطلاق النار، في وقت اتهم الغربيون روسيا بـ"جرائم حرب" في سوريا.
واوضح شويغو ان وقف الغارات الثلاثاء "يضمن سلامة خروج المدنيين عبر ستة ممرات ويحضر لاجلاء المرضى والجرحى من شرق حلب".
واضاف "في الوقت الذي تبدأ فيه هذه الهدنة الانسانية، ستنسحب القوات السورية الى مسافة كافية تمكن المقاتلين من الخروج من شرق حلب مع اسلحتهم" عبر ممرين خاصين، هما طريق الكاستيلو شمال حلب وسوق الهال في وسط المدينة.
- "فصل المعارضة المعتدلة" -
حملت روسيا واشنطن الشهر الماضي واشنطن مسؤولية افشال الهدنة لعدم ضغطها على الفصائل المعارضة لفك ارتباطها عن جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا قبل فك ارتباطها عن تنظيم القاعدة).
واضاف انه يمكن لوقف الغارات الجوية اعتبارا من الثلاثاء ان يساعد في نجاح محادثات تتمحور حول "الفصل بين المعارضة المعتدلة والارهابيين في حلب" التي يفترض ان تبدأ الاربعاء في جنيف كما قال.
واضاف "نطلب من حكومات الدول التي لها نفوذ على القسم الشرقي لحلب ان تقنع قيادييه بوقف المعارك ومغادرة المدينة".
وتأتي دعوة شويغو غداة تصريحات للسفير الروسي لدى الامم المتحدة فيتالي تشوركين اثر اجتماع مغلق لمجلس الامن حول سوريا الاثنين، قال فيها انه امام مقاتلي فتح الشام احد خيارين إما مغادرة الاحياء الشرقية و"إما ان يهزموا".
واعلن تشوركين ان تركيا وقطر والسعودية "اعربت عن عزمها العمل بصورة دؤوبة مع هذه الفصائل المعارضة المعتدلة كي تنأى بنفسها" عن مقاتلي جبهة فتح الشام.
وتقدر الامم المتحدة وجود 900 مقاتل من جبهة فتح الشام في شرق حلب في وقت يقدر المرصد السوري وجود 400 مقاتل فقط من اصل نحو 15 الف مقاتل معارض.
وكان الموفد الدولي الخاص الى سوريا ستافان دي ميستورا اعتبر الشهر الماضي ان وجود مقاتلي جبهة فتح الشام في شرق حلب يشكل مبررا لموسكو ودمشق لمواصلة الهجوم، مقترحا مرافقتهم "شخصيا" في حال قرروا الانسحاب.
وقبل ساعات من وقف الغارات، افاد مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن بغارات روسية كثيفة استهدفت بعد منتصف الليل أحياء عدة في شرق حلب.
واشار مراسل فرانس برس الى انهيار مبنى على رؤوس قاطنيه فجرا في حي بستان القصر جراء الغارات، ما تسبب وفق المرصد بمقتل عائلة بأكملها، تضم رجلا وزوجته وثلاثة اولاد.
وبعد اعلان موسكو وقف الغارات، افاد المرصد السوري بتوقف الغارات على الاحياء السكنية في شرق حلب تزامنا مع استمرار الاشتباكات على اطراف المدينة.
- هدنة غير كافية -
ويعيش 250 الف شخص في شرق حلب في ظروف انسانية صعبة في ظل الغارات والحصار وتعذر ادخال المساعدات الانسانية منذ ثلاثة اشهر.
وتعليقا على قرار الهدنة، اعتبر المتحدث باسم الامم المتحدة ستيفان دوجاريك الاثنين "ان اي وقف للمعارك ايجابي للسكان (..) ولكن نحتاج الى توقف اطول من اجل ادخال المساعدات"، موضحا ان الامم المتحدة طلبت وقف القتال مدة 48 ساعة على الاقل.
ورأت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فديريكا موغيريني في ختام اجتماع لوكسمبورغ امس انه "يمكن ان تكون هذه بداية (..) وهي بالتاكيد خطوة ايجابية"، لافتة الى ان "التقييم الاخير من وكالات الاغاثة يشير الى الحاجة الى 12 ساعة، لذلك يجب العمل على التوصل الى ارضية مشتركة".
وعقد مجلس الامن امس الاثنين جلسة مشاورات مغلقة استمع خلالها الاعضاء الى احاطة عن الوضع في سوريا من دي ميستورا الذي اشار الى "طرح افكار جديدة" في اجتماع لوزان الذي عقد السبت بمشاركة موسكو واشنطن وعدد من دول المنطقة.
لكنه قال انه لا تزال هناك "خلافات كبيرة" بشأن الطريق الواجب اتباعها لارساء وقف لاطلاق النار.
وتشهد سوريا نزاعا داميا تسبب منذ منصف آذار/مارس بمقتل اكثر من 300 الف شخص وبدمار هائل في البنى التحتية ونزوح وتشريد اكثر من نصف السكان داخل سوريا وخارجها.